تعرف على سعر الدولار اليوم الخميس 2 مايو مقابل الجنيه    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نظيره الإسرائيلي مفاوضات صفقة تبادل الأسرى واجتياح رفح    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    عاجل.. الزمالك يفاوض ساحر دريمز الغاني    رياح وشبورة.. تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 2 مايو    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم قلنديا شمال شرق القدس المحتلة    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    التحضيرات الأخيرة لحفل آمال ماهر في جدة (فيديو)    ما الفرق بين البيض الأبيض والأحمر؟    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    أول ظهور ل أحمد السقا وزوجته مها الصغير بعد شائعة انفصالهما    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني يواصل تصدره التريند بعد عرض الحلقة ال 3 و4    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 2 مايو 2024    مُهلة جديدة لسيارات المصريين بالخارج.. ما هي الفئات المستحقة؟    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    بشروط ميسرة.. دون اعتماد جهة عملك ودون تحويل راتبك استلم تمويلك فورى    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    صندوق مكافحة الإدمان: 14 % من دراما 2024 عرضت أضرار التعاطي وأثره على الفرد والمجتمع    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2 مايو في محافظات مصر    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    اشتري بسرعة .. مفاجأة في أسعار الحديد    النصر يطيح بالخليج من نصف نهائي كأس الملك بالسعودية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    أول تعليق من الصحة على كارثة "أسترازينيكا"    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    لبنان.. الطيران الإسرائيلي يشن غارتين بالصواريخ على أطراف بلدة شبعا    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات الأوكرانية تصد 89 هجومًا روسيًا خلال ال24 ساعة الماضية    حمالات تموينية للرقابة على الأسواق وضبط المخالفين بالإسكندرية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    الوطنية للتدريب في ضيافة القومي للطفولة والأمومة    وزير الأوقاف: تحية إعزاز وتقدير لعمال مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبادة وأزمة السلوك
نشر في المصريون يوم 14 - 08 - 2013

الاسلام دين حقوق وواجبات، واذا ما عرف المسلم ما له من حقوق وما عليه من واجبات لصلحت الدنيا ولوقر الدين فى القلب ، وسلوك العابد دليل على صحة عبادته من عدمها فالحق سبحانه وتعالى لما اراد ان يأمر عباده بالامتثال له طاعة لامره واجتنابا لنهيه استتبع هذا الامر بجملة من الضوابط لتحقيق هذه العبادة فى صورتها المثلى فقال تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) النساء 36 فصدرت الاية بحق لا يجب الا لله عز وجل وهو العبادة ثم قرن هذا الحق بجملة من الحقوق الواجبة للعباد كبر الوالدين وذوى القربى واليتامى والمساكين والجيران وابناء السبيل والازواج وهذا يدل على ان جميع الشعائر التى يؤديها المسلم من صلاة وذكاة وصيام وحج ليست هى المقصودة بذاتها وانما المقصود هو اثرها على سلوك الفرد فكل عبادة جاء الامر بها فى القران الكريم نجد دائما ورائه القرينة التى من اجلها جاء الامر يقول الحق سبحانه وتعالى فى فرضية الصلاة (واقم الصَّلاةَ) فعند هذا الحد الصلاة هى مجرد حركات رياضية قد يؤديها المرء بلا تعقل فيكون كما قال ابن عباس رضى الله عنهما : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، حتى قال : إلا عشرها"، فإن الصلاة إذا أتى بها كما أمر نهته عن الفحشاء والمنكر، وإذا لم تنهه دل على تضييعه لحقوقها ، فاذا ما اكملنا الاية (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) العتكبوت 45 يتضح الامر وضوحا جليا لا لبس فيه ان القضية خرجت من كونها حركات قد تؤدى على عجالة الى وسيلة من وسائل تهذيب النفس وتربية الضمير يُروى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله استعمل رجلاً على أمرٍ ما، فقال له الرجل: لِم وليتني؟ قال له: لأني رأيتك وأنت تحسن صلاتك، ورأيتك خاشعاً فيها، وما دمت أديت حقَّ الله عليك وأحسنت أداءه، فمن باب أولى أن تؤدي الحقوق والواجبات الأخرى وفى حديث النبى صلى الله عليه وسلم المرفوع "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تذده من الله الا بعدا" فهنا تحولت الصلاة الى عقاب اللهى للتقصير فى حقها الطبيعى وهو تهذيب النفس وليس مجرد اتيانها على وجهها الفقهى فقط.
وكذلك عبادة الصيام ليست مجرد التجويع للبطن والوقوف حائلا بين المرء وما جبل عليه من عادات يقول الله عز وجل فى فرضيتها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة .183اذا فالصيام ليس مجرد تشريع اجوف وأنما هو مدرسة متكاملة يتم فيها ترويض النفس واكسابها نوعا من الترفع عن الخطايا والتعالى على الرزايا ولذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم(الصيام جنة) والجنة هو ذلك الشىء الذى يرتديه المحارب ليقيه من ضربات العدو التى قد تاتيه على حين غرة منه وقد كان التوجيه النبوى صريحا ومباشرا فى هذه القضية ليكون اتباع هذا الدين على بصيرة من امرهم وليعلموا ان الصيام ما لم يحقق الهدف المرجو فهو بلا قيمة او معنى فالله عز وجل غنى عن ان يجوع عباده بغير هدف يعود بالنفع عليه فالنبى صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع.......)
واما الحج وهو الركن الخامس من اركان الاسلام فلقد قال الله تعالى (لْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَاأُوْلِي الْأَلْبَابِ(197(وهذه السلوكيات التى يلتزمها الحاج فى ارض الحرم انما هى تمهيد واعداد لعودة الرجل والمراة الى لحظة ميلاد جديد والى بداية جديدة يصلح فيها علاقته مع الخلق، فليس الحج سلوك مناسكى خاص بالحاج بقدر ما هو تربية جماعية للناس جميعا فما يستشعره الحاج وهو فى رحاب بيت الله الحرام من روح الجماعة والتعاون واحتمال الاخرين وتقديم العون بلا مقابل لهو دليل وبرهان على ان فريضة الحج انما هى هبة للناس جميعا حتى الذين لم يوفقوا للذهاب الى بيت الله الحرام وهم فى شوق فى ذلك ينالهم شىء من هذه الهبة من خلال ما ينعكس عليهم من سلوك الحاج الذى وفق للزيارة فلك ان تتخيل رجل عاش حينا من الدهر يكذب ويرتكب من المحرمات ما جعل المجتمع يضيق به ذرعا ويلفظه الناس وما ان ادى هذه الفريضه واستشعر ما فيها من المعانى الساميه ثم عاد فارتقى بسلوكه فى معاملته مع الناس فاستشعروا هم ايضا المعجزه التى حولته بهذه الصوره
والزكاة تلك الفريضة التى تحقق التكافل بين افراد المجتمع وتصهرهم فى بوتقة واحدة فالغنى والفقير كلاهما فى حاجة للاخر الفقير يحتاج الى الغنى ليسد جوعه والغنى يحتاج الى الفقير ليرضى ربه قال الله تعالى مخاطبا نبيه(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة (103) ليفهم اتباع هذا الدين ان ما يعطونه للفقراء ليس منة منهم او عطية لن تعود عليهم بشيء وانما هى طوق نجاة لهم يستنقذون به انفسهم ويدفعون بها ايضا عن انفسهم ما قد يعترى الفقير من غضب او حسد قد ينغص على الاغنياء حياتهم بل قد يعرضها للخطر.
حتى تقوى الفرد اى ان يجعل بينه وبين حرمات الله وقاية ليس لها قيمة مالم تخرج عن ذاتيتها الى ميدان ارحب والى نطاق اوسع يشمل الناس جميعا فلربما وجدت شخصا مستقيما لا يعاقر الخمر ولا يقرب الزنا ولا يسرق بل يحافظ على الصلاة فى وقتها ولربما كان من اكثر الناس تصدقا لكنه يخالق الناس باخلاق سيئة لا تليق مع تقواه التى يكتمها بينه وبين نفسه، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) وهذا الحديث لا يريد للمسلم ان يكون سلبيا يكف عن الحرام لكنه لا يامر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، فهكذا الاسلام لا يرضى لاتباعه ان يعيشوا من اجل انفسهم، ايضا عندما سئل النبى عن تللك المراة التى تصلى وتصوم وتؤدى ما اؤتمرت به من ربها لكنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال صلى الله عليه وسلم هى فى النار .
الملاحظ المدقق يجد اننا نعيش ازمة حقيقية فى الاخلاق لا سيما بعد ان عرفت الشعوب العربية معنى الثورة وهى ظاهرة طبيعية فى المراحل الانتقالية لدى كثير من الناس ممن هم مرضى النفوس الذين يتحينون لحظات الفوضى لينشروا الذعر فى المجتمع افرادا ومؤسسات لكن ما يقلق ان تنتقل هذه الفوضى الى بقية الناس وهذا بدوره يحتاج الى خطاب دعوى جديد يعتمد على فقه الواقع وليس على مجرد السرد القصصى الاجوف، كما يحتاج الى اعادة صياغة لمفهوم التكاليف الشرعية لدى الناس، وهذا لن يتحقق من خلال الخطب والمواعظ فى المحافل المختلفة وانما يحتاج الى عمل منظومى يتبناه المجتمع كله ويعنى به فى مراحل التعليم المختلفة فاذا كانت الشعوب قد نجحت فى الثورات لتغيير الانظمة الحاكمة فهى فى حاجة اكثر للثورات من اجل استعادة الاخلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.