ربما كانت اقرأ من أوائل مبادرات الإعلام الهادف وهذه التسمية هي أدق من تسمية الإعلام الإسلامي في تقديري لان أي إعلام يتفق مع مقاصد التشريع الإسلامي فقهاً أو رؤى نهضوية في السياسية والثقافة والاقتصاد والاجتماع وغيرها هو إعلام ذو رسالة إسلامية , وفي المقابل حين يرتكب الإعلام الذي يُسمّى إسلاميا مخالفة أو تضليلا أو تغييباً لحقائق الفكر الإسلامي ومنهجه الدستوري الشامل فهو هنا منحرف مدان في قيم المنهج الإسلامي . وبلا شك بأنّ قناة اقرأ خرجت في وقت مبكر على الوطن العربي محققة نجاحاً متميزاً حين كان هناك هيمنة كبيرة للإعلام الإباحي أو المنحرف أو الغوغائي فيما تغير الوضع حالياً وخرجت خيارات من الإعلام البديل كقنوات أو كبرامج في قنوات مختلفة , ومن هنا كان خط البداية صعباً لمسيرة قناة اقرأ في الدخول في هذا المضمار الجديد في حينه وقدمت خلال الانطلاق أبعاداً رائعة وجميلة خاصة في برنامج القيم التربوية والروحية وببعض برامج الحوارات التي أطلقتها قناة اقرأ في ذلك الزمن وكانت بالفعل ذات عمق قيمي مميز وليتها استمرت وأحدها لا يحضرني اسم معدها وهو من أبناء الشام كان يستضيف شخصيات راقية فكراً وحواراً كالدكتور محمد عمارة وغيره , ولا تزال هناك برامج ناجحة في القناة ومتميزة اعتقد أنّ برنامج ضع بصمتك للدكتور محمد العريفي من أبرزها في مقام التوجيه السلوكي والتربوي المهم للغاية لجيل الشباب والممانعة الأخلاقية لهذا الغزو الشامل من السلوكيات الإباحية التي تهدم المنزل والمجتمع . ومؤخراً لاحظت حلقات لبرنامج جسور تقدمت فيه القناة مشكورة باستضافة متنوعة لشخصيات المدارس المذهبية السنية في الأحساء التي تمثل المذاهب الأربعة ودورها الفقهي والوطني والحضاري, ولكن الإخوة في الإعداد والتقديم كانوا يملئون البرنامج بمداخلات مختلفة تجعلوه كشكول لا يمكن أن تعرض فيه تلك التجارب للمدارس الشرعية المهمة للخليج العربي وخاصة كشخصية العالم الجليل الشيخ د عبد الإله العرفج المنسق العام للمدارس الشرعية في الأحساء وذلك لعرض التجربة الفقهية والوطنية والحضارية لهذه المدارس , فتُعرض على حقيقتها ليس كجزر معزولة تقدم كتحف تراثية بل لأنها مسارات فقه اجتهادي تعطي تنوع مؤصل شرعيا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تثري قيم الفقه الإسلامي الحضاري وتساهم في صناعة المشروع النهضوي المستقل للأمة عن هيمنة العلمانية الغربية الاستئصالية لكنه منهج منفتح على قيم الإصلاح الإنساني وثقافة التقدم المجتمعي للحياة , وهو ما نطمح أن يترجم في كل مسارات القناة لتحقيق هذا الهدف النبيل والنهضوي المهم لنا وطنيا وأممياً. أمّا الجانب الثاني فهو حاجة قناة اقرأ للمزيد من الملامسة للشأن الوطني السعودي من خلال حوارات هادئة تجمع الأطياف على المشترك الإنساني والوطني الذي حثت عليه مقاصد التشريع الإسلامي لبناء مجتمع الفضيلة والقيم والتقدم العلمي والتنموي , واعتقد بان الأخوة في القناة وخاصة صديقنا العزيز ابن الأحساء وفلسطين ا محمد الجعبري المتميز في تفكيره وأخلاقياته يملكون القدرة على تحقيق هذا الهدف , والجانب الثالث هو برامج سياسية حوارية راقية تتناول فكرياً بعض أزمات الأمة في حوار هادئ يعطي خلاصات تحليلية لدعم توجهات الإصلاح والتقدم في تطبيقات مقاصد التشريع الإسلامي , إنّ ثقتي بطموح المؤسسين والملاك والموجهين للقناة وخاصة الشيخ صالح كامل وشقيقه أخانا العزيز الفقيه الحجازي المرموق د عمر عبد الله كامل ومعالي وزير الإعلام الأسبق د محمد عبدوا يماني ومعرفتي بثقافة هذه النخبة الموسوعية تجعلني أدرك بان رهانهم على نجاح القناة أكثر وتقدمها هو خيار استراتيجي محسوم لدور هذه القناة التاريخي فإلى المزيد من التوفيق من قناة الثقافة الهادفة لأمة اقرأ . [email protected]