لم ينه تقرير الطب الشرعي حول واقعة وفاة الشاب خالد سعيد (29 عاما) الذي فارق الحياة في 6 يونيو الماضي، الجدل حول الواقعة، في ظل تصاعد الشكوك حول أسباب الوفاة خلافًا لما أعلنه التقرير عن أنها جاءت بسبب ابتلاعه "لفافة بانجو" أدت إلى انسداد القصبة الهوائية، فيما يتناقض مع رواية أسرة الضحية وشهود عيان قالوا إنه تعرض لضرب لمبرح أفضى إلى الموت على يد اثنين من رجال الشرطة، التابعين لقسم سيدي جابر، وهو ما نفته وزارة الداخلية المصرية. وقال بيان صادر عن بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر إن "رؤساء البعثات الدبلوماسية لدول الاتحاد الأوروبي في مصر يعربون عن قلقهم إزاء ظروف وفاة خالد سعيد (..) بعد التقارير المتضاربة" عن هذه الواقعة "وتناقض أقوال الشهود وبيانات أسرة سعيد ومنظمات حقوق الإنسان (المحلية) مع النتيجة التي انتهى إليها التشريح الثاني للجثة". وأضاف البيان أن سفراء دول الاتحاد الأوروبي "يرحبون بإعلان السلطات المصرية استعدادها للقيام بتحقيق قضائي في وفاة خالد سعيد ويتطلعون إلى أن يجرى هذا التحقيق بشكل غير منحاز وشفاف بما يقود إلى إنهاء هذا التضارب بطريقة ذات مصداقية". وأكد البيان أنه "على ضوء الالتزامات التي قطعتها مصر على نفسها خلال المراجعة السنوية الدورية لحالة حقوق الإنسان في مصر (من قبل المجلس الدولي لحقوق الإنسان خلال اجتماعه في جنيف مطلع يونيو الجاري) فإن رؤساء البعثات الدبلوماسية لدول الاتحاد الأوروبي على ثقة من أن السلطات المصرية ستحقق بفاعلية في الادعاءات حول تجاوزات الشرطة وستحاكم مرتكبيها". ويجيء البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي حول الحادث، بعد أن صرحت الخارجية الأمريكية في الأسبوع الماضي بأن الولاياتالمتحدة قلقة حيال وفاة الشاب، وأجرت اتصالا في هذا الصدد بالحكومة المصرية، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي إن واشنطن راضية عن إعلان إجراء تحقيق في الأمر، وتنتظر من السلطات المصرية أن "تحاسب كل من هو مسئول". وبمواكبة الدعوات إلى إجراء تحقيق ذي مصداقية في القضية التي أضحت حديث الشارع المصري، وكانت جزءًا من حالة الحراك السياسي في مصر، تواصلت التحقيقات التي تجريها نيابة استئناف الإسكندرية برئاسة أحمد عمر رئيس النيابة، وقررت استجواب أمين شرطة وشرطي من قوة قسم شرطة سيدي جابر. وتلقت النيابة تقريرا يزعم أن سعيد تم رفته من الخدمة العسكرية "رفت انضباطي"، وأضافت أن حصل على شهادة إنهاء الخدمة العسكرية بدرجة "رديئة" بعد أن ضبط بحيازته مخدر الحشيش أثناء تأديته خدمته العسكرية لمدة 3 سنوات، وصدر حكم ضده بجلسة 21 أبريل من عام 2004 في القضية رقم 881 لسنة 2003 محكمة النزهة للقضاء العسكري بالحبس لمدة 3 شهور مع النفاذ بتهمتي حيازة وتعاطي مواد مخدرة وارتكابه سلوكا مضرا للضبط والربط العسكري، وذلك بحسب مزاعم التقرير الذي تلقته النيابة وزعم التقرير أيضا أن سعيد ضبط بحيازته مواد مخدرة وحررت ضده القضية رقم 34078 لسنة 2001 جنايات العامرية، وصدر ضده حكم غيابي عام 2002 بالحبس لمدة 3 سنوات، وأعيدت إجراءات محاكمته ليصدر حكم بالبراءة في هذه القضية. وكان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أعلن الأربعاء الماضي أن إعادة تشريح جثة خالد سعيد أظهرت أن الوفاة نجمت عن إصابته باختناق نتيجة ابتلاعه لفافة مخدر نافيا بذلك عن الشرطة شبهة تعذيب الشاب حتى الموت، غير أن المحامين الذين وكلتهم أسرة خالد سعيد شككوا في صدقية إعادة تشريح الجثة. وتواترت تقارير لمنظمات حقوق الإنسان استنادًا إلى شهود عيان تؤكد أن الشاب اقتيد خارج مقهى للانترنت في الإسكندرية بعد رفضه الخضوع لتفتيش عناصر شرطة باللباس المدني، ثم تعرض للضرب المبرح في الشارع. وأكد مركز النديم لحقوق الإنسان إنهم "جروه بالقوة إلى خارج المقهى حيث ضرب في الشارع حتى الموت". ووصف بعض الجيران خالد محمد سعيد بأنه "شاب عادي" يمضى أغلبية وقته في الاستماع إلى الموسيقى وتصفح الانترنت. وكان الحادث أثار ردود فعل دولية، إذ دعت منظمة العفو الدولية إلى "تحقيق فوري ومستقل" حول مقتل خالد "عندما كان في عهدة القوات الأمنية"، وفي الأسبوع الماضي قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن هناك أدلة على أن شرطيين ضربا سعيد حتى الموت وان الحكومة لم تفسر علامات الضرب الموجودة على جسمه.