رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، ما انفك يطلق التصريحات النارية، وتهديده ووعيده لكل من لا يعبأ ب"هيبة" القضاة.. بل توعد نقيب المحامين برد "موجع" و"مؤلم" على "تعدي" محاميين على وكيل نيابة! ولا يوجد في مصر كلها من لا يؤمن بأن هيبة القضاء جزء أصيل من تحقيق العدالة.. كلنا يفزعه "الاستخفاف" بمكانة القضاء ومنزلته.. فإذا اهدرت هيبة القاضي، اهدرت معها حقوق البلاد والعباد واهتزت ثقة الناس في قدرة العدالة على رد المظالم والأخذ على يد الظالم وكف أذاه وظلمه. هذه واحدة من الحقائق التي لا يتناطح عليها عنزان، ولا أدري كيف سنحفظ للقضاء هيبته، ورئيس نادي القضاة يهدد ويتوعد برد "موجع" و"مؤلم" وكأننا إزاء مباراة كرة قدم ثأرية، اعتاد فيها المدربون على اطلاق التصريحات التي تنال من ثقة المنافس في قدرة لاعبيه على تسجيل الأهداف وحسم المباراة لصالحه! تصريحات السيد رئيس نادي القضاة هي التي نالت من هيبة القضاء، وهزت من ثقة الرأي العام في عدالته وحيدته وأظهرته في صورة الاحتكام إلى منطق الثأر وليس إلى الحق والانصاف والعدل حتى لو كان المجني عليه قاضيا أو وكيل نيابة. تصريحات المستشار أحمد زند، .. أساءت فعلا إلى القضاء.. لأنها أوحت إلى الجميع وكأن ثمة "حكم مسبق" و"متفق" عليه حتى قبل مثول المتهمين أمام المحكمة.. كلام الزند يعني ان الحكم صدر بإدانة المحاميين قبل انعقاد المحكمة.. وان الأخيرة كانت مجرد اجراء شكلي لا غير.. وهذه وحدها هي أكبر إهانة للقضاء ولهيبته. كنت اتمنى أن لا يتورط رجال قضاء في تصريحات يشتم منها انهم باتوا رهائن الغضب والرغبة في الثأر.. لأن هاتين الصفتين لا تليقان بالقاضي الذي من المفترض أن يتحلى بالوقار والهدوء وسعة الصدر وعدم الاستجابة لأية سلوك قد يستفزه ويخرجه عن هدوئه وسكينته وميله إلى العدل والحق وانصاف المظلوم ومعاقبة الجاني بغض النظر عن نسبه وحسبه ومكانته المهنية والاجتماعية. لا أحد حتى الآن يعرف من الجاني ومن الضحية؟.. الكل تعمد الشوشرة على الموضوع، حتى بات الرأ ي العام لا يثق في "رواية" أي منهما.. بعد أن بات "الثأر" ومنطق "لي الذراع" و"الرد الموجع" .. هو القانون والمعيار والمنصة التي احتكم إليها الطرفان. مصر اليوم تمر بواحدة من أسوأ أزماتها وأكثرها فضائحية، إذ لن تقتصر تداعياتها الخطيرة، على المشاعر العامة إزاء مؤسسة العدالة، وإنما على ثقة المجتمع الدولي فيها أيضا.. وهي البوابة التي تلج منها كل دعاوى "الوصاية" الدولية على مصر.. بدءا من الانتخابات وانتهاءا بقضايا النفقة والمتعة وبيت الطاعة. لم يعد ثمة حل غير أن يأمر الرئيس مبارك بنفسه، بتشكيل هيئة قضائية مستقلة بمعرفة مؤسسة الرئاسة وإحالة الطرفين وكيل النيابة والمحامين المتهمين إليها.. لمجازاة المخطئ وللخروج من هذه الفضيحة بأقل الخسائر. [email protected]