إن مما يثير الأسى والأسف أن مفكرا قبطيا شريفا وضع كتابا ينتقد فيه جرأة أمثال رفعت السعيد على الإسلام والحضارة الإسلامية ، ويرى أن ذلك يمثل خدمة لقوى أجنبية تغريبية لا تريد الخير لمصر ، فكتب رفعت السعيد مقالة بشعة ، يعرض فيها بهذا المفكر القبطي الشريف ويعيره بأنه مسيحي فلماذا يدافع عن الإسلام !! وكتب في مقالة له في صحيفة الأهالي الناطقة باسم حزبه يقول : "السيد رفيق حبيب وهو أحد مؤسسي حزب الوسط الإخواني المنبت والأصل والتوجه ، المسيحي الديانة ، الإنجيلي المذهب ، ارتدى عمامة وأمسك بمسبحة ، ولبس سراويل أفغانية وأمسك بكلاشنكوف وطاح في الجميع ولم يبق أمامه كي يصبح متأسلما حقا سوى أن يسمي نفسه الشيخ حبيب خان" (الأهالي بتاريخ 21 8 1996 ، العدد 779 ، من مقالة بعنوان : "التأسلم بين أربكان ورفيق خان) . أرأيتم حجم التهور والهوس ، حتى لو جاءت شهادة الحق من قبطي شريف ، يصفه ويا للعجب بأنه متأسلم ، ويشبهه بجماعات العنف الأفغانية التي تحمل السلام وتطيح بالجميع على حد تعبيره ، بل إن الجرأة تصل به إلى حد أن يشبه هذا المفكر الشريف بالراقصات التي تهز الوسط ، لا لشيء إلا لأنه انضم إلى حزب تحت التأسيس يدعو إلى احترام الإسلام والشريعة وهوية الأمة ، فكتب في مقالة تقطر عدوانية ضد الدكتور رفيق حبيب يقول : "تماما كما يفعل المتأسلمون المخضرمون يحاول د. رفيق حبيب خداعنا ، وهو يتقدم إلينا وهو المسيحي الإنجيلي وقد أطلق لحية ولبس عمامة وجلبابا وتزيا بالزي الأفغاني المتأسلم ، محاولا إيهامنا بأنه محافظ على ديانته ومؤكد للتأسلم في آن واحد" .. ثم يضيف : "ولأن د. رفيق حديث في صنعة الفكر المتأسلم فإنه يخلط الأوراق بغير ذكاء ، ويأتي بتركيبات لغوية مرتبكة محاولا أن يتبدى وكأنه بالفعل وسط ، بينما هو لم يفعل أكثر من مجرد هز الوسط " (جريدة الأهالي ، العدد 757 بتاريخ 20 3 1996) ، وأترك لعدالة المحكمة تقدير مثل هذا الأسلوب في الحوار الفكري والسياسي .. في مقاله المنشور بجريدة الأهالي بتاريخ 19 4 1997 ، العدد 812 ، وتحت عنوان "يا أستاذ مشهور صمتا" كتب يقول : "والأستاذ مصطفى مشهور إرهابي قراري ، كان من الرعيل الأول لإرهابي الجماعة" ، وذلك في نقده للأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، وأحد الرموز السياسية المعروفة . في مقاله المنشور في صحيفة الأهالي بتاريخ 19 2 1997 ، العدد 805 ، كتب مهاجما المستشار طارق البشري ، نائب رئيس مجلس الدولة تحت عنوان "سيادة المستشار للخلف در .." ، وعلق على دعوته للتجديد والاجتهاد والعودة إلى المصدر الأول مباشرة متخففين من الالتزام الكامل باجتهادات السابقين ، علق على ذلك قائلا : "ويذكرني في هذا القول بدعوة أكثر المتشددين المتأسلمين تشددا شكري مصطفى أمير جماعة التفكير والهجرة" ، ولا شك في أن تشبيه السيد المستشار بأحد المتطرفين العتاة الذين اغتالوا الشيخ الذهبي وأدانهم القضاء هو نوع من التجريح البشع ، والإهانة غير اللائقة . في جريدة الأهالي بتاريخ 27 8 1997 العدد 832 ، وتحت عنوان "المتأسلمون .. بغاة لا دعاة" ، هاجم الكاتب الصحفي في الأهرام الأستاذ فهمي هويدي ووصفه بأنه "مريض" وأنه يناشد الحكومة أنه تودع أمثاله مستشفى الأمراض العقلية ، كما وصفه صراحة بالحماقة وأنه من البغاة المتأسلمين ، فكتب في المقال المذكور يقول : "وذوو الغرض كثيرون ولكن أكثرهم غرضا هو ذلك الذي يكرس كتاباته والمساحة التي تسبكها له وبلا حساب صحيفة حكومية لتمجيد التأسلم وتبريره وتمريره" ثم يضيف "ولأن الغرض مرض ، والمرض مزمن ، فإن الكاتب قد وجدها فرصة لتصفية حسابات صغيرة بطبعها مع الأهالي ، وبالمرة تكون الفرصة سانحة لتمرير بعض الدعاوى المسممة بأفكار التأسلم" ثم أشار إلى أنه يقصد فهمي هويدي ومقاله المنشور في الأهرام بتاريخ 19 8 1997 ، وعنوانه : "عن مبادرة وقف العنف" ، ثم ختم رفعت السعيد مقاله معقبا على مقتطفات من مقال فهمي هويدي بقوله : "والكلمات واضحة ، لا تحتاج إلى تفسير ، لكنها قد تحتاج إلى تعليق موجز : إن الحماقة أعيت من يداويها ، أليس كذلك ، لكن الأمر استوقفني أمام حكم محكمة مصرية، والحكم القضائي هو عنوان الحقيقة ، حكم أكد على ضرورة إيداع أمثال هؤلاء البغاة من المتأسلمين في مستشفى الأمراض العقلية ، فمتى متى تلتزم الحكومة بأحكام القضاء ؟ في كتابه "ضد التأسلم" علق على موقف قيادات حزب العمل من بعض القضايا السياسية فوصفهم بالكذب ، وقال بالحرف الواحد : "هم يكذبون" (ألصفحة 210 من الكتاب) . هاجم النخبة من المثقفين المتدنيين في النقابات المهنية بأبشع الأوصاف ، فوصف المحامين والصحفيين والمهندسين والأطباء والصيادلة وغيرهم من التيار الإسلام بأنهم "لصوص" صراحة وبلا أدنى التواء ، ففي مقاله المنشور بجريدة الأهالي بتاريخ 25 9 1995 وأعاد نشره في كتابه "ضد التأسلم" كتب يقول : "منذ تعرضت النقابات المهنية لغزو التيار المتأسلم المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ، والتي تسللت إلى النقابات وغيرها متسترة بشعار الإسلام هو الحل ، منذ هذه الغزوة وفضائح السرقات ونهب الأموال تفرض نفسها على كل متهم بمصير هذه النقابات" ، ثم يضيف قائلا : "ويبقى بعد ذلك سؤالان ، أولهما : لماذا لا يقدم هؤلاء اللصوص إلى المحاكمة ؟ هل لأن البعض لم يزل يمسك العصا من المنتصف ؟ ، والسؤال الثاني : هل لا زال من حق اللصوص أن يتستروا مرة أخرى تحت شعار الإسلام هو الحل ، أم آن الأوان لأن نتعامل معهم على حقيقتهم ، لصوص ، مجرد لصوص" (الصفحات 194 ، 196 من الكتاب المذكور) ويلاحظ أنه رماهم بهذا الوصف البشع رغم اعترافه بأنهم لم يحاكموا من القضاء ، بل إنه أعاد التأكيد على هذا الاتهام في مقال لاحق ، نشره في جريدة الأهالي بتاريخ 13 3 1996 العدد 756 ، وتحت عنوان : "في كل مكان .. هم لصوص" ، فكتب يقول : "وإذا كان لصوص جماعة الإخوان المنحلة قد نهبوا أموال النقابات المهنية بدعوى الاستحلال ، أي استحلال أموال المجتمع الكافر الذي هو مجتمعنا فإن اللصوص من حكام السودان قد نهبوا أموال شهب بأكمله" ، ثم ينهي مقاله قائلا : "وأيا كانت الإجابات فإن جريمة السرقة ثابتة في حقهم جميعا ، هنا في مصر وهناك في السودان" ، وهكذا اغتصب منصة القضاء ليصدر أحكاما نهائية بإدانة خصومه بالسرقة واللصوصية .