ما الفرق بين ابن الوفد "سيد البدوي" وابن الإخوان "عصام العريان"؟! .. لعلنا نكتشف هذا الفارق في السؤال الذي وجه للإثنين: في عام 2007 سُئل العريان حول موقف الجماعة من اتفاقية كامب ديفيد، حال وصلت إلى السلطة؟! وفي عام 2010 سُئل رئيس حزب الوفد عن موقفه منها حال بات رئيسا للجمهورية؟! العريان قال بلا تردد: سنحترم الاتفاقيات الدولية.. وبدوي يوم أمس الأول قال: سأعلن مواتها! لست هنا بصدد مناقشة الاتفاقية من حيث الفحوى والمآلات.. وإنما بصدد التأمل في رد فعل القيادي الإخواني والزعيم الوفدي بشأن مسألة تتعلق بادراك الخطوط الفاصلة بين "رجل الدولة" و"المعارص السياسي". السؤال يُدرج فيما اسميه بالأسئلة الافتراضية والتي عادة ما تكون من قبيل "التوريط الاعلامي" .. فلا الإخوان سيصلون للحكم يوما ولا البدوي سيصبح رئيسا للجمهورية حتى يرى حلمة أذنه. وبالتالي فإنه لا محل للسؤال ولا معنى له إلا الرغبة في انتزاع اجابة قد تثير جدلا وصخبا وثرثرة لا فائدة منها.. غير أن الأمر لا يخلو من فائدة بطبيعة الحال، مثل استجلاء "الوعي" و"النضج" لدى النخبة التي يفترض أنها تمثل "حكومة ظل" بديلة للنظام الحاكم حاليا. وأنا على ثقة من أن هناك من يراقب تصريحات قادات المعارضة، خاصة فيما يتعلق بملفات مفصلية تتقاطع عندها مصالح القوى الدولية والإقليمية في المنطقة ومصر في القلب منها، وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي ذروة سنامه اتفاقية "كامب ديفيد". العريان حين سئل ادرك بخبرته السياسية الطويلة، أن السؤال نقله نقلة كبيرة ومفارقة لوضعين على قمة التناقض: حيث افترض أنه حال وصوله إلى الحكم قد بات "رجل دولة " مسئولا عن شعب وأمام العالم كله، فهو لن يمارس مهام الرئاسة بمعزل عن العالم الذي يراقب ويعاقب ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة.. العريان حين أجاب على السؤال كان بالتأكيد واعيا إلى هذا الفارق : عصام العريان "المعارض السياسي" وعصام العريان "رجل الدولة". سيد البدوي.. في اجابته على سؤال "الرئاسة" خلط بين سيد البدوي المعارض وسيد البدوي رئيس الجمهورية.. واعتقد أنه من "العادي" أن يمارس مهامه الجديدة بذات النفس والروح التي كان يمارس بها السياسة وهو في صفوف المعارضة.. لم يدرك البدوي أن المعارض السياسي يمكنه أن يقول أي شيء في أي شئ وبلا تحفظ ولا قيود طالما ظل متحررا من أية مسئوليات رسمية.. باستطاعته مثلا أن يعلن الحرب على الكيان الصهيوني وعلى أمريكا وعلى الدنيا كلها ، طالما ظل هنااااك جالسا "تحت الصفصافة" يتنفس نسيم العصاري.. أما عندما يكون رجل دولة مسؤلا عن شعب فعليه أن يتحسس كلامه وخطواته وموضع قدميه قبل أن يقوم من مكانه. إنه الفارق بين "المسؤولية" و"الغوغائية".. فشكرا للعريان وللبدوي اللذين كشفا لنا أن المعارضة الإسلامية في صيغتها الممكنة حاليا لا زالت هي الأكثر نضجا والأعلى كعبا حتى على أكبر الأحزاب الليبرالية في العالم العربي . [email protected]