"نعمل كالحمير.. ونأكل كالفئران.. ونعيش كالكلاب" بهذه المقولة اختصرَ العديد من العمال المسلمين البلقانيين في سلوفينيا وضعهم المأساوي، فبعد الأزمة الاقتصادية، والتي تدخل عامَها الثاني، لم تعُدْ سلوفينيا ملجأً للكثير من البلقانيين الفارِّين من حياة البطالة، سواء في صربيا أو كوسوفو أو البوسنة، وحتى كرواتيا التي تجاوزتْ نسبة البطالة فيها ال 16%. إن عدد العمال البلقانيين في سلوفينيا يتجاوز ال 200 ألف عامل ومنهم نحو 50 ألف بوسني، الكل يعاني ولا أحد يلتفت إليهم، حيث أصبحت مظاهراتهم نمطًا حياتيًّا عاديًّا، ليس للعمال الوافدين فحسب، بل للمواطنين على سواء، فقد تظاهر العديدُ من العُمَّال أمام المفوضية الدولية بسراييفو، وكذلك وزارة الخارجية البوسنية، وسفارة سلوفينيا بالعاصمة البوسنية، مطالبين بالتدخُّل لحمايتهم وتحصيل حقوقهم، فخلال أقل من عامين، وَجد ما يزيد عن 14 ألف عامل في سلوفينيا -وأغلبهم من البوسنة- أنفسَهم بدون وظائف، ليس ذلك فحسب، بل إن الغالبية العظمى منهم لم يتلقوا رواتب عدة أشهر قبل تسريحِهم من العمل نهائيًّا، فيما تبلغ قيمة الرواتب غير المدفوعة للعمال وأغلبهم في مجال البناء، والأعمال اليدوية، ما يزيد عن 140 مليون يورو. شبكة "الإسلام اليوم" التقت بعدد من هؤلاء العمال في محاولة لإلقاء الضوء على معاناتهم، أحدهم يدعى إبراهيم كافكوفيتش (29 عامًا) يقول: "كنا نعمل ما بين 12 و24 ساعة يوميًّا، والآن يتخلّون عنا بدون تمكيننا من الحصول على كافة حقوقنا"، فيما أكد على أنه لم يتلقَّ كامل حقوقه "بقي لي عند الشركة التي كنت أعمل بها 10 آلاف يورو، وهناك آلاف العمال الذين لم يحصلوا على مستحقاتهم، ولديهم أسر وأبناء يعيشون من رواتبهم". ومما زاد من متاعب العمال البلقانيين، ويهدد كذلك بضياع حقوقهم عمل الكثير منهم في السوق السوداء، يقول جواد أبازوفيتش عباسوفيتش (32 سنة): أعمل منذ 15 عامًا في سلوفينيا، ورغم ذلك لم أحصلْ على ترخيص عمل، ولا يمكنني اللجوء للقضاء للحصول على حقوقي، وتابع: القانون السلوفيني ينصُّ على أن العامل يمكنه الحصول على ترخيص عمل بعد سنتين من الخدمة، ولكن صاحب العمل كان يماطِلُني طوال هذه السنوات، وخشيتُ أن يطردَنِي إن صمَّمْتُ على العمل القانوني، وليس هناك قانون ضد الأشخاص الذين يتعاقدون شفهيًّا مع العمال. أما أسعد كوبيتش (44 عامًا) من منطقة تسازين، فقد حمَّل الحكومتين السلوفينية والبوسنية المسئولية عن المتاعب التي يعيشُها العمال البوسنيون في سلوفينيا: "الناس ذهبوا إلى سلوفينيا من أجل الحصول على لقمة العيش، لكنهم جوعى أكثر من الذين بقَوْا في بلدهم الأصلي، فهنا كما يقال نعمل مثل الحمير ونأكل مثل الفئران، ونعيش مثل الكلاب". وحول ما إذا كان المثل المضروب يعبِّر عن الحقيقة في دولة تعد عضوًا في الاتحاد الأوروبي قال كوبيتش: "أضع بين أيديكم هذه الحقائق وعليكم أن تحكُموا.. نحن 8 أشخاص نعيش في غرفة تتكون من 20 مترًا مربعًا، ولدينا حمام واحد يستخدمه 40 عاملًا". وقد أكد هؤلاء العُمَّال المحتجون أنهم كانوا يتلقون مبلغ 5 يورو للحصول على الأكل اليومي لمدة 7 أيام فقط، وأن ذلك غيرُ كافٍ، مقارنةً بالأعمال الشاقة التي يقومون بها. في المقابل وَعَدَ السفير السلوفيني في سراييفو، فريغور بريسكر، بحلّ مشكلة العُمَّال في بلاده خلال الشهرين القادمين، بينما يقول العمال أن مشكلتهم لا يمكن أن تؤجَّل إلى هذا الحدّ، فيما قال رئيس منظمة "كفى" أندريه كوميك: "هذه فضيحةٌ على كل المستويات، فشركاتُ البناء في سلوفينيا -مثل برينوفا، وبيني، وتاليا- غنِيَّة، ولا يمكن القبول بهذا الأسلوب المُشِين". المصدر: الإسلام اليوم