يتعرض عمال المحاجر لرحلة طويلة من العذاب تبدأ باستقلالهم وسائل نقل غير آدمية لنقلهم إلى المحجر تقع معها حوادث كثيرة، يتوفى فيها البعض ويصاب البعض الآخر وتمر باستخدام الآت خطرة أقل إصابة فيها تبدأ ببتر أحد أطراف العامل أو تتسبب فى إنهاء حياته, ومع كل هذه الأخطار لم يرحم أصحاب المحاجر هؤلاء العمال بل وضعوا نصب أعينهم الحصول على أكبر المكاسب بأضعف الإمكانيات دون اكتراث لما يصيب هؤلاء العمال. ويوجد بالمنيا ما يقرب من 815 محجرًا بقرى شرق النيل منها 10 محاجر بزاوية سلطان و6 محاجر بسوادة و240 بنزلة عيسي و35 محجرًا بالشرفاء و172 محجرًا بنزلة حسين و12 مبني خالد و7 بدير السيدة العذراء و156 بالسرارية و27 بالشيخ حسن و12 محجرًا بجبل الطير. وتقع جميعها بمحاذاة الطريق الصحراوي الشرقي المنيا - القاهرة ويعمل بها 30 ألف عامل تقريبًا وبإنتاجية تقدر بمليون طوبة أبيض يوميًا لتلك المحاجر والتي تعد المصدر الرئيسي للبناء في قري ومراكز المنيا.
وأكد مصطفى مدحت عامل بمحجر بالمنيا أنه يستقل بصحبة زملائه بالمحجر سيارة ربع نقل يركب فيها العشرات ويظل الجميع واقفين طول المسافة وقد تنقلب السيارة أو يقع حادث تصادم ويتوفى البعض ويصاب البعض الآخر .
وأضاف إبراهيم عاطف، عامل، أن أزمة السولار انعكست على عمال المحاجر وتسببت فى تعرضهم لأخطار جمة، بالإضافة لتعرضهم لأشعة الشمس فى المحجر الذى هو عبارة عن مكان مكشوف وسط الجبل منذ فترة الظهيرة وحتى الغروب لأن أصحاب المحاجر لم يستطيعوا توفير سولار سوى لتشغيل الماكينات الأساسية وليس الإضاءة .
وأشار عونى جمال، عامل، إلى أن العمل بالمحاجر محفوف بالمخاطر وأقل خطأ يترتب عليه بتر أحد الأطراف أو إنهاء الحياة، لأن الآلات المستخدمة "الفصالة" التى تقطع الحجر بشكل رأسى و"الحشاشة" التى تقطع الحجر بشكل أفقى بها تروس حادة جدًا, و"الكسارة" التى تكسر الحجر وتحوله إلى بودرة توضع فى مكان عال بالجبل، مما يتسبب فى وقوع العمال, فضلاً عن تعرضهم للبودرة المتطايرة أثناء تكسير وطحن الحجارة التى تؤثر على جميع أجهزة الجسم وخاصة الرئتين.
وأكد أبو سريع عامر، من عمال المحاجر، أنه رغم كل ذلك لم يرحم أصحاب المحاجر العمال بل راحوا يبحثون عن أكبر المكاسب بأقل التكاليف دون أن يدركوا أن ذلك يتسبب فى إصابة العمال أو إنهاء حياتهم حيث تركوا أسلاك المولدات الكهربية عارية وملقاة على الأرض دون محاولة تغطيتها الأمر الذى تسبب فى تفحم عدد من العمال، كما قاموا بزيادة ساعات العمل من 6 ساعات إلى 8، فضلاً عن أن الوجبة التى يوفرها أصحاب المحاجر للعمال طوال هذه الفترة هى عبارة عن طعمية أو عدس.
وأضاف أحمد عبد العليم، عامل، أن هناك ألوانًا من العذاب الأخرى يتعرض لها العمال يوميًا وهو الاستمرار فى نحت الحجارة طوال 6 ساعات أو 8 ساعات لعمل درجات السلالم، مضيفًا لك أن تتخيل أن يستمر العامل فى ثنى ظهره لمدة 8 ساعات داخل المحجر الذى هو عبارة عن مكان مكشوف وسط الجبل, أو يحمل آخرون الحجارة على أكتافهم لتحميلها على السيارات.
وفى نفس السياق، أكد حسام وصفى، مدير مشروع عمال المحاجر بمؤسسة وادى النيل، أن عمال المحاجر بالمنيا يتعرضون لمخاطر جمة، حيث إنهم يعملون تحت ظروف غاية فى القسوة بدءًا بالتعرض لأشعة الشمس طوال ساعات النهار ووصولاً باستخدام آلات صيانة رديئة تتكسر أثناء سن الآلات وتسبب فى إصابة العمال أما بضياع أعينهم أو بتر أحد أطرافهم فى ظل عدم دخولهم تحت أى مظلة للتأمين الاجتماعى أو الصحى.
وأشار وصفى إلى أنه لا توجد إحصاءات رسمية توضح عدد العمال بالمحاجر ولكن من خلال المعايشة نستطيع أن نقول إن عدد العمال يتراوح ما بين 37 ألفًا إلى 45 ألفًا, وبالنسبة لحالات الوفاة تصل إلى 10 و15 حالة وحالات الإصابة تصل إلى 20 و30 حالة خلال العام الواحد، هذا غير حوادث الطرق التى يتعرضون لها أثناء الذهاب أو العودة للمحجر.