لا حديث في مصر الآن سوى عن مظاهرات 30 يونيه الحالي التي دعت لها القوى المعارضة، للمطالبة بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة .. في مقابل مظاهرات حاشدة من جانب قوى وتيارات إسلامية داعمة للرئيس وبقائه في السلطة. كل الشواهد تؤكد أننا مقبلون على حرب أهلية لا يعلم إلا الله وحده نتائجها وتبعاتها لكن الحقيقة المؤكدة التي لا يختلف عليها أحد أن هذه المعركة سيخرج الجميع منها خاسرًا. وكنت أتمنى من جميع الأطراف سواء المؤيدة أو المعارضة أن يكون هناك اهتمام بما سيجري على أرض مصر بعد 30 يونيه.. ليطمئن الشعب على أحواله خلال الفترة القادمة لأن الإطاحة أو سحب الثقة من الرئيس حتى وإن كانت مهمة في رأي المعارضين إلا أن الأهم هو الإجابة عن عدة تساؤلات مهمة منها: وماذا بعد 30 يونيه؟.. وهل سيتم تسليم السلطة من جديد إلى المجلس العسكري لتدخل مصر في مرحلة انتقالية جديدة لا يعلم أحدًا نهايتها ولكنها ستنتهي حتمًا - كما حدث من قبل - برفع شعارات (يسقط يسقط حكم العسكر)؟ أم هل سيتم تطبيق مواد الدستور وتسلم السلطة إلى المحكمة الدستورية العليا التي بينها وبين التيارات الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الإخوان ما صنع الحداد – كما يقولون - . أم أنه سيتم تسليم السلطة إلى مجلس رئاسي يتم اختياره لإدارة المرحلة القادمة؟ وهل نحن وصلنا إلى درجة النضج السياسي التي تؤهلنا لاختيار أعضاء هذا المجلس دون أن نطلق على من سيتم اختياره لعضويته سهام الاتهامات والتخوين والعمالة وتنفيذ أجندات خارجية وداخلية؟.
هذه تساؤلات مشروعة وواقعية ينبغي التفكير في إجابات عليها منذ الآن حتى لا تدخل مصر في صراعات مأساوية ودموية ستكون لها نتائج بالغة السوء على الأجيال الحالية والقادمة.
وإذا كانت الغالبية في الشارع المصري الآن مقتنعة تمام الاقتناع بأن المطالب التي سترفعها مظاهرات 30 يونيه شرعية وواقعية، نظرًا لأن النظام الحاكم لم يقدم شيئًا ملموسًا يقنع به الناس بأنه سينهض بالبلد ويحقق الطموحات والأهداف التي تضمنها البرنامج الانتخابي لمرسي.. ويكفي تدليلًا على ذلك ما أعلنه د. ياسر علي أحد أبرز أعضاء الحملة الانتخابية لمرسي والمتحدث السابق للرئاسة ورئيس مركز المعلومات بمجلس الوزراء حاليًا أن استطلاع الرأي الذي أجراه المركز كشف أن 65 % من المصريين غير راضين عن أداء الحكومة.. كما أن أكبر دليل على انهيار شعبية النظام أن حملة تمرد أعلنت رسميًا أنها جمعت ما يزيد عن ال 17 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس، وهذا الرقم يفوق ما حصل عليه محمد مرسي في جولتي انتخابات الرئاسة التي أعلن فوزه بها.. كما يرى الداعون والمشاركون فى المظاهرات القادمة أن شرعية الرئيس سقطت مع دماء الشهداء التي سالت أمام قصر الاتحادية دون أن يقدم قاتلوهم للمحاكمة حتى الآن.. وسقطت شرعيته أيضَا عندما لم يقم بالوفاء بما وعد به الشعب في برنامجه الانتخابي.
ومع كل ذلك فإننا نتمنى أن تخرج المظاهرات سلمية وبشكل حضاري بعيدًا عن أعمال العنف والتخريب وحرق المنشآت العامة والممتلكات الخاصة حتى نبهر العالم ونؤكد لأنفسنا وله أننا شعب متحضر وله تاريخ عريق.
في المقابل أتمنى أن يراجع أعضاء التيارات الإسلامية أنفسهم ويمتنعون عن النزول للشارع أو الدعوة لمظاهرات يوم 30 يونيه، لأنه لو حدث ذلك فسوف تتحول مصر إلى بحور من الدم بين كل الأطراف المتصارعة.