تعالوا نتصارح حتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال كسوفا وخجلا، او هروبا وخوفا من مواجهة الحقيقة. أرجوك اقرأ جيدا، سواء كنت ممن يعتقدون بأن أهل سيناء «خونة» كانوا يقتلون ضباطنا وعساكرنا اثناء عودتهم من «نكسة» 1967 كي يسرقوا اسلحتهم واحذيتهم!!. او كنت ممن يوقنون بأن أهل سيناء ابطال اشاوس كانوا يخاطرون بحياتهم لإخفاء جندي او ضابط عائد من مذبحة 67، حافي القدمين يكاد يموت جوعا وعطشا حتى أنقذه اهل سيناء من براثن موت محقق.. وعدو غادر يلاحقه.. ثم كان لهم دور عظيم في نصر 1973. سواء كنت من هؤلاء أو أولئك فهناك عدة حقائق تتكشف يوما بعد يوم.. سيناء هي أكثر أرض مصرية ارتوت بدماء جنودنا على مر التاريخ، ولها في قلوب المصريين معزَّة خاصة، إضافة الى ما نعرفه جميعا، وما لا داعي لتكراره عن ثروات سيناء وموقعها، وما يمكن أن تقدمه لمصر الأم الآن. سيناء الآن تدفع ثمن إهمال جسيم يجب أن يحاسب عليه نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك كله، لما ارتكبه من جرائم طوال 30 عاما منذ ان غنت السيدة شادية - أطال الله عمرها - «سينا رجعت كاملة لينا.. ومصر اليوم في عيد»،.. ويبدو ان احتفاء «شادية» كان أقصى ما حصلت عليه سيناء الحبيبة من نظام حسني مبارك، فبعد ذلك اختزل مبارك سيناء كلها في منتجع صديقه حسين سالم «شرم الشيخ»، ناسياً ان الجزء الأهم والأخطر والأولى بالرعاية والاهتمام هو شمال شرق سيناء، حيث حدودنا المشتركة مع العدو الاسرائيلي و«الصديق» الفلسطيني، فترك مئات الآلاف من المواطنين المصريين في رفح والشيخ زويد والعريش والحسنة ونخل وبئر العبد وغيرها دون اهتمام يذكر، اكثر من 400 الف مصري استوطنوا هذه البقاع إرثاً عن اجداد اجدادهم، دون رعاية صحية او اجتماعية، او مصانع يعمل بها ابناؤهم او جامعات - اللهم إلا ما فعله رجل الاعمال حسن راتب ومجموعة صغيرة معه -، بينما يرون ابناء عمومتهم من ابناء القبائل على الجانب الآخر من الحدود يتحدثون عن «الحياة» الأقرب للإنسانية في اسرائيل، رغم كل شيء آخر من احتلال وتفرقة عنصرية وغيرها. 30 عاماً من الاهمال افرزت أنماطاً متباينة من البشر الراغبين في توافر سبل الحياة الكريمة، تفرقت بهم السبل، وكلها بعيدة عن «الدولة» المصرية، البعض اكتفى بالزراعة البدائية، والبعض انخرط في زراعة المخدرات، والبعض في تهريب الافارقة و«المصريين» الى اسرائيل!! هل تتخيلون «مصرياً» يهرب من جحيم «مصر مبارك» الى جنة إسرائيل المزعومة، ومن لا يصدق فليرجع لإحصاءات أعداد المصريين الذين يعيشون في إسرائيل ويتزوجون إسرائيليات! ثم جاء «بيزنس» التهريب عبر الأنفاق، الذي تقدر التجارة خلاله بسبعة مليارات جنيه مصري سنوياً، عبر حوالي 400 نفق، ومع وجود «فتاوى» بأن الحدود بين بلاد المسلمين حرام، وبالتالي فالجمارك لا معنى لها. اقتنع الكثيرون – أو أقنعوا أنفسهم – بمشروعية التهريب حتى أنهم أسموه «تجارة الأنفاق»!!.. وكانت سلطات «حماس» في غزة تفرض رسوماً جمركية تدخل خزينة الحكومة من هذه التجارة المحرمة!. ومع الإهمال الحكومي «الغبي» أو «المتغابي» وصلت سيناء إلى ما هي عليه، بؤرة لكل ما هو «مهرَّب»: مخدرات.. أسلحة.. بشر.. سلع مصرية مدعمة.. سيارات مسروقة. وازدهر الأمران معاً: البيزنس المربح واستباحة الجماعات التكفيرية لأرض الفيروز، وربما تقاطعت أو تعاضدت مصالح المهربين والتكفيريين مع مصالح بقية أهلنا في سيناء، وبالتالي عندما تأتي الحكومة الحالية لتصحح كل أوضاع سيناء المقلوبة مرة واحدة.. تقضي على الجماعات الإرهابية، وتدمر مئات الأنفاق، وتوقف «بيزنس» بمليارات الجنيهات هو المورد الرئيسي للدخل لمئات الآلاف من أهلنا وأخوتنا الذين أهملناهم على مدى 30 عاماً، ستجد الكثير من الرفض والمقاومة وعدم الرضا. طبعاً لا يفهم أحد من كلامي أنني ضد هدم الأنفاق، بل لابد من إلغائها واستعادة هيبة الدولة،.. ولا يعتقد أحد أنني ضد تطهير سيناء من الجماعات المتشددة، بل يجب التصدي وبكل حزم لكل من حمل سلاحاً ضد الدولة. ولكن ما أقصده أن ما أفسده نظام مبارك في سيناء على مدى 30 عاماً، لا يمكن إصلاحه في 30 يوماً من ردم الأنفاق ومواجهة الإرهاب.. هكذا ببساطة. مشكلة سيناء أعمق من ذلك، فلا تتعاملوا معها بتبسيط مخلِّ يؤدي إلى تعقيدها، والجأوا لخبراء حقيقيين وخطة تنمية «سريعة جداً» وحقيقية تعيد التوازنين الاقتصادي والاجتماعي لأهل سيناء وتعيدهم إلى أحضان أمهم مصر. حتى لا يقع محظور نندم عليه جميعاً.. ونفتعل أننا فوجئنا به!!. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66