مع كل خطاب للدكتور محمد مرسي أو أي فعاليات يشارك فيها، يتأكد للجميع أنه يعيش فى عالم افتراضي لا يمت للواقع بصلة، فمرسي يعيش فى دور الرئيس، ويصدق أنه صاحب القرارات التي تخرج من الاتحادية، وأنه على دراية كاملة بما يدور فى الشارع، وأنه المسئول عن إدارة شئون الدولة المصرية. ولكن الأخطر من هذا أن يصدق الدكتور مرسي هتافات الأهل والعشيرة الذين يتم تجميعهم من القرى والمراكز فى الريف وشحنهم فى أتوبيسات الجماعة والهتاف بحياة الرئيس المؤمن مقابل "وجبة باردة" والعودة مرة أخرى إلى الريف بعد انتهاء المهرجان للاستمتاع بانقطاع الكهرباء والمياه واختفاء السولار والبنزين، ورغم غياب هذه الخدمات التي لا يستطيع أحد أن يستغني عنها، إلا أن الأهل والعشيرة يعتبرون هذا نجاحًا وأن غياب هذه الخدمات لا يتجاوز أن يكون أمرًا نفسيًا يشعر به المواطن عندما تشتد عليه درجة حرارة الصيف وأن مرسي يسير فى الطريق الصحيح ولو كره الكارهون. وخلال خطابه أمام الأهل والعشيرة باستاد القاهرة واعجابهم بكل كلمة يقولها، ووسط هتافاتهم التي لم تنقطع، جدد الدكتور مرسي تأكيده أنه يعيش فى الوهم وأنه توجد حالة من الخصام بينه وبين الواقع، وأنه لا يري أبعد مما تنظر الجماعة، وأن كل من يرفضون حكمه ما هم إلا نفر من أتباع مبارك والنظام السابق الفاسد المفسد، وأن هؤلاء يعملون لإعادة هذا النظام البائد ودفع البلاد إلى دوامة الفوضى والدماء. هكذا يرى الرئيس المعارضة بأنها لا تتجاوز أن تكون من أتباع النظام السابق، وأن الرافضين له لا يمتون للقوى الثورية بصلة ولا يحبون الخير لهذه البلاد، وإذا كان مرسي حذر من يعتبرهم الفلول من العبث، فقد رحب بدعوات القتل والتخلص من المعارضة والدفاع عن الحاكم بالدم على يد أنصاره، وأصبح يحتمي بهؤلاء فى كل مناسبة، ويجلسون بجواره على المنصة، فهؤلاء يعتبرهم الدكتور مرسي الجنود الذين يدافعون عن حكمه بالدم، ومن حقهم الحديث عن القتل وسفك الدماء فى حضوره، فهو المدافع الأول عنهم، ومن حقهم الجلوس فى الصفوف الأولى والحديث باسمه، ولا يخفي هؤلاء أنهم يقدمون النصيحة للرئيس فى إدارة البلاد مع كل مناسبة يجدد الدكتور مرسي انحيازه المطلق للجماعة والأهل والعشيرة الذين يمثلون بالنسبة إليه كل شىء، وأن كل من هو خارج الجماعة لا يعدو أن يكون فى نظره "كمالة عدد" ليس من حقه الاعتراض، وإذا حدث هذا فهو من الفلول. إلى كل من راهنوا على تغيير سلوك هذا الرجل وإدراكه يومًا ما أنه رئيس لمصر وليس لجماعة الإخوان المسلمين.. لا تعيشوا فى هذا الوهم كثيرًا فهذا الرجل لن يتغير ولا يبحث سوى عن الخير للجماعة والاهل والعشيرة، وإذا كان يعتبر الجهاد فى سوريا فرض عين، فالنزول يوم 30 يونيه فرض عين على كل من يريد الخير لمصر. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.