دعت الهيئة الفرعية للالتزام البيئي (SBI)- إحدى الهيئات التابعة لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ- الأممالمتحدة إلى تقديم الدعم المالي والتكنولوجي للدول النامية وفي مقدمتها مصر، لمساعدتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومواجهة التأثيرات الناتجة عن ظاهرة التغيرات المناخية. وعرضت الهيئة دراسة تفصيلية لمواجهة الحد من ظاهرة الانبعاث الحراري والتغيرات المناخية على مصر، وإنقاذ نحو سبعة ملايين مواطن يواجهون خطر الإغراق والتشريد من بمنطقة الدلتا بمصر، الأمر الذي سيلتزم توفير ميزانية تقدر بنحو 3 مليار و239 مليون دولار. وتوصلت الدراسة التي أعدها فريق من الخبراء المتخصصين في مجال البيئة والتغييرات المناخية إلى ثلاثة سيناريوهات لحماية مصر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومواجهة الخطر الذي يهدد باختفاء مناطق واسعة من المناطق الساحلية والدلتا خلال السنوات القادمة إذا لم يتخذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة الخطر المحتمل. السيناريو الأول هو خط الأساس: ويشمل الخيارات التكنولوجية المستخدمة بالفعل في الوقت الحالي مثل مزارع الرياح بقدرة إنتاج 220 ميجاوات سنويا، وكذا محطة الطاقة النووية بقدرة 1000 ميجاوات حتى عام 2017، بالإضافة إلى استخدامات الطاقة الشمسية وغيرها، بإجمالي انبعاثات قدرها 691 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وإجمالي خفض قدره 192 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاستخدام الطاقات المتجددة، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها 2792 مليون دولار. أما السيناريو الثاني فيشمل خيارات إضافية لتلبية احتياجات البلاد من الطلب الفعلي وتعزيز كفاءة الطاقة، مثل الخيارات المتاحة لزيادة طاقة الرياح بمقدار 500 ميجاوات سنويا وقدرة الطاقة النووية إلى 400 ميجاوات سنويا حتى 2026، بإجمالي انبعاثات قدرها 568 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون وإجمالي خفض قدره 205 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاستخدام الطاقات المتجددة، وذلك بتكلفة إجمالية تزيد عن السيناريو الأول قدرها 1207 مليون دولار. أما السيناريو الثالث فيضيف المزيد من التقنيات المبتكرة لتعزيز إنتاج الطاقة النظيفة إلى ما بعد عام 2020 ويشمل خيارات مثل إنشاء محطات للطاقة الشمسية وتوصيلها بالشبكة وكذا نشر استخدامات خلايا الوقود، بإجمالي انبعاثات قدرها 535 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وإجمالي خفض قدره 251 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاستخدام الطاقات المتجددة والتكنولوجيات المستحدثة وذلك بتكلفة إجمالية تزيد عن السيناريوهين الأول والثاني قدرها 84 مليون دولار. وأشارت الدراسة إلى البرامج ذات الأولوية التي يمكن أن يتم الاعتماد عليها خلال الفترة من عام 2020 وحتى 2050 والتي تشمل نشر مزارع الرياح المتصلة بالشبكة على نطاق واسع بالإضافة إلي وضع نظام متكامل لمحطات توليد الطاقة الشمسية بنظام الدورة المركبة، والتوسع في استخدام وحدات التدفئة للمياه المنزلية بالطاقة الشمسية ، والتوسع في استخدام نظم الخلايا الضوئية في التطبيقات المختلفة ، وتوسيع نطاق استخدام نظم الإضاءة الموفرة، وبناء محطات للطاقة النووية، والتوسع في محطات توليد الكهرباء الهجين التي تعمل بالغاز والطاقة الحرارية البخارية، واستبدال سيارات الأجرة القديمة في منطقة القاهرة الكبرى. أما في مجال التكيف الذي يضم عدة قطاعات، أولها قطاع الزراعة، حيث تتوقع الدراسة حدوث انخفاض في إنتاجية المحاصيل الرئيسية وخاصة القمح والذرة بنسبة 15 ٪ و 19 ٪ على التوالي بحلول عام 2050. علاوة على ذلك تتوقع ارتفاع درجات الحرارة، بما يؤدي إلى زيادة استهلاك المحاصيل الزراعية من المياه، وسيكون لارتفاع درجات الحرارة آثاره السلبية على الثروة الحيوانية والإنتاج السمكي. واقترحت الدراسة عددًا من التدابير للتكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية في قطاع الزراعة، أولها تغيير مواعيد الزراعة، تحسين الأصناف، تحسين كفاءة نظم الري السطحي، تحسين الإنتاجية المنخفضة الحالية من الأبقار والجاموس والسلالات. وبحسب الدراسة، فستؤدي تغييرات المناخ إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وغمر المناطق المنخفضة بالمياه، فضلا عن التأثيرات غير المباشرة مثل تسرب المياه المالحة وتلوث موارد المياه الجوفية، ويتوقع لهذه الآثار أن تؤدي إلى تهجير من 6 إلى 7 ملايين شخص من دلتا النيل. وتقدر الدراسة التكاليف اللازمة لحماية مصر من خطر التغيرات المناخية خلال الفترة من عام 2020 وحتى 2050 بما يتراوح ما بين 90 إلى 210 مليون دولار لمراقبة ومكافحة تغير المناخ، و311 إلى 948 مليون دولار للأراضي والإنتاج الزراعي، ونحو 2.1 مليار دولار إلى 2.2 مليار دولار أمريكي، و16 إلى 28 مليون دولار أمريكي للدراسات الاجتماعية والاقتصادية، و17 إلى 51 مليون دولار لبناء القدرات والتدريب، ونحو 330 إلى مليون دولار للمناطق الساحلية. وأجريت الدراسة تحت إشراف الدكتور السيد صبري منصور، المشرف على الإدارة المركزية لتغير المناخ بجهاز شئون البيئة، والمشرف على اتفاقية الأممالمتحدة لتغير المناخ في مصر، وشارك في إعدادها عدد من الوزارات المعنية، من بينها وزارات الدولة لشئون البيئة، والكهرباء والطاقة، والموارد المائية والري، والزراعة واستصلاح الأراضي، معهد التخطيط القومي، بالإضافة إلى فريق من خبراء البيئة تحت رئاسة الدكتور مصطفى كمال طلبة خبير البيئة العالمي والرئيس الأسبق لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة.