سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أطفال المحاجر فى المنيا.. العمل تحت خطر «العمى» 3 آلاف طفل يعملون فى ظروف قاسية ومعرضون للإصابة بالسرطان والتحجر الرئوى.. و50% منهم يؤكدون أن دافعهم هو مساعدة أسرهم الفقيرة
وجوه بريئة تنحت فى الصخر، أطفال فى عمر الزهور لم يكتب لهم الاستمتاع بطفولتهم، شقاء من الصغر، دفعتهم ظروف قاسية إلى العمل فى حضن الجبل فى المحاجر المنتشرة فى البر الشرقى بالمنيا، 3 آلاف طفل يعملون فى ظروف بالغة القسوة، ودعوا أحلام الطفولة واصطدموا بكابوس الواقع، يحملون رسالة للرئيس الجديد الدكتور محمد مرسى يقولون فيها «ارحمنا يا ريس من شغل الكسارة كله شقا ومرار». الأطفال يعملون وسط بيئة متردية، ويتعاملون مع ماكينات بدائية تعرض حياتهم للخطر، ولكن لم يجدوا أمامهم بديلاً سوى العمل فى قطاع المحاجر التى يصل عددها إلى 700 محجر مرخص بالإضافة إلى العشرات غير المرخصة التى تحقق مكاسب طائلة لا يحصل الأطفال منها سوى على الفتات. لم يكن سهلاً على الطفل محمود محمد فضل 15 سنة من قرية الحوارتة أن يعمل فى بيئة المحاجر الشاقة، إلا أن أسرته تركته فى هذا الجحيم بسبب ظروف الفقر والمرض والبطالة. محمود مهمته ومجموعة كبيرة من الأطفال رفع الحجر الأبيض المنتج النهائى من المحاجر على أكتاف العمال لتحميله على السيارات النقل، وبعدها تعبئة البودرة الناتجة عن تقطيع الحجر الأبيض فى شكائر تمهيداً لبيعها. يقول محمود «الفصالة والكسارة والحشاشة هى أبرز أنواع الآلات التى نتعامل معها، والكسارة عبارة عن ماكينة ضخمة تعمل بموتور قوى تقوم بدق وطحن الأحجار، وتحولها إلى بودرة، أما الفصالة فهى آلة قطع رأسية متصلة بموس من الصلب تتحرك على قضبان، ومهمتها تقطيع الحجارة، والحشاشة عبارة عن آلة قطع أفقية». عن الأسباب التى دفعت هؤلاء الأطفال للعمل فى المحاجر يقول حسام وصفى، مدير مشروع رعاية عمال المحاجر فى مؤسسة وادى النيل: «الأوضاع المعيشية المتردية والفقر الذى يعانى منه عدد كبير من أهالى المنيا أحد أبرز الأسباب التى تدفع الأطفال للعمل فى المحاجر، وهذا ما أكدته دراسة (أطفال فى خطر) التى أعدتها المؤسسة وكشفت أن أكثر من 50% من الأطفال يؤكدون أن مساعدة أسرهم أحد الأسباب الجوهرية التى دفعتهم للعمل فى المحاجر، فضلاً عن ضعف المستوى التعليمى والتسرب من التعليم فى مراحله الأولى، خاصة فى المرحلة الابتدائية، وزيادة عدد أفراد بعض الأسر إلى 8 أفراد، وفقد عائل الأسرة، وعدم توفر فرص بديلة لدخل الأسرة فيكون الاعتماد على الطفل، وارتفاع أجور العاملين فى المحاجر، وقلة الوعى بمخاطر العمل فى الجبل. وأشار إلى أن هناك أضراراً صحية خطيرة تواجه أطفال المحاجر، أبرزها أمراض العيون التى تصل لحد العمى وفقدان السمع من دوى أصوات الماكينات، والأمراض الصدرية منها التحجر الرئوى، والأمراض السرطانية، خاصة أن هذه المحاجر تعانى من غياب عوامل الأمن الصناعى والسلامة المهنية، والفقدان الكامل للرعاية الصحية، فضلاً عن انتشار عادة التدخين بين الأطفال. وأوضح أنه لا توجد إحصاءات أو حتى مجرد تسجيل لما يحدث من إصابات أو عجز أو بتر أو وفاة للعاملين بالمحاجر بسبب عدم وجود نظام أو ضوابط تحكم العمل بهذا القطاع الضخم من الأعمال وقصر دور الأجهزة التنفيذية على بعض الحملات التفتيشية دون تغيير حقيقى لما يحدث على أرض الواقع، مضيفاً أن الخطورة الحقيقية التى تواجه أطفال المحاجر تكمن فى اشتراك بعضهم فى عملية تفجير الجبل باستخدام الديناميت لاستخراج المواد الخام.