أحد الناجين: عصرنا ملابسنا وشربنا العرق من شدة العطش تركونا 9 ساعات داخل السيارة في الشمس بلا ماء أو هواء استغثنا بالأمن أن ينقذنا من الموت.. فرد: "عاوزينكم تموتوا" الضباط ردوا: "اللي يشتم مرسي ويقول أنا ابن........ هنخرجه" الحراس فتحوا السيارة بشنيور من كثرة الجثث.. والأغلبية ماتوا في السيارة قبل إلقاء الغاز
مأساة حقيقية استمرت لساعات طويلة بحادث "أبو زعبل"، نجا منها بأعجوبة من الموت محمد عبد المعبود ابن قرية هربيط التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، بعدما رأى الموت بعينيه، وفقد أعز أصدقائه في سيارة الترحيلات التي استشهد فيها 38 شخصًا. "المصريون" انفردت بأول حوار صحفي مع عبد المعبود إبراهيم، أحد الناجين من سيارة الموت أو سيارة ترحيلات أبو زعبل، روى خلاله، تفاصيل رحلة الموت واللحظات العصيبة التى عاشها حتى كتب الله له النجاة من الموت المحقق. يقول عبد المعبود: "كنت في رابعة العدوية وحضرت يوم فض الاعتصام وإطلاق النيران من كل ناحية، وكنت ضمن من خرجوا آمنين، وذهبت إلى مسجد الإيمان بصحبة عدد من أبناء قريتي، وحينما وصلنا إلى المسجد، علمت أن محمود محمد عبد المعين ابن قريتي، قد استشهد في فض الاعتصام، وبالفعل وجدناه ضمن الجثث التي كانت موجودة بالمسجد، فأخذناه في إحدى للعودة به إلى القرية بصحبة 20 شخصًا، وأثناء الطريق فوجئنا بكمين للجيش استوقفنا لأكثر من ساعتين، وبعدها تم اصطحابي مع أربعة آخرين، وهم: محمد السيد جبل والدكتور عبد المنعم مصطفى، ومصطفى صقر، وعبد الله أحمد على، في إحدى السيارات إلى قسم مصر الجديدة بزعم وجود أحكام ضدنا. وتابع: وصلنا إلى القسم ووجدنا المحضر معدًا والاتهامات الموجهة إلينا تتضمن حيازة أسلحة وإخفاء جثة وتجمهر، وفى المساء تم عرضنا على النيابة التي قررت حبسنا 15 يومًا". وأضاف: "أقمنا 3 أيام من يوم الخميس وحتى الأحد بالقسم، تم بعدها ترحيلنا داخل سيارة لا تسع أكثر من 20 فردًا ووضعوا فيها 40 فردًا زجوا بهم داخل السيارة وأغلقوا الباب". وقال: "خرجنا من قسم مصر الجديدة حوالي الساعة السادسة صباحًا، وبعد وصولنا إلى سجن أبو زعبل في حوالي الساعة السابعة والنصف، بدأنا نشعر بالاختناق داخل السيارة نتيجة الزحام وحرارة الجو، وحينما استغثنا بالضباط لم يرد أحد علينا،" مشيرا إلى أنه وبعد مرور ساعتين من وقوف السيارة، بدأ زملائي يتساقطون واحدًا تلو الآخر نتيجة حالات إغماء، وبدأنا نقرع السيارة بشدة إلى أن أتى إلينا بعض أفراد الأمن، وحينما قلنا لهم: "الناس بتموت"، ردوا: "مش مشكلة عايزينهم يموتوا". وأكد: "مع مرور الوقت وحرارة الشمس وضيق التنفس أغمي علي من شدة التعب، بعدها أفقت على صوت زميلي الدكتور عبد المنعم، وهو يصرخ ينادي على الأمن بأن ينقذوهم، فردوا عليه بسخرية: "اشتم مرسي وقول أنا ابن ........"، مشيرا إلى أن البعض كان ينصاع لهم من شدة التعب، ومع ذلك لم يرحموا أحدًا طوال 9 ساعات داخل سيارة مغلقة ومكتظة ب45 شخصًا في الشمس المحرقة دون أكل أو شرب أو هواء نتنفسه. وتابع: "في حوالي الساعة الثانية أو الثالثة عصرًا كان الجميع ملقى داخل السيارة بين ميت ومغمى عليه، وفى لحظة فوجئنا بدخول غاز مسيل داخل السيارة". وأضاف: "سمعت العساكر في الخارج تشد أجزاء الأسلحة وكنا ساعتها قد فقدنا ما في أجسادنا من مياه من شدة التعب والأرق، لدرجة أننا كنا نعصر ملابسنا الداخلية ونشرب من عرقنا، ولم يكن فى استطاعتنا أن نقف على أقدامنا، إلى أن تم فتح الباب وحل الكلابش من يدي أنا وأحد زملائى الذي علمت فيما بعد أنه فارق الحياة". وقال: "من كثرة الجثث المتراكمة لم يستطع الأمن فتح الباب فاستعانوا بشنيور كهربائي لقطع أحد جوانب السيارة وإخراج الجثث منها". وتابع: "جاء أحد الضباط بعد خروجهم من سيارة الترحيلات وكان يمرر صاعقًا كهربائيًا على الموتى في محاولة لإفاقتهم ظنًا منه أنهم مغمى عليهم فقط، وبعدها أخذونا إلى داخل السجن، وبعد ساعات بدأت النيابة التحقيق معنا وعلمنا بعد ذلك أن جميع من في السيارة قد استشهد". وأضاف أن النيابة قررت استمرار حبسنا 15 يومًا، ويوم الخميس 29 /8 تم عرضنا مرة أخرى على النيابة داخل محكمة مصر الجديدة، وبعد مرور ساعة تم الإفراج عنا. شاهد الصور: