برهامى: فرصة الحوار مازالت قائمة.. ومعاناة الشعب أكبر من عهد مبارك
حذر الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، من سفك الدماء في تظاهرات 30 يونيه، مشيرًا إلى أن مصر تعيش حالة من التوتر بانتظار ما يسفر عنه هذا اليوم، وما يحمله من مخاطر على كيان الدولة المصرية وليس فقط على منصب الرئيس وشخصه، ومع وجود طرق متباينة في التفكير وصور معروضة من قِبَل البعض للتعامل مع الموقف؛ مطالبًا بإعمال العقل السليم في ضوء النظر الشرعي للمصالح. وشدد برهامي في بيان له على أن الاستهانة بسفك الدماء من قِبَل أي طرف هو جهل منه بأدلة الشرع وجرأة غير محمودة يذم صاحبها عند الله ثم عند الناس، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (النساء:93)، والجرأة على التكفير لتبرير ذلك أشد وأفظع؛ لأنه يجمع إلى الذنب بدعة, وليس كل من خالف في المواقف السياسية يكون ملحدًا أو مأجورًا أو زنديقًا، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) (رواه البخاري). وأوضح أن الدماء "هي وقود الثورات"، وربما بدأ الأمر ببضعة آلاف يُقتل منهم آحاد فترعد لهم وتبرق ملايين "وعلى هذا يراهن أعداء هذه الأمة"، فانتبهوا لهذا المخطط الذي فشل عدة مرات ويحاولون مرات متتابعة بلا يأس، وإياكم وحماسة الاندفاع بعواطف غير محسوبة. وشدد على أن خروج بضعة آلاف أو حتى عشرات الآلاف -وهذا غير متوقع- لا يتغير به واقع على الأرض "وإن نفخ فيه الإعلام المعلوم توجهه"، فترك الأمر يمر ثم يموت كما ماتت محاولات سابقة، والاكتفاء بحماية الأجهزة الأمنية المسئولة للمباني والقصور الحكومية والرئاسية مع تأمين شخص الرئيس في مكان آمن - أمر سهل، مع التأكيد على عدم التعامل بعنف مع الخارجين؛ لأن سفك الدماء سيجر مئات الألوف الغاضبة أصلًا، المبغضة ابتداءً بسبب كثير من الممارسات التي أفقدتنا كإسلاميين جزءًا كبيرًا من شعبيتنا. وأشار إلى أن النخبة في الإعلام وعلى الأرض تستفز الناس وتذعرهم علينا، وأما خروج ملايين أو حتى مئات الألوف -وهو أمر مستبعد- فإن مصادمتهم ببعض مئات من المسلحين الذين يقولون: "سنواجه العنف بالعنف" لن يجدي، ولا ينبغي أن ننسى أن جهاز الشرطة في عهد "مبارك" مع الولاء التام من قياداته إلى مستويات من الأكبر إلى الأصغر -كان عدده نحو المليون ونصف- لم يستطع المقاومة أمام الملايين، ولن يقبل الناس دعوى أنها جهاد وحرب مقدسة دفاعًا عن دولة إسلامية لم تقم بعد. وحذر برهامي من وضع الإسلاميين جميعًا في بوتقة واحدة ضد الشعب الساخط المنهوك اقتصاديًّا الذي يعاني معاناة أشد من معاناته أيام "مبارك" وليس عند الكثير منه نفس درجة التحمل من أجل قضية كما هي عند الإسلاميين -مع التحفظ على الاصطلاح- يعرِّض العمل الإسلامي ذاته والدعوة إلى الله لخطر عظيم؛ خصوصًا مع إعلام "يُسمى بإسلامي" يجعل مخالفة جماعة أو شخص أو حتى الرئيس معاداة للدين أو حتى محاربة للمشروع الإسلامي! ولربما دفع هذا بعض الناس دفعًا لمحاربة الدين بالفعل طالما أنه على الصورة التي تزعمون، فالدعوة إلى الله لابد أن تظل باقية ومحفوظة المنزلة في النفوس. وقال : "ما زالت هناك فرصة لحوار سياسي حقيقي -لو صدقنا الرغبة في ذلك- مع كافة الأطراف، والمرحلة الحالية -عند العقلاء- ليست مرحلة مواجهة مع الجميع في الداخل والخارج، ولنتذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما قدِم المدينة عقد عهدًا مع اليهود -وهم اليهود- يتضمن مسئولية مشتركة للدفاع عن المدينة، مع أن المواجهة معهم حتمية وآتية ولابد، كما أنه ظل مستوعبًا للمنافقين أمثال "ابن سلول" مدة حياته؛ ليحافظ على وحدة المجتمع المسلم الناشئ، والمشكلة فيما سبق من حوارات تحولها إلى "مكلمة"؛ دون طرح حلول حقيقية واستعداد لائتلافٍ وطني حقيقي. وشدد نائب رئيس الدعوة السلفية على أن أسلوب الخطاب في الإعلام لابد أن يتخذ أسلوب التهدئة في مواجهة التهييج العلماني، وترك البذاءة الرخيصة التي هي في الحقيقة سبب عظيم لكسب تعاطف الشعب المصري مع مَن يُسب ويُؤذى وفقد تعاطفه، بل وحصول العداوة مع الساب المؤذي، ولنحذر من تصدير شخصيات بالخطاب الانفعالي حتى ولو نالت إعجاب شريحة محدودة من الإسلاميين.