في اجتماع مشترك للجنتي حقوق الإنسان، والدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب (لاحظ اسمي اللجنتين) يوم الأحد الماضي 18 أبريل، طالب ثلاثة أعضاء في المجلس وزارة الداخلية بإطلاق النار على المتظاهرين الذين يرفعون شعارات الإصلاح السياسي! وقال النائب نشأت القصاص الذي ينتمي للحزب الحاكم "لو كان الأمر بيدي لاستجوبت وزير الداخلية بسبب لينه الشديد في التعامل مع هؤلاء الخارجين على القانون... اضربوهم بالنار واستعملوا الرصاص مع المتظاهرين الخارجين على القانون...يا وزير الداخلية نحن 80 مليون.. بناقص شلة فاسدة ومتجاوزة ". وثنى عليه النائب أحمد أبو عقرب الذي ينتمي لذات الحزب الحاكم فطالب الداخلية "بالكف عن اللين والتعامل بالقوة مع الخارجين على القانون وضربهم بيد من حديد". وانضم إليهما رجب هلال حميدة فقال:"عيب على الداخلية أنها لم تستعمل القانون وتفرق المتظاهرين بالقوة". اما القانون الذي يشير إليه نواب الشعب المصري فيعود إلى سنة 1923م، وقد وضع في ظل الاحتلال البريطاني وبموجبه أطلقت الشرطة النار على طلاب جامعة القاهرة المتظاهرين يوم 21 فبراير 1946م بعد أن حاصروهم بين جانبي كوبري عباس (كوبري الجيزة الآن) وفتحوا أمامهم الكوبري، وكانت الكباري آنذاك تُفتح لمرور السفن من تحتها لأنها لم تكن عالية بالقدر الكافي، فمات وغرق عدد من الطلاب، واعتبر ذلك اليوم يومًا للطالب العالمي إحياءًا لتلك المذبحة البشعة التي ارتكبتها حكومة محمود فهمي النقراشي. وأما مناسبة هذا الكلام الذي تفوه به نواب الشعب، فهو لجوء الشرطة إلى استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين يوم 6 أبريل الجاري، الذي ولّد أجواء من الغضب الشعبي والحقوقي. وبدل أن تعتذر الشرطة عن تصرفها، زادت فهددت بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين، متعللة بأن قانون 1923م يسمح لها بذلك، ووجدت من نواب الشعب من يعضد موقفها!، وهو سلوك تكرر في الآونة الأخيرة فكل مناقشة لتجاوزات الشرطة تنتهي بالثناء عليها وتجديد الثقة في حسن سلوكها. نعود للنائب نشأت القصاص؛ ففى الانتحابات البرلمانية الاخيرة عام 2005 م كان الفوز مضمونًا لمرشح الإخوان المسلمين بالعريش عبد الرحمن الشوربجي، وكالعادة جرى تغيير الفوز إلى إعادة بين الشوربجي والقصاص، وفي الإعادة حدث ما حدث؛ فقد جرى إطلاق النار والغاز المسيل للدموع في الشوارع من قبل قوات الشرطة، لارغام الناخبين على البقاء في منازلهم، وجرت عمليات مطاردة للأهالي على المقاهي وأمام المنازل فيما أغلقت اللجان الانتخابية وتحولت إلى ثكنات للشرطة، واعتقل كل من تمكَّن من الوصولِ لصندوقِ الاقتراع، وألقي القبض على أبناء مرشح الإخوان ومحامييه ومندوبيه، وزار أحمد عز أمين التظيم بالحزب الحاكم العريش قبل بدء الانتخابات بساعات واجتمع بالقيادات ليعطيها التعليمات بعدم السماح لمرشح الإخوان بالفوز بأي حال... كل ذلك حتى تعلن الداخلية فوز مرشح الحزب الحاكم نشأت القصاص!! فهل نتوقع من القصاص المحمول على أسنة رشاشات الداخلية أن يقول غير ما قال؟ إنه بكل صراحة ووضوح يعبر عن ولائه لمن أوصله للبرلمان، ولو كان الشعب هو الذي انتخبه حقًا لما قال قولته. ويمكن لمثل هذه العلاقة الشاذة بين النائب والداخلية أن تستمر، ولكن ماذا عن علاقة "نائب الشعب" بالشعب؟ أجرت إحدى القنوات الفضائية مقابلة مع النائب، فلم يجد من يزور له، ولا من يمنع الناس من التعبير عن رأيهم فيه، ولا من يطلق الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريق المشاهدين، أما ما يكتب عنه في شبكة الانترنت فهو يفوق كل وصف، ولا يمكن نقله هنا بأي حال لما فيه من ألفاظ خارجة ونابية. لقد نسي معظمنا كيف جاء القصاص إلى مجلس الشعب، وقد شاء الله أن يتفوه "القصاص" بكلماته تلك ليُنزل به الشعب القصاص، فما فائدة أن تكسب الداخلية وتخسر الناس؟[email protected]