لعلنا نذكر الواقعة المثيرة التي حدثت بين محافظ القاهرة عبد العظيم وزير ومصطفى السلاب عضو مجلس الشعب المدلل عن الحزب الوطني عن مدينة نصر ، وكيف لجأ السلاب إلى "أنصاره" في البرلمان ، وليس إلى القضاء لكي يوقف القرارات الرسمية بإزالة مخالفاته هو وأشقائه في البناء بدون ترخيص ومسائل أخرى ، وكيف انتصر البرلمان للرجل الذي خالف القانون وتجاوز القواعد التي قررتها الدولة نفسها ، ومنع الإزالة ، وأحرج محافظ العاصمة وشكك في نزاهته وشفافيته بالقول أن الإجراء ربما وراءه "حزازات شخصية" بين الاثنين ، ومن أجل تلطيف الفضيحة قرر البرلمان تشكيل لجنة من أجل النظر في جدية "الاتهامات" وهل هي كيدية أم أن هناك مخالفات بالفعل ، المهم ، أن اللجنة انتهت من تقريرها كما أشرنا من قبل في المصريون ، ومع ذلك فإن البرلمان الموقر المحترم النظيف الشريف ، لا حس ولا خبر ، اللجنة التي كان البرلمان قد أمر بتشكيلها اجتمعت برئاسة وزير الإسكان وأوصت بإحالة الموضوع إلى جهاز التفتيش على البناء التابع لوزارة الإسكان لتقديم تقرير فني شامل عن هذه المخالفات ، اللجنة انتهت من تقريرها في 23 فبراير الماضي ، وسلمته للوزارة التي سلمته بدورها للبرلمان ، أي قبل ثلاثة أشهر بالتمام والكمال ، والمجلس الموقر يحبس التقرير في أدراجه ، ثم أوعز البعض فيه إلى السلاب أن يحاول هو وأشقاؤه البحث عن "سبيل" مع المحافظ أو المجلس المحلي من أجل أن "يلموا" الموضوع بدلا من الفضيحة ، المحافظ قال أن أسرة السلاب عرضت دفع عشرة ملايين جنيه للتصالح ومنع إزالة المخالفات ، لكنه رفض لأن بعض المخالفات قيمتها تتجاوز هذا المبلغ بخمسة أضعاف ، ناهيك عن الباقي ، مثل مبنى أحمد السلاب في المقطم والذي أقيم على مساحة ضخمة بلغت 14854 متر (حوالي خمسة عشر ألف متر) والمبنى كله بدون أي تراخيص ، وكأن لا دولة هناك ولا يحزنون ، ومنشأة أخرى في المقطم على مساحة خمسة آلاف متر بدون ترخيص أيضا ، إضافة إلى العقار المملوك لحسني كمال السلاب في شارع حسنين هيكل في مدينة نصر والذي أثبتت اللجنة أن المبنى كله مخالف للترخيص ، بدءا من تغيير ترخيصه من مبنى سكني إلى مستشفى ، مرورا بتعديلات جوهرية في أدواره كلها ، إضافة إلى بناء أدوار أخرى في المبنى نفسه غير مرخصة ، يعني أن الرجل لم يترك في نفسه شيء يخالف إلا وفعله ، أوضح التقرير أيضا أن العقار المملوك لطارق مصطفى السلاب في ناصية شارع مكرم عبيد بحي شرق مدينة نصر مخالف ، حيث خالف الترخيص بإضافة مساحة بلغت 130 متر مسطحات بناء بدون أي ترخيص ، كما خالف الرسوم الهندسية التي منح أصل ترخيص البناء على أساسها ، التقرير شمل تفصيلات أخرى لا أضيع وقت القارئ باستقصائها لأن بعضها فيه تفصيلات فنية وهندسية مزعجة ، لكن الشاهد هنا أن التقرير الفني الذي طلبه البرلمان أثبت صحة موقف المحافظ ، وأن "الهوجة" التي افتعلها مصطفى السلاب في البرلمان كانت تهريجا وفضيحة وكل من شارك معه في هذه الفضيحة يلزمه الاعتذار للمحافظ المحترم الذي أصر على تنفيذ القانون ، ولنا أن نتخيل أن هذه القرارات التي اعتمدتها اللجان الفنية والمجلس المحلي ووزارة الإسكان والمحافظة كانت ضد مواطن عادي ليس قياديا في الحزب المدلل ، هل نتخيل سلوك "الدولة" معه ، كانت البلدوزرات تدمر منشآته تدميرا وكتائب الأمن المركزي تسحق المحتجين وتسحلهم في الشوارع إن احتاج الأمر ، ولكن يبدو أن آل السلاب ، كغيرهم من عائلات النفوذ والتجبر في مصر ، اعتادوا التصرف باعتبار أنهم الدولة غائبة أو أنهم هم الدولة بعد زواج البيزنس بالسياسة في العهد السعيد ، وبالتالي لا يمكن تخيل وجود مسؤول يمكن أن يراجع إجراءاتهم أو أن يلزمهم بقانون أو قواعد أو لوائح مثل بقية "العوام" المسمين بالمواطنين ، ولعلهم ذهلوا من موقف المحافظ الذي أتى غريبا على "السياق العام" في مصر اليوم ، حتى الآن مجلس الشعب متهم بالتواطؤ مع مصطفى السلاب ضد القانون وضد القواعد وضد الأخلاق أيضا ، وسنظل نذكر هذه الفضيحة حتى نعرف نهاية المهزلة ، هل ينتصر القانون أم ينتصر آل السلاب . [email protected]