نستكمل اليوم بإذن الله مناقشة التعديلات التي إقترحتها (لجنة العشرة) لتكون التعديلات الدستورية على دستور 2012، بينما هي في الواقع - وكما إستعرضنا - تمثل دستورًا جديدًا. المادة (39) مادة الحريات الشخصية: كان النص في دستور 2012 (فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا حبسه ولا منعه من التنقل ولا تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق)، فحذف عدم جواز المنع من التنقل !!، إذًا أصبحت المادة بصورتها الحالية أقل في مجال الحريات، فلماذا يا ترى هذا الحذف ؟!، هل إعتبر المشرع أن حرية التنقل داخلة ضمنًا في الجملة التالية (ولا تقييد حريته بأى قيد)، لكن هذا ليس صريحًا، وحتى لو كان كذلك، فما الضرر في كلمات زائدًا تؤكد على التخصيص في مجال حماية إحدى الحريات، وتنفع ولا تضر ؟!، ما هو الضرر في وجودها، وما هي الفائدة المرجوة من حذفها، واكرر مرة أخرى أنه للأسف لم تشرح لنا لجنة العشرة أيا من أسباب تعديلاتها، ولم تعقد مؤتمرًا صحفيًا لذلك، وكانت جلساتها سرية، لذلك لا يعرف الشعب أي شيئ عن أسباب صياغات مواد دستوره الجديد !!. إلا أن هذه المادة حملت تعديلًا جيدًا في جملة (ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء والفصل فيه خلال أسبوع، والا وجب الإفراج حتمًا)، فتغيرت (حتمًا) إلى (فورًا)، وهو تعديل جيد، إذ أن الحتمية لا تعني الفورية، وقد تتخذها السلطات وسيلة للتراخي، لكن فورًا تتضمن معنى الحتمية وزيادة علىها السرعة الوجوبية.
المادة (40) مادة معاملة المقبوض عليه: حدث فيها حذف خطير يجب على المجتمع التنبيه عليه والتصدي له، إذ كانت المادة في دستور 2012 تقول (كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأى قيد، تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا فى أماكن لائقة إنسانيا وصحيًا، وخاضعة للإشراف القضائى، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يُعاقب مرتكبها، وفقا للقانون)، فحذف بفعل فاعل (ظالم) جملة (ومخالفة شيء من ذلك جريمة يُعاقب مرتكبها، وفقا للقانون) !! ، بالله عليكم لمصلحة من هذا الحذف ؟!!، إلا من يريد مخالفة المادة وإنتهاك كرامة المضبوض عليهم أو تعذيبهم أو ترهيبهم !!.
المادة (41) السجون: حذفت الجملة الإفتتاحية (السجن دار تأديب وتهذيب واصلاح) التي تعبر عن السجن ووجود دور إيجابي له في المنظومة الإجتماعية ، فلماذا حذفت ؟!، لا أحد يعلم !، وإن علم لا يقول !!، كأن هذا الحذف يعفي الحكومة من الإلزامات التي تحول السجن لمنظومة إصلاحية وتهذيبية !.
المادة (43) حرمة المنازل: إشتملت على إضافة جيدة – حبذا لو تنفذ- كان نص المادة في دستور 2012 (ويجب تنبيه من فى المنازل قبل دخولها أو تفتيشها)، فزادت (وإطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن).
المادة (46) حرية التنقل: إحتوت على زيادة غير موفقة، كان نص المادة كالآتي: ( حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة، ولا يجوز بحال إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة الدولة، ولا فرض الإقامة الجبرية عليه إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة)، فزادت في الإستثناءات جملة (أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه)، فخرج هذا الإستثناء من تحت مظلة الحرية المكفولة ليصبح أحد الإستثناءات الممكنة بأمر قضائي مسبب وبالقانون، اي أن المادة بوضعها الحالي أصبحت أقل في مجال الحريات !!.
المادة (47) حرية الإعتقاد: حذفت المادة اللاحقة (تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة) !!!، لماذا ؟!!، حذف مؤسف خاصة في مناخ الإجتراء الذي نعيش فيه.
المادة (50) حرية الحصول على المعلومات: حدث فيها هي الأخرى حذف سيئ، كان النص (وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها، وطريقة الحصول على المعلومات، والتظلم من رفض إعطائها، وما قد يترتب على هذا الرفض من مساءلة)، فحذف التظلم والمساءلة !!.
المادة (51) حرية الصحافة: حدث فيها تبديل خطير لكلمة واحدة، ففي نص 2012 (والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة فى زمن الحرب أو التعبئة العامة)،فتغيرت (التعبئة العامة) وهي حالة عسكرية خاصة إلى (إعلان حالة الطوارئ) !.
المادة (53) وللمواطنين حق الإجتماع الخاص: أضيفت (في هدوء) !.
المادة (54) حق تكوين الأحزاب: تغيرت تكوين الأحزاب (بمجرد الإخطار) إلى (بإخطار تنظمه القانون) !!!، وزاد منع الأحزاب على اساس ديني أو بناء على التفرقة، أو ممارسة نشاط معاد لنظام المجتمع (عدنا لهذه الجمل المطاطة) !!، أو ذات طابع عسكري.
وفي المحصلة نجد أن باب الحريات الذي هوجم دستور 2012 كثيرًا بسببه دون وجه حق قد تم الحفاظ عليه تقريبًا !!، إلا من بعض التعديلات أغلبها سلبي في مجال الحريات، ويعفي الحكومة من واجبات وما يتبعها من مساءلات !!.
م/يحيى حسن عمر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.