أحلى نكتة سمعتها ، أن وزارة الخارجية أصدرت تعليمات للسفارة المصرية في الكويت، لمعرفة ملابسات ترحيل عدد من المصريين ، كنت أظن لفترة أن الخارجية المصرية فقدت بريقها، منذ أن رحل عنها الجيل القوي ، وتحولت الى وزارة خدمية تقدم خدمات التوثيق للراغبين في مغادرة الوطن، لكنها خيبت ظنى وأثبتت أنها يمكن أن تظهر فى الصورة مرة أخرى، أيا كانت طريقة الظهور، بعد أن سحبوا ملفاتها واحدا تلو الاخر، وبقيت على الحديدة تعيش على المصريين فى الخارج، فالملف الفلسطيني والعراقى مع المخابرات العامة، وملف السودان ذهب جزء منه للمخابرات وجزء ثانى لمجلس الوزراء يوزعه بمعرفته بما فيها وزارة الري ، فضلا عن أن ملف ليبيا في الاساس مع صفوت الشريف بحكم علاقته الطيبة مع القذافى. كنت أظن أنها فقدت حتى الظاهرة الصوتية، التى ربطها البعض بفترة عمرو موسى متخيلا أن الوزراة لم يبق لها سوى المبنى البيضاوي – من اللون الأبيض وليس من البيض- المطل على المغفور له مبنى التليفزيون، لكن فجأة رأينا لها دورا كوميديا يشبه مونولوجات شكوكو و" هل تذكرين هل أيتها الماكرة حبا خلاها خل من ضعف الذاكرة" ، وجدناها تحاول اثبات نفسها، بعد أن شاهدنا ما حدث في الكويت، مع مصريين مؤيدين للبرادعى ، فتم اعتقالهم ومداهمة بيوتهم وترحيل بعضهم،، فتحدثت الوزارة يمينا ويسارا بطريقة ساذجة، لتقول فى النهاية أنه لادخل لها بما حدث، بل وتطالب سفارتها هناك بكشف ملابسات ماحدث، لا ياشيخ. ترحيل المصريين من الكويت بعد اعتقالهم، كانت نقطة مخجلة فى تاريخها ، خاصة وأنهم لم يهددوا أمنها ولم يرتكبوا ما يوجب العقاب، حتى أن الكاتب الكويتى عبداللطيف الدعيج طالب وزير الداخلية بالاعتزار للجالية المصرية والى مؤيدي البرادعي بسبب " انحيازهم غير المشروع وغير المرغوب، في نظرنا ايضا ككويتيين، الى خصوم السيد البرادعي" وتساءل عما اذا كان الوزير يملك الشجاعة ليفعلها . كلام الدعيج شديد اللهجة جاء بعد الاكاذيب الكويتية عن سبب الاعتقال المسئولون في الكويت لا يهتمون مطلقا بأي شيء سوى رد فعل الرئيس مبارك، الذين لا يريدون إغضابه، باعتباره صديقا قديما ، وقف بجانبهم وقت الغزو العراق، ولهذا جاء كلامهم غير منطقى، وغير حقيقي، قالوا ان تجمع المصريين مخالف للقوانين، وانهم لا يريدون اقحامها في مشاكل بلدان اخري وصراعاتها السياسية. هذا الكلام غير حقيقى بالمرة، فلم يحدث أن قامت الكويت بمعاقبة أي جنسية على مظاهراتها أو تجمعاتها، فبعد اغتيال رفيق الحريري انطلقت المظاهرات في شوارع الكويت، موارنة وسنة وشيعة خرجوا عشرات المرات ورفعوا شعارات سياسية وبدون تصريح مسبق، لم يوقفهم عسكري واحد، لم يقل لهم أحد انهم يدخلون الكويت في مشاكل داخليه لبنانية، سمحوا لهم بذلك لكن عندما تعلق الأمر بمصر وبالرئيس مبارك الصديق القديم فالوضع مختلف، والخارجية المصرية لن تعترض ، بالعكس سترحب، ويقال والعهدة على الراوى ، أن تعليمات خرجت من الخارجية المصرية لسفاراتها بالخارج، بمتابعة نشاط المؤيدين للبرادعى، بعد أن نجح المصريون في الامارات في أن يكونوا حديث الساعة باجتماعهم الذى نشرت تفاصيلة كل وكالات الانباء العالمية. لعبت الخارجية لعبتها وإن أنكرت ، وهى مدانة حتى لو نفت ، ومتهمة لو قدمت ألف دليل على براءتها، لم تبذل الخارجية – حتى - جهدا في التفكير ، كي تخرج من الموقف وتكون صورتها أفضل، واكتفت بأن تنشر عبر مصدر رفيع المستوى أنها ارسلت لسفارتها في الكويت تستفسر عن سر ترحيل المصريين المؤيدين للبرادعى، ماهذه التناحة، والنطاعة والتنبلة، يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، هل يعقل أن يثق أحد في وزارة مثل هذه تتصرف بهذه العقلية. أنا لا أصدق وزراة الخارجية ولا بياناتها ولاكلام ابو الغيط أو حسام زكى ، انا فقط أصدق من تم ترحيلهم، قال مسعد حسن على، انه جرى ترحيلهم لمقر أمن الدولة الكويتى حيث غميت أعينهم حتى بدء التحقيقات و سألوهم عما إذا كان يؤيدون البرادعى وعندما اجابوا بنعم قال لهم المحقق "أنتم وضعتونا فى وضع حرج مع السلطات المصرية.. علاقتنا طيبة مع معهم وبنحب الرئيس مبارك.. كده تسيئوا لعلاقتنا بمصر" مسعد وغيره من المصريين العائدين ترحيلا، قالوا ذلك ليسكتوا ابو الغيط ووزارة الكرافتات التى يجلس عليها، ويكشفوا كيف تحولت وزارة الخارجية الى مقر لأمن الدولة على الكورنيش، مهمته متابعة نشاط المصريين في الخارج، الفارق الوحيد أنها لم تقم بانشاء أماكن احتجاز فى سفاراتها، لتعذيب وتنكيل كل معارضى النظام الذين أفلتوا من بين يدى الداخلية، وطالبوا بحقهم فى التغيير وحقهم في التصويت فى الانتخابات - الزميل النشط محمد توفيق كتب على صفحته على الفيس بوك متعجبا من سماح مصر للسوادنيين والعراقيين الموجودين على أراضيها بالتصويت في الانتخابات، فى الوقت الذى لا تسمح فيه للمصريين الموجودين فى مصر بالانتخاب أصلا - لكن مصر لا تريد لهم ذلك. الخلاصة أن التجربة أثبتت فعلا مصر دولة كبيرة جدا، وقوية يمكن أن تتخذ موقفا ، وتحشد أي رأى لصالحها، اذا ما قررت أن تؤدب شعبها . [email protected]