لاحظت أثناء السجالات التي اعقبت نشر تصريحات د. محمد البرادعي لمجلة "باري ماتش" الفرنسية وأعادت "المصريون" نشرها يوم 9 مايو الجاري، أن ثمة "شركا" يستهدف استدراج الإخوان للتورط في القبول ب " الدولة العلمانية". الكلام الذي نسبته "باري ماتش" للبرادعي، جاء على غير ما نشر قبله، عندما التقى بالنائب الإخواني د. سعد الكتاتني، حيث لفت البرادعي إلى أنه غير قلق من الجماعة بعد أن تكلمت معه بشأن قبولها ل"الدولة المدنية" لأنها هي "الأصل" في التجربة السياسية الإسلامية. الحديث المنسوب للبرادعي في المجلة الفرنسية، يقول إنه "أقنع" الإخوان للعمل من أجل "الدولة العلمانية".. وأنا أصدق التعقيب الذي أصدره البرادعي بعد رد الفعل الإخواني المتحفظ على تصريحاته، فالرجل رجح أن يكون ثمة خطأ في الترجمة، وفي تقديري أن المسؤولية تقع أولا على الموقع الإلكتروني للبرادعي، لأن "المصريون" والصحف المحلية الأخرى التي نشرت الحوار.. جميعها نقله نصا وحرفا من موقعه على الانترنت، إذن فإن الخطأ يتحمله المترجم الذي اعتمدت عليه إدارة تحرير موقعه الإلكتروني.. وفي تقديري فإن الخطأ إذا كان حقيقة فهو ربما يكون في كلمة "أقنع الإخوان" وليس في كلمة "الدولة العلمانية".. فالأخيرة ربما تكون ترجمتها صحيحة، لأن الغرب لا يعرف "الدولة المدنية" لأنه كان صادقا مع نفسه في "تحرير" المصطلح بمفهومه التاريخي وفحواه العلمي.. فالغرب يعلم أن الدولة المدينة لا تعني الدولة العلمانية.. فما بين الأولى والثانية مسافة طويلة من التباين والاختلافات: فالدولة المدنية اصطلاح يعني الدولة المناهضة ل"حكم العسكر" والثانية تعني دولة مرجعيتها "الإنسان" وليس "الله" وهي مرجعية نسبية وليست واحدة في العالم الغربي. غالبية الإعلام المصري المعادي لعروبة مصر ولإسلاميتها، أو الذي قبل العمل خدما في بلاط إعلام المليارديرات الأقباط الطائفيين، ركز فقط على ما نسبته المجلة الفرنسية للبرادعي ونصحه للإخوان بالعمل من أجل دولة علمانية.. فالترجمة كما قلت في هذه النقطة تحديدا ربما تكون صحيحة لأن الغرب غاب عن قاموسه "الدولة المدنية" لأنه لم يعرف مطلقا أي نضال سياسي ضد "دولة العسكريين" وإنما يعرف فقط "الدولة العلمانية" لأن الغرب الحديث وفي صيغته السياسية الحالية، هو نتاج نضاله الطويل ضد "دولة الكنيسة" والتى بهزيمتها يعتقد الغرب أن "الله" تعالى عما يصفون علوا كبيرا قد خلق العالم ثم استقال! الإعلام المصري الانتهازي والذي انتفخت جيوب وكروش رموزه بالمال القبطي الطائفي المتطرف، انتهزوا الجدل الدائر بعد حوار "باري ماتش" الفرنسية، ليورطوا الإخوان تحت ضغط "خضة البرادعي" في القبول بالدولة العلمانية بمفهومها الغربي كما أوضحت فيما تقدم. وأيا كان الأمر.. فإن السجالات الحالية، قد تفيد في إعادة التأكيد على أهمية الدقة في اختيار المصطلحات فيما يتعلق بمفهوم الدولة.. لأن الإعلام المرتزق الذي الذي اشتراه المال القبطي الطائفي الانعزالي لا يريد فقط اعادة طرح السؤال حول هوية مصر العربية والإسلامية مجددا تمهيدا ل"أسبنة مصر".. وإنما ب"علمنة الدولة" لاستحالة انجاز "الأسبنة" باعتباره نصرا مرحليا مهما على الإسلام وعلى "الغزاة" العرب. [email protected]