القاهرة الإخبارية: بدء تحرك شاحنات المساعدات المصرية باتجاه معبر رفح تمهيدًا لدخولها إلى غزة    إسرائيل تعلن عن هدن إنسانية في قطاع غزة    جوتيريش يدعو إلى وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند    «برشلونة وآرسنال».. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    كارول سماحة تنعى زياد الرحباني بكلمات مؤثرة وتوجه رسالة ل فيروز    وزير الثقافة: نقل صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة    ريم أحمد: أعتز بشخصية «هدى» في «ونيس».. لكنني أسعى للتحرر من أسرها    القنوات الناقلة ل مباراة برشلونة وفيسيل كوبي الودية.. وموعدها    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    درجة الحرارة 47.. إنذار جوي بشأن الطقس والموجة الحارة: «حافظوا على سلامتكم»    تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    تحالف بقيادة قوات الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان    توقف جزئي ب «جزيرة الدهب».. مصدر يكشف سبب انقطاع المياه في محافظة الجيزة    احمِ نفسك من موجة الحر.. 8 نصائح لا غنى عنها لطقس اليوم    إصابة 11 شخصًا بحادث طعن في ولاية ميشيغان الأميركية    الجنرال الصعيدي.. معلومات عن اللواء "أبو عمرة" مساعد وزير الداخلية للأمن العام    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    دبلوماسيون: مصر وقفت صامدة ضد تهجير أهالي غزة ولا أحد ينكر دورها    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    5 أسهم تتصدر قائمة السوق الرئيسية المتداولة من حيث قيم التداول    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    سم قاتل في بيت المزارع.. كيف تحافظ على سلامة أسرتك عند تخزين المبيدات والأسمدة؟    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    مستشفى بركة السبع تجري جراحة طارئة لشاب أسفل القفص الصدري    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    ماكرون يشكر الرئيس السيسى على جهود مصر لحل الأزمة فى غزة والضفة الغربية    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابات جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في غزة    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 27 يوليو 2025    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    عطل مفاجئ في محطة جزيرة الذهب يتسبب بانقطاع الكهرباء عن مناطق بالجيزة    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    التراث الشعبي بين التوثيق الشفهي والتخطيط المؤسسي.. تجارب من سوهاج والجيزة    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آل الزمر والمراجعات
نشر في المصريون يوم 27 - 04 - 2010

انتهت منذ عام 2001 عقوبة السجن للقياديين عبود الزمر وطارق الزمر، ومع هذا قررت السلطة عدم الإفراج عنهما، وليس هناك تاريخا محددا للإفراج عنهما، فقد أصبحا رهائن لدى السلطة الحاكمة، ولم تفلح كل المحاولات القانونية لإنهاء هذا الوضع، الذي يتنافى مع كل القواعد القانونية المتعارف عليها. وبالنسبة للقيادي عبود الزمر، يرى النظام أنه محكوم عليه بأربعين عاما، بعد جمع الحكمين الصادرين ضده، رغم تنافي هذا مع القواعد المعمول بها، والتي تجعل أقصى عقوبة هي عشرون عاما، ورغم أن الحكمين صدرا في تهمة واحدة. وبالنسبة للقيادي طارق الزمر فقد انتهت فترة عقوبته حسب كل القواعد. ولكن المشكلة ليست في الجانب القانوني، بل هي في الواقع مشكلة سياسية في المقام الأول. فقد قام عبود وطارق الزمر بدور معروف في المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية لإنهاء العنف. وكان لتأييدهما لمبادرة وقف العنف دور في المرحلة الأولى، ولكن آل الزمر رفضا أن يكون وقف العنف يتبعه وقف النشاط السياسي للجماعة الإسلامية، وغيرها من الجماعات الإسلامية، فقد رأى آل الزمر أن وقف العنف لا ينفي حق التيار الإسلامي في العمل السياسي، بل أن وقف العنف في حد ذاته يقوم على اختيار العمل السلمي السياسي كبديل أساسي أمام الحركة الإسلامية.
ولقد حصل طارق الزمر على درجة الدكتوراه من كلية الحقوق جامعة القاهرة، وفيها حدد الرؤية السياسية الإسلامية، ووضع أسس العمل السلمي السياسي، وحدد القواعد التي يجب الالتزام بها في العمل السياسي طبقا للقواعد السلمية المتدرجة. وصدر عن آل الزمر وثيقة البديل الثالث بين الاستسلام والاستبداد، وحددت الوثيقة أهمية الالتزام بالعمل والنضال السلمي. معنى هذا، أن آل الزمر تمسكا بحق التيار الإسلامي في العمل السياسي السلمي، ورفضا نزع حق التيار الإسلامي في العمل السياسي. وهذا الموقف ليس فقط صحيحا، ويتفق مع كل المعايير السياسية المتعارف عليها، مثل المواطنة والمساواة والديمقراطية، وغيرها من التعبيرات المعروفة، ولكن يتفق أيضا مع القواعد الضرورية لتحقيق السلم الاجتماعي. فلا يمكن قيام جماعة وطنية متماسكة، إذا أعطي حق العمل السياسي لتيارات دون الأخرى، وتمتعت بحرية العمل السياسي بعض النخب، وحرمت نخب وتيارات أخرى منها. الأمر الآخر، إن إعطاء مساحة للعمل السياسي للنخب العلمانية، وحرمان التيار الإسلامي الأكثر انتشارا وشعبية من حق العمل السياسي، يمثل تعديا على حق المجتمع في الاختيار، ويمثل ظلما بينا بحق التيار الإسلامي. يضاف لذلك، أن حرمان التيار الإسلامي من حقه في العمل السياسي، يعد عملا من أعمال العنصرية ضد تيار بعينه وفكرة بعينها. كما أن إخراج التيار الإسلامي من العمل السياسي، يؤدي إلى ضرب التوازن الداخلي للمجتمع، حيث يحرم التيار الأوسع من ممارسة حقه، ويصبح الظلم الواقع على التيار الإسلامي، هو ظلم واقع على شريحة واسعة من المجتمع المصري.
والسلطة الحاكمة ترفض خروج عبود وطارق الزمر، قبل أن يوافقا على عدم العمل في المجال السياسي بأي شكل من الأشكال، ويخضعا للقيود الأمنية، وهو ما يرفضه كلاهما. والحقيقة أن هذا الموقف النضالي المتميز من جانب عبود وطارق الزمر، واللذين استمرا في تأييد وقف العنف بكل أشكاله، رغم ما لحق بهما من ظلم، يمثل إدانة لمجتمع النخبة الداعية للديمقراطية والحرية، والتي تتجاهل تلك الحالة التي تمثل أقصى درجات الاستبداد والخروج على أبسط قواعد الحق في الحياة. فلا يمكن بحال أن تصبح جريمة شخص ما، أنه يريد ممارسة نشاط عام، ويطالب بحق التيار الإسلامي في العمل على قدم المساواة مع التيارات الأخرى، تبعا لقواعد الحرية السياسية.
لقد وافقت القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية على إنهاء ملف الاعتقال لقيادات وكوادر الجماعة الإسلامية، مقابل شروط مجحفة، حتى تنهي حالة الاحتقان، وتمنع ظهور العنف من جديد. وتلك شجاعة تحسب لهم، وتضحية من أجل الوطن، تحسب لهم. لقد كان من المهم غلق ملف العنف، ومنع الشباب من الاستمرار في دائرة العنف، والتي تحولت حسب تقاليد صعيد مصر، لحالة ثأر بين كوادر الجماعة ورجال الشرطة. ومن ثم دفعت القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية ثمنا باهظا من حريتها من أجل غلق ملف العنف. وظلت العديد من الأقلام تشكك في ما حدث، وكأنها كانت تريد استمرار دائرة العنف، حتى يتم القضاء على التيار الإسلامي. ولكن تجربة القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية، وعلى رأسها كرم زهدي وناجح إبراهيم وعصام دربالة وعلي الشريف وأسامة حافظ وحمدي عبد الرحمن وعاصم عبد الماجد وفؤاد الدواليبي، أكدت صدق موقف الجماعة الإسلامية، ومدى التأثير الواسع لتلك المبادرة، التي حولت العنف إلى حالة استثنائية في مصر، بعد أن كان حالة يومية مستمرة.
أما آل الزمر، فقد أيدا وقف العنف، ولكنهما أدركا أن فتح مجال العمل السياسي للحركة الإسلامية ضرورة، ولا يمكن وقف العنف نهائيا، بدون جعل العمل السلمي السياسي بديلا عن العنف. لأن غلق أبواب العمل العام، ومنع التيار الإسلامي من القيام بحقه في العمل السياسي، يمثل مبررا لعودة العنف في مرحلة من المراحل. لذا أصر آل الزمر على دفع ثمن باهظ من أجل استعادة التيار الإسلامي لحقه في العمل السياسي، كما رضت القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية بدفع ثمن باهظ لوقف العنف، وغلق ملف معتقلي الجماعة الإسلامية، رغم ما لحق بها من هجوم، جاء بعضه من داخل التيار الإسلامي نفسه، ومن بعض كوادر الجماعة الإسلامية نفسها. وأصبحت القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية، ومعها آل الزمر في طليعة القوى التي تعمل على غلق ملف العنف في كل أرجاء العالم الإسلامي، واستمرا في مواجهة كل الحركات الإسلامية المسلحة، رغم شدة تلك المعركة، وثمنها الفادح.
وعندما يقرر آل الزمر التضحية بحريتهما لأجل غير مسمى من أجل الاعتراف بحق التيار الإسلامي في العمل السياسي، فإن هذا الموقف المشرف يمثل إضافة مهمة من أجل تحرير إرادة المجتمع سياسيا. فلا يمكن للأمة أن تنهض قبل أن تتحرر، ولا توجد حرية بدون حرية العمل السياسي. ونخب الإصلاح والتغيير، عليها أن تلتفت لهذا الملف، فلا يمكن أن يكون دورها هو تحرير لبعض المصريين دون بعضهم، ولا يمكن أن يكون اهتمامها منصبا على معتقليها أو ما تتعرض له حركتها من مواجهة أمنية. فمن يريد تحرير إرادة المجتمع المصري، عليه أن يدرك أن في مصر رهائن لدى السلطة الحاكمة، طال بقائهما خلف القضبان، وقاربا على إكمال ثلاثة عقود، وعملا من أجل وقف العنف، ويعملان الآن من أجل حق التيار الإسلامي في العمل السياسي. فعلى الجميع أن يدرك أن المجتمع المصري لن يتحرر، بدون أن يحصل التيار الإسلامي بكل روافده على حقه في العمل السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.