برأت اللجنة الثلاثية التي انتدبها النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، الشرطة في واقعة وفاة الشاب خالد سعيد، وانتهت إلى ذات النتيجة التي خلص إليها التقرير الأولي للطب الشرعي بأن الوفاة ناجمة عن اختناق، نتيجة انسداد في القصبة الهوائية، بسبب ابتلاعه لفافة بانجو، وفسّرت آثار الإصابات على جسده بأنها ربما حدثت أثناء محاولة السيطرة عليه من قبل رجال الشرطة. ولم يحسم التقرير الجدل حول أسباب الوفاة، بعدما عبر حقوقيون عن شكوكهم فيما انتهت إليه اللجنة الثلاثية، وأكدوا- استنادًا إلى روايات أسرته وشهود عيان- أنه تعرض للسحل من قبل اثنين من أفراد الشرطة، وأنه تعرضه للاعتداء الوحشي بالضرب هو سبب وفاته ولا صحة للمزاعم عن ابتلاعه لفافة البانجو، وعلق محامي الضحية بغضب على التقرير بقوله أنه سيطالب النيابة بضم كاتبه ضمن قائمة المتهمين في الجريمة ، في الوقت الذي اعتبر فيه المحامي الإسلامي مختار نوح أن تقرير اللجنة أدان الشرطة من حيث أراد تبرئتها. وجاء صدور التقرير غداة قيام الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب "الغد" بزيارة أسرة "شهيد الطوارئ"، مساء الثلاثاء، وقبل يومين من زيارة مماثلة يعتزم الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بها إلى منزل أسرة الضحية لتقديم واجب العزاء إليها، وتنظيم وقفة احتجاجية دعا إليها بعد صلاة الجمعة بمنطقة سيدي جابر، بمشاركة ممثلين عن كافة القوى السياسية. من جهتها، أعلنت "حملة مناهضة التعذيب" عن قيامها بإجراءات لمحاكمة اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية بعد تسلمها آلاف التوقيعات عبر الموقع الرسمي لجماعة "الإخوان المسلمين"، حيث تعتزم مقاضاته هو ورجال الشرطة "المتورطين" في قضية "مقتل" الشاب خالد سعيد. وكان المستشار ياسر رفاعي، المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية، تلقى أمس الأربعاء التقرير النهائي من مصلحة الطب الشرعي، بشأن وفاة الشاب، والذي تم إعادة تشريح جثته بمعرفة اللجنة الثلاثية برئاسة كبير الأطباء الشرعيين، الدكتور السباعي أحمد السباعي. وقال التقرير إن الوفاة حدثت نتيجة "إسفكسيا" الاختناق، نتيجة انسداد المسالك الهوائية بجسم غريب، ثبت من تحليل هذا الجسم أنه عبارة عن لفافة بلاستيكية تحوي مادة خضراء اللون ثبت أنها لنبات البانجو. وأضاف أنه تبين بعد إعادة تشريح جثة المتوفى وجود إصابات بها تتفق مع ما هو مثبت بتقرير الطب الشرعي الأول لتشريح الجثة وأن هذه الإصابات يمكن حدوثها نتيجة اصطدام الشاب بجسم صلب أو الضرب وأن هذه الإصابات بسيطة ولا تؤدي للوفاة. وتبين من تحليل أحشاء الشاب وجود مادة "الترامادول" المدرجة بجدول المخدرات، وأن الصورة التي التقطت وقدمت إلى النيابة، والخياطة الموجودة بها، كانت بعد إجراء عملية التشريح، كما ذكر التقرير. وقررت النيابة العامة استدعاء أمين الشرطة محمود صلاح محمود والرقيب عوض إسماعيل سليمان من قوة قسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية لاستجوابهما في الواقعة واستدعاء أهل المتوفى لمواجهتهم بما ورد بالتقرير. وكان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قرر ندب لجنة ثلاثية من مصلحة الطب الشرعي بالقاهرة برئاسة كبير الأطباء الشرعيين لإعادة تشريح جثة الشاب الذي توفي في السابع من يونيو بعد أن اتهمت أسرته اثنين من أفراد الشرطة بالاعتداء عليه بالضرب عقب إلقاء القبض عليه داخل مقهى إنترنت بالقرب من سكنه بكليوباترا بسيدي جابر وسط الإسكندرية. وأشارت التحقيقات التي باشرها رئيس نيابة استئناف الإسكندرية احمد عمر إلى أن الشاب ابتلع لفافة بداخلها مخدر البانجو كانت بحيازته خشية ضبطها معه أثناء إلقاء القبض عليه ما أدى إلى وفاته، وتواصل النيابة تحقيقاتها في القضية. من جانبه، قال المحامي الإسلامي مختار نوح شكوكه في تعليق ل "المصريون" إن التقرير الصادر عن اللجنة الثلاثية التي شكلها النائب العام لإعادة تشريح جثمان خالد سعيد أدان أجهزة الأمن من حيث أراد تبرئتها. وشكك في مصداقية التقرير واعتبره محل تساؤل، وقال إن "العدالة في مصر قد ماتت ووسدت التراب"، مشيرا إلى أن القرارات والأحكام صارت تتخذ بالتوافق ولا علاقة لها بالعدالة والقانون، مرجحا أن يتم في النهاية إغلاق ملف "شهيد الطوارئ" رغم الضجة التي تثيرها القوى المناهضة للتعذيب. وشدد على أن ما أورده التقرير حول وجود إصابات في جسد الضحية حتى لو كانت بسيطة يدين ضابط ومخبري الشرطة على الشاب بالتعذيب ويحيلهم إلى متهمين، كونهم استخدموا التعذيب كأداة لانتزاع اعترافات من يستوجب إحالتهم للمحاكمة بسبب استخدام القسوة للقبض على المتهم، وقال إنه بمقتضى هذه العبارات وبمقتضى العدالة يجب تقديم المتورطين للمحاكمة إذا كانت هناك عدالة. ومن المقرر أن تشهد الإسكندرية وقفة احتجاجية بعد صلاة الجمعة في الثانية ظهر غد بمنطقة سيدي جابر، يقودها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويشارك في الوقفة كل من جورج إسحاق، المنسق العام بحركة "كفاية"، وأبو العز الحريري، الناشط اليساري وعضو مجلس الشعب السابق، والدكتور حسن نافعة، المنسق العام ل "الجمعية الوطنية للتغيير"، والمستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، بالإضافة لأعضاء "الجمعية الوطنية للتغيير" بالإسكندرية.