بالتزامن مع دعوة "التحالف الوطني لدعم الشرعية" إلى مظاهرات جديدة في جميع ميادين مصر في 3 سبتمبر تحت شعار "الانقلاب هو الإرهاب", ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن "الإخوان" لجأوا لتكتيك جديد هو "المظاهرات الخاطفة" للبقاء في المشهد السياسي, وسط مؤشرات عن تصدع تحالفهم مع قوى إسلامية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 2 سبتمبر أن أنصار "الإخوان" بدأوا في الأيام الأخيرة بمظاهرات صغيرة في أماكن متفرقة تستمر عدة ساعات قبل أن تنصرف, فيما يشبه تكتيك "المظاهرات الخاطفة". وقالت شابة محجبة، عرفت نفسها باسم سارة، للصحيفة :"نحن نلتزم السلمية ونعبر عن آرائنا.. هل أصبح هذا الأمر ممنوعا بعد الانقلاب"، في إشارة إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. وهتفت سارة "يسقط يسقط حكم العسكر"، وهو الهتاف الذي طالما رددته قوى ثورية وهاجمه أنصار الإخوان، خلال عام ونصف العام من إدارة المجلس العسكري للبلاد عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير 2011. وتابعت سارة وهي ترفع رمز رابعة العدوية "لقد أخطأت جماعة الإخوان والرئيس مرسي خلال العامين الماضيين, لكن لا يمكن مقارنة الأخطاء بخطايا دعم الانقلاب والانقضاض على مكتسبات ثورة 25 يناير 2011 وقتل الناس في الشوارع.. لماذا كل هذه الدبابات في مواجهة الهتافات". ومنذ نحو أسبوعين تنتشر في شوارع حي المهندسين مصفحات الجيش، وتغلق آليات عسكرية أحيانا الشارع أمام حركة السيارات، خاصة بعد أن حاول أنصار جماعة الإخوان الاعتصام في ميدان مصطفى محمود، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية بالقاهرة، وميدان النهضة بمحافظة الجيزة في 14 أغسطس الماضي. وفشلت جماعة الإخوان على مدار الأسبوعين الماضيين في تنظيم حشد ضخم لأنصارها، بعد أن ارتبكت صفوفها مع توالي الضربات الأمنية التي طالت قيادات الصف الأول في الجماعة، والقيادات المحلية في محافظات البلاد, لكن جماعة الإخوان – حسب الصحيفة- بدأت على ما يبدو في استعادة قدرتها على التواصل والتنظيم، بعد أن بدا أنها فقدتها لحد بعيد خلال الفترة الماضية. وأصدرت جماعة الإخوان في مطلع سبتمبر بيانا عنونته "انتهى عهد النوم والراحة حتى نسترد الثورة"، دعت فيها أنصارها إلى التظاهر اليومي في مختلف ميادين وشوارع البلاد. وقالت إنه لن يهدأ لها بال حتى يتم إسقاط النظام الحالي. وتعهدت بأن يستمر أنصارها في فعالياتهم، قائلة :"إن المتظاهرين سيملأون الميادين والشوارع يوميا ويصعدون من فعالياتهم السلمية وسيبتدعون وسائل سلمية جديدة حتى يتم استرداد الثورة". وبدا لافتا أن تصدر الجماعة بيانها بشكل منفرد بعد أن اعتادت أن تتحرك خلال الشهرين الماضيين تحت مظلة "التحالف الوطني لدعم الشرعية", الذي يضم عدة أحزاب إسلامية. وفي مؤشر على بدء تصدع في صف التحالف الوطني, نقلت تقارير محلية على لسان محمد حسان، المستشار الإعلامي ل"الجماعة الإسلامية" أحد أبرز مكونات التحالف، قوله :"إن التحالف وافق بشكل مبدئي على المبادرة التي يقوم عليها عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، والتي تهدف إلى التهدئة، وتحاور جميع الأطراف، لحل الأزمة الراهنة". وتشمل مبادرة الزمر تعليق المظاهرات المناوئة للجيش، في مقابل إطلاق سراح قيادات في الجماعة والقوى الإسلامية المتحالفة معها ووقف الملاحقات الأمنية لرموز التيار الإسلامي. وخلال عام من حكم مرسي، نظمت قوى معارضة له مظاهرات ضد نظامه، تحولت في أغلبها إلى مواجهات دامية مع قوات الشرطة، ولم تحدث تأثيرا يذكر, لكن نشطاء دشنوا حملة "تمرد" للتوقيع على استمارة سحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات مبكرة انتهت إلى عزله، بعد انضمام فئات شعبية واسعة للحملة. ويبدي نشطاء ليبراليون ويساريون تخوفات من أن يفضي صراع أجهزة الدولة الأمنية مع جماعة الإخوان, التي باتت تعتبرها جماعة إرهابية، إلى عودة ما يصفونه ب"النظام القمعي، لكن لا يزال العداء الشعبي الواسع للجماعة يبقي تلك الأصوات خافتة إلى حد بعيد, حسب الصحيفة. واستقال الشهر الماضي الدكتور محمد البرادعي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية المؤقت، احتجاجا على فض قوات الأمن اعتصامي مؤيدي مرسي بالقوة، وهو ما تسبب في موجة من الاتهامات للرجل, الذي شارك بقوة في توافق الجيش والقوى السياسية على خارطة للمستقبل عقب الإطاحة بمرسي. وكان "التحالف الوطني لدعم الشرعية" دعا المصريين إلى التظاهر مجددا في كل ميادين مصر في 3 سبتمبر بمناسبة مرور شهرين على عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. وجاءت الدعوة إلى مظاهرات 3 سبتمبر بعد سلسلة من الاحتجاجات أطلق عليها "الشعب يقود ثورته", ثم "الشعب يسترد ثورته". وقال إبراهيم الديب عضو تحالف دعم الشرعية لقناة "الجزيرة" إن الاحتجاجات الجارية تمهد لما وصفها ب"ساعة الصفر" المتمثلة في عصيان مدني شامل. وأضاف أنه يجري تدريب الجماهير على ذلك, وأن الشعب المصري قادر على التجاوب مع العصيان, الذي قال التحالف قبل أيام إنه جزء من حراك شعبي سلمي لإسقاط الانقلابو فيما تواصل الأجهزة الأمنية اعتقال أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وآخرين معارضين لعزل مرسي. ومن جانبهم, أعلن عدد من المعتقلين على خلفية مظاهرات "أنصار مرسي", بينهم مراسل قناة أمجاد محمد العادلي، ومحمد صلاح سلطان "نجل الداعية الإسلامي صلاح سلطان"، وعضو مجلس إدارة شبكة رصد الإخبارية سامحي مصطفى، وعضو المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عبد الله الفخراني، عن دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام بسبب ما سموه سوء معاملة وزارة الداخلية منذ اعتقالهم.