جمال سلطان الذي يتابع النقاش الدائر في مجلس الشعب والشورى حول قانون السلطة القضائية الجديد يشم على الفور ريح التآمر على استقلال العدالة ، صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى خطب خطبة عصماء عن استقلال القضاء وأنه أولوية في برنامج مبارك ، وتبحث في الخطبة من أولها إلى آخرها عن جملة مفيدة تتعلق بالجديد في مسألة استقلالية العدالة لا تجد ، جهاز تسجيل يكرر عبارات إنشائية مكررة من ربع قرن ، ووزير العدل يتحدث بإسهاب يشكر عليه عن أمور تعتبر شكلية أو غير محورية ، مثل الإنجاز العظيم باستبدال لقب "قاضي" بديلا للقلب "مستشار" ، طبعا هذا إنجاز ضخم لاستقلال القضاء في عصر مبارك ، حاجة تكسف ، أيضا تكلم عن "تعديل" بأن القاضي المحال للتحقيق لا تتوقف مخصصاته المالية ، أما في الموضوع ، في مفاصل العدالة ، تجد الكلام واضحا لا لبس فيه ، وهو الإصرار على هيمنة السلطة التنفيذية على "صلب" العدالة ، والإصرار بلا حدود على سيطرة رئيس الجمهورية على "مفاتيح" القضاء ، المثال شديد الوضوح في هذه المسألة المتعلق بالمادة الخاصة باختيار النائب العام ، وهي المعروفة بالمادة 119 ، التي تجعل اختيار النائب العام ، وهو أخطر منصب في مؤسسة العدالة بكاملها ، موكولا إلى اختيار رئيس الجمهورية بدون معقب وبدون أي قواعد محددة أو ملزمة للاختيار ، مجرد أنه يريد هذا الشخص فقط ، أعضاء المعارضة طالبوا بأن تكون هناك قواعد لاختياره إما من حيث أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى أو مسألة قصره على رؤساء محاكم الاستئناف نواب النقض ، وهنا رفضت اللجنة التشريعية برئاسة فتحي سرور رفضا قاطعا المساس بأي جزئية في هذه المادة واعتبرتها خطا أحمر ، وانبرى المستشار علاء مرسي ممثل وزارة العدل في اللجنة للدفاع "الخائب" عن الاحتفاظ بالمادة مؤكدا أنه لا توجد أي تجاوزات في تعيين النائب العام ، وبطبيعة الحال الرد عليه وتفنيد كلامه بالوقائع يضعك تحت سيف النائب العام نفسه ، ولذلك من العبث أن نشرح ونفند هذا الكلام ، وأعتقد أن الإصرار الجنوني من قبل السلطة على عدم المساس بالمادة 119 يكفي للرد على علاء مرسي ، والحقيقة أن هيمنة الحزب الحاكم على من خلال حكومته على منصب النائب العام شديد الخطورة على قوام العدالة ، فمنصب النائب العام هو مفتاح العدالة ، منه تبدأ القضايا وإليه تنتهي ، وبقراره يصنع الاتهام وبقراره تنفذ الأحكام أو لا تنفذ ، أضف إلى ذلك أن اللجنة رفضت بإصرار شديد أيضا إلغاء هيمنة وزارة العدل في الإشراف والرقابة الإدارية على النيابة العامة ، بدعوى أنها رقابة إدارية وليست فنية ، وهذا كلام "هجص" لا قيمة له ، لأن من يملك العصا والجزرة يملك توجيه أمور كثيرة ، كما أن الفني والإداري في أمور النيابة يعرف بصماته جيدا كل من احتك بالنيابة ، خاصة إذا كان معارضا أو ليس على هوى السلطة ، إن ما يحدث في عملية تفصيل القانون الجديد وتمريره وبالسرعة العالية واللهفة المثيرة ، حيث يأملون في أن يتم رفعه للتصديق عليه من رئيس الجمهورية قبل أول يوليو ، يعني خلال حوالي أسبوع ، هذا الذي يحدث يكشف بوضوح عن أنه لا أمل في إصلاح ، هناك تصميم كامل ليس فقط على تجاهل مطالب الإصلاح ، وإنما على تعزيز ما هو قائم من إجراءات وقوانين ولوائح قمعية ومستبدة ، تجعل فكرة تحقيق العدالة في مصر حلما بعيد المنال . [email protected]