الضجة التى أثارتها – ولا تزال - تصريحات الفريق السيسى وتفسير كل فريق لهذه التصريحات بما يخدم توجهاته علامة على وضع غير صحى وغير ديمقراطى، وإذا كنا نعيش مرحلة تحول ديمقراطى، فينبغى أن ننطلق من ممارسات ديمقراطية صحيحة، إن المؤسسة العسكرية فى النهاية هى فرع من السلطة التنفيذية التى تخضع لرئاسة الجمهورية، وليست جمهورية أو دولة مستقلة، حتى يتساءل الجميع عن موقفها، ويطالب البعض الجيش بالتدخل والبعض يرفض ذلك، إذا كنا نريد أن نرسى قواعد ديمقراطية صحيحة فيجب أن نسلم جميعًا بعدم تدخل الجيش فى الشأن السياسى، وإذا كان هناك تهديدات للدولة، وعجزت قوات الأمن عن حفظ النظام، فقد نظم القانون هذا الأمر وأعطى لرئيس الجمهورية فى حالة الضرورة استدعاء الجيش لمساعدة الشرطة فى حفظ الأمن، فالاستعانة بالجيش يجب أن تأتى فى هذا السياق، أما نزوله لتولى إدارة البلاد فهو انقلاب على الشرعية واغتصاب للسلطة، إن المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة هى ممارسة ديمقراطية، هذا ما يردده الداعون لمظاهرات 30 يونيه، وإذا سلمنا جدلاً بصحة هذه المقولة وخرج الملايين يطالبون رئيس الجمهورية بانتخابات مبكرة، أو حتى بالاستقالة، واستجاب رئيس الجمهورية، فما الخطوة التالية فى نظرهم؟ إن البعض يطالب بفترة انتقالية، وتولى رئيس المحكمة الدستورية الحكم، والبعض يطالب بمجلس رئاسى دون أن يوضح عدده ومن الذى سيعينهم، وهناك من يطالب بغير ذلك من مطالب يجمعها جميعًا أنها تمثل انقلابًا على الدستور، والرجوع إلى نقطة الصفر من جديد، وكأننا فى أعقاب يوم 11 فبراير 2011، وكل هذه التصورات تخالف الدستور الذى وافق عليه الشعب، والذى وضع ترتيبات معينة فى حالة خلو منصب الرئاسة، وهى تولى رئيس مجلس الشورى الرئاسة نظرا لعدم وجود مجلس النواب، وأن تجرى انتخابات جديدة خلال 60 يوما. المهم أن السادة الداعين للمظاهرات باسم الديمقراطية يريدون الانقلاب على الدستور الذى أقره الشعب وأيضًا باسم الديمقراطية الشعب هو الذى يريد وهو الذى يقرر لا أحد يستطيع أن يتفاوض باسم الشعب، وأن المعارضة لا تملك تأثيرا على جموع الشعب الذى سيقرر، وإذا سلمنا أيضًا وللمرة الثانية بصحة هذا الكلام، فلماذا يعقد زعماء المعارضة كصباحى والبرداعى المؤتمرات لتقرير ما بعد الرحيل؟ ولماذا تعقد الائتلافات والحركات الشبابية والثورية الاجتماعات لنفس الغرض؟ فهل أنتم الشعب وإذا كنتم لا تمثلون الشعب كما تقولون أنتم، فمن أعطاكم هذا الحق؟ ثم إذا سلمنا جدلاً أنكم تتحدثون باسم ال15 أو حتى ال20 مليونًا الذين تزعمون أنهم وقعوا على استمارة تمرد، فأين باقى أفراد الشعب؟ وماذا لو نزل الملايين يوم 30 يونيه، ثم نزل ملايين أخرى معارضة لهم يوم 1 يوليو، فكيف يمكن معرفة إرادة الشعب؟ هل نحسبها بحجم المظاهرات؟ ومن الذى سيتولى تحديد حجم التظاهرات؟ أيها السادة لا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالحوار الجدى أو الاحتكام للانتخابات والانتخابات البرلمانية على الأبواب، فلماذا لا تتقدمون لها وأنتم معكم كما تدعون 20 مليون توقيع، وهو ما يضمن لكم تحقيق الأغلبية فى البرلمان، وتشكيل الحكومة القادمة، ولماذا الإصرار على الانتخابات الرئاسية التى ستقود البلاد إلى الفوضى؟ خرج علينا صباحى بأنه عرض عليه منصب النائب وأنه رفض ومن قبله السيد البدوى، الذى أشار إلى أنه عرض عليه أحد المناصب ولكنه رفض، والسؤال الذى يفرض نفسه، لماذا لا تخرج رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ببيان بالشخصيات التى عرضت عليها مناصب ورفضت تحمل المسئولية ثم تخرج علينا كل يوم، لتملأ الدنيا صياحًا وعويلاً عن التكويش والأخونة. - أبو العز الحريرى: 40 ألفًا و90 صوتًا. - حسام خير الله: 22 ألفًا و36 صوتًا. - هشام البسطويسى: 29 ألفًا و189 صوتًا. - خالد على: 134 ألفًا و56 صوتًا. هذه عدد الأصوات التى حصل عليها المرشحون الأربعة السابقون للانتخابات الرئاسية الماضية، ومجموع هذه الأصوات معًا يبلغ 225 ألف و371صوتًا، وهو عدد أقل من عدد الأصوات التى حصل عليها بعض الفائزين فى انتخابات مجلس الشعب الماضى، ومع ذلك لا يشعر هؤلاء بالحرج، وهم يتسابقون فى الظهور على الفضائيات وإطلاق التصريحات باسم الشعب المصرى، وإن كنت أريد التوقف عند اثنين منهم، أما الأول فهو لواء كان يشغل منصب وكيل المخابرات العامة، والرجل أصبح من المقررات المفروضة علينا فى الفضائيات حتى أخشى أن ينزل لنا من صنبور المياه، والرجل لا يكل ولا يمل من الحديث، وكأنه عليم ببواطن الأمور وتصريحاته ووجوده على الفضائيات يأتى استكمالاً لظاهرة الخبراء والمحللين الاستراتجيين الذين ملئوا سماء مصر مع إخوانهم من النشطاء السياسيين والفقهاء القانونيين!! أما الثانى فهو المستشار البسطويسى الذى وقف الإخوان إلى جانبه، وإلى جانب قضاة الاستقلال فى وقفتهم ضد النظام السابق عام 2006، ونالهم ما نالهم من اعتداء واعتقال المئات، منهم على رأسهم د.محمد مرسى، وبالرغم من شهرة الرجل نتيجة موقفه كأحد رموز استقلال القضاء، إلا أنه لم يحصل فى الانتخابات إلا على عدد أصوات ربما تقل عما يحصل عليه عضو مجلس محلى، ومع ذلك نجد الرجل بين الحين والآخر وقد استهوته لعبة السياسة يخطف رجله إلى مصر قادمًا من الكويت، حيث مقر عمله، ليملأ الساحة بأحاديثه وتصريحاته، ويبدو أن الرجل وجد فيما يحدث على الساحة فى مصر الآن فرصة للفت الأنظار إليه، فقام بتوقيع استمارة تمرد وهذا حقه، أما الذى يستوجب التوقف عنده، فهو حديثه عن إسقاط الرئيس وتشكيل مجلس رئاسى، ليس ذلك فحسب، بل نجده يقدم المبرر للجيش للتدخل، إنها ظاهرة غريبة أن نجد من فشلوا فى الانتخابات، بدلاً من أن يتقبلوا نتيجة الانتخابات المعبرة عن إرادة الشعب يعملون على الانقلاب على الإرادة الشعبية التى لفظتهم. المفترض أن التى تتظاهر المعارضة وليس أنصار السلطة الحاكمة كما يحدث فى دول العالم، هذا قول غريب تردده المعارضة، فهل المطلوب من أنصار الرئيس أن يجلسوا فى بيوتهم وهم يرون قوى المعارضة تريد الانقلاب على الشرعية الدستورية؟ وهل المطلوب حرمانهم من حقهم الدستورى فى التعبير عن رأيهم وقصر هذا الحق على المعارضة فقط؟ كما أن القول بعدم وجود مظاهرات للمؤيدين للسلطة فى دول العالم غير صحيح، ولعل أقرب مثال يؤكد خطأ هذه المقولة المظاهرة الحاشدة التى خرجت لتأييد رئيس الوزراء التركى أردوغان. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.