(التقوى ها هنا) قالها عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات وهو يشير إلى صدره، لم يشر عليه الصلاة والسلام إلى مظهر من مظاهر التقوى أيًا كان، فتقوى المرء لها أثر فى الجوارح إذا ما استقرت، وفى القلب وقرت، فحقيقة الإيمان هى تقوى فى القلب يصدقها العمل. إن هذا الشخص الذى يرتدى عباءة الدين لمنفعة أو لمصلحة شخصية تجده يحتفظ فى خزانته بعباءات أخرى يبدلها حيثما تطلب الأمر فالدين عنده وسيلة وليس منهجًا... سلم للصعود لهدف، أو للحصول على غاية. إن التدين الظاهرى هو الذى يختزل الدين فى جلباب ولحية أو نقاب.. تاركًا الطريق الأصعب فى تدين النفس وتهذيبها.. هو تدين مريح لا يكلف صاحبه عناءً فى توعية الآخرين، أو محاربة الفساد، أو إعانة ضعيف فى استرداد حقه،.... هذا التدين الزائف قد يجلب له راحة لضميره فى أنه يقوم بما أملاه عليه الدين. فكيف برجل دين يسب ويطعن فى الأعراض.. أو يعد ثم ينقض وعده!! ومالى بتاجر لحيته تغطى صدره ويحلف زورًا، ويغش بضاعته؟؟ إن الصلاة التى لا تنهى عن الفحشاء والمنكر هى حركات تعبدية لا تؤدى معناها إن التدين الشكلى والظاهرى ينزع المعنى العميق للدين وللتدين والدين لا يحملُ دعاته على وعدٍ بجبال الذهب والعسل.. بينما أكثر من نصف الشعب لا يجد قوت يومه فالإسلام عندما جاء كان يغير عادات مُتّخلفة.. ينصر ضعيفًا.. ويُهذب سيدًا المجتمع المتدين هو من يحقق التوازن الروحى والعدالة الاجتماعية ويتناقص فيه معدل الجريمة، أما التدين الظاهرى فيجعل المجتمع يعج بالأمراض الاجتماعية، والنفسية ك"فلان" الذى يذهب للحج كل عام يهتم أكثر بهذه الرحلة التى يتفاخر بها كل عام ويدفع لها الآلاف أكثر من اهتمامه بجاره الذى يبيت جائعًا.. فلا يملك جاره إلا أن يحقد عليه. فما الذى يعود على الفقراء واليتامى وغيرهم من رجل يرتاد المسجد ويحج بيت الله الحرام ويطلق لحيته ويمسك يده؟ طقوس العبادة مطلوبة لارتفاع الروحانيات ولاستمرارية العلاقة بين العبد وربه.. ولكنها لا تعود إلا على صاحبها.. وثوابها لفردٍ واحد إن الدين الذى يُدخل امرأة النار تصلى وتصوم ولكنها تؤذى جيرانها هو دين يقوم سلوك الفرد.. ويُعلى من عفة اللسان على صلاة أو قيام. إن الدين الذى يدخل المرأة النار لأنها حبست هرة.. هو دين يحرص على تنمية الإنسانيات وإطلاق الرحمة بين القلوب.. قبل حرصه على إطلاق اللحى. هذا الدين الذى يهتم بالآخر.. ويدعونا لقضاء حوائج الناس أفضل من الاعتكاف والعبادة.. هو دين يجعلك تفكر فى الآخر قبل نفسك وهذه طريقة تفكير تؤسس لمجتمع تكافلى تسوده الرحمة والعدل. إن العمل بمنهج الإسلام وروحه يعود على المجتمع وعلى كل إنسان كما أن العمل بالمنهج تكليف من الله عز وجل. وعباءة الدين التى يرتديها شخص لغرض اجتماعى أو سياسى.. تعد أسوأ استخدام لتجارة الدين. فقد استخدم السادات الدين لترجيح كفته السياسية ضد اليساريين... حيث كان حينها الفكر الناصرى منتشرًا.. وفى النهاية قُتل بوسيلة قد استخدمها لنصرته. وأنفق النظام السعودى مليارات من أجل نشر التدين الظاهرى... والنتيجة هذا التباين بين المظهر والجوهر فى المجتمع السعودى وكم من القنوات الفضائية التى يتكلم فيها المشايخ عن تعاليم الإسلام وعن طقوس نعلمها جميعًا جيدًا.. ولا يتكلم عن قمع الحريات.. والاعتقالات.. وكرامة المسلم.. ونسوا جميعًا كلمة حق عند سلطان جائر.
التدين ليس شعارًا.. التدين منهج وسلوك وأخلاق ومسئولية فطقوس الدين بين الفرد وربه ومنهج الدين هو للوطن أجمع حتى ننهض بوطننا.. ونغير حقًا المجتمع للأفضل علينا أن نحتضن روح الدين.. ونعى منهجه.. ونلتزم بأخلاقه.. حينها... ربما تكون العباءة مظهرًا يتسق مع الجوهر.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.