بعد جولات كثيرة وتصريحات لاذعة ضد المرشحين للانتخابات الإيرانية، وبعد تصريحات رفسنجاني المتضاربة حول ترشيحه للانتخابات، فتارة يؤيد التكهنات حول ترشيحه، وتارة أخرى يرفضها وبعد ترشيحه الصاخب للانتخابات وقرار خامنئي بإعلام المرشحين الذين تم قبولهم من قبل مجلس صيانة الدستور، ومما لا شك فيه أن هذا الأمر يعتبر تحديد ملامح مسار النظام مستقبليًا وانتهاج سياسة المزيد من الانكماش. ولا شك أن رفسنجاني يعتبر أحد أهم رموز النظام الإيراني، وله اليد الطولى في القمع وفي انتزاع حق سيادة الشعب الإيراني، ولكن لعملية إقصائه في هذه المرحله أهمية قصوى ليس بناء على شخصه، لأن النظام لم يمتلك إدراكًا قط أو قدرة لانتهاج سياسة الانفتاح حتى في داخله فهو غير مستعد لقبول وتحمل حدوث أية فجوة في نهجه في الحكم. ومضت ثمانية أعوام على مجىء أحمدي نجاد فى الحكم. في حينها كان النظام بحاجة لهذا النوع من الرؤساء بغية وصوله إلى إنتاج القنبلة الذرية كضمان استراتيجي لبقائه، كان بحاجة إلى الانكماش الذاتي تكتيتكيًا لبلوغ غايات في نفس النظام.. وساعدته في حينها الحرب الأمريكية ضد العراق وإسقاط النظام العراقي السابق، ومهدت له الأجواء، وكانت الظروف مواتية له نتيجة انكماش داخليًا وتراجع استراتيجي.. ونتيجة لتراجع النطام جزئيًَا إضافة إلى مساوماته أيضًا كان من ضمن الأخطاء التي ارتكبها الغير لصالح نظام الملالي، الخطأ القاتل الذي ارتكبته قوات الائتلاف الدولية في العراق بتجريدها جيش التحرير الإيراني من أسلحته، وهذا ما مهد الأجواء للملالي الذين وجدوا الفرصة مواتية، فاغتنموها من أجل الإيغال في سياساتهم التوسعية والإرهابية في المنطقة، وفي العراق خاصة، وبدأوا بممارسة نفوذهم وتوسيعه في العراق إلى أقصى ما يمكن، ومن نتائج هذا التوغل المقيت مجيء حكومة عميلة برئاسة نوري المالكي وقيامه بتصعيد القمع والإعدامات والاغتيالات. وفي نفس الوقت مضى ملالي إيران دون خوف أو تردد في برنامجهم النووي دون اكتراث بالحصار الدولي مرحبين ومستغلين سياسة الاسترضاء المتبعة من قبل الدول الغربية تجاههم أسوأ استغلال. الآن بعد مضي ثمانية أعوام، الانقسامات والأزمات الداخلية للنظام الإيراني وربط مصير النظام بنظام بشار الأسد، جعل النظام في مرحلة السقوط وجعله بحاجة إلى الانكماش والتقهقر أكثر من أي وقت مضى بغية ضمان بقائه، لذلك من الضروري جدًا أن يكون الشخص المرشح الذي سيعين لتولي منصب رئاسة الجمهورية في إيران ممن يؤمنون ويلتزمون بهذا الخط وهذا النهج السياسي المحدد من قبل المرشد الأعلى للنظام بكامل الطاعة ودون أي تردد، وبالنتيجة في حال إهمال الدول المعنية لطبيعة النظام التوسعية، فإنه من المتوقع أن نشهد تصعيدًا ملحوظًا في نشاطات النظام الإيراني الإرهابية بعد الانتخابات إقليميًا وارتفاع وتيرة محاولاته لامتلاك القدرة النووية. فهل من حل لمواجهة مخاطر تهديدات هذا النظام؟ القراءة الدقيقة تقول إننا اليوم أمام خيارين، خيار تبديد السلام والاستقرار وتصعيد الأعمال الطائفية والتطرف وسباق التسلح النووي في المنطقة بسبب انتهاج سياسة التهدئة والاسترضاء مع ملالي إيران؟! أم خيار توقع وانتظار نشوب حرب استنزافية مع النظام الإيراني؟ السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، أعطت الجواب على هذا السؤال قبل عقد من الزمن بإعلان الحل الثالث، وهو أن الحرب ليست الحل لقضية إيران، ولا حل للأزمة مع النظام الإيراني من خلال انتهاج سياسة التهدئة والاسترضاء.. بل الحل الوحيد هو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.. اليوم وفي ظل انكماش النظام الإيراني على ذاته في قوقعة المرشد على خامنئي ونهجه كما أوضحنا آنفًا.. وبعد قيام النظام بقيام النظام الإيراني باستبعاد وإقصاء رفسنجاني من الانتخابات الرئاسية، فإن تداعيات هذه العملية الجراحية الكبيرة التي أجراها المرشد الأعلى للنظام في ظروف ومناخ اللاخيار، أصبح النظام أكثر هشاشة وأضعف مما سبق بسبب الاستنزاف. ومن الدلائل الأكثر وضوحًا هي عملية إقصاء رفسنجاني التي بينت حجم ومدى الخوف والقلق وانعدام الثقة واتساع فجوة الخراب بين رموز النظام. على الجانب الآخر، فإنه من الخيارات الرصينة والتي لا مناص عنها، هو وجود وبروز حل ومشروع المقاومة الإيرانية من أجل الخلاص من هذا النظام الوحشي الحاقد أكثر من أي وقت مضى، فاليوم لا تعد مسألة إسقاط نظام الملالي مطلبًا للشعب الإيراني فحسب، وإنما أصبحت ضرورة ملحة أمام المجتمع الدولي والمنطقة على وجه الخصوص. إن التطورات الحرجة والمتسارعة الراهنة تبرز أهمية ودور المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في حسم قضية ملالي إيران، وهنا أنه من الرشد والحكمة والأمر الواجب على المجتمع الدولي بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص أن يعترف بالمقاومة الإيرانية والإشادة بها وبدورها في المقاومة العادلة من أجل الشعب الإيراني وإبعاد المنطقة والعالم بعيدًَا عن شبح الحرب والفتنة وإراقة الدماء والإرهاب. التغيير الديمقراطي في إيران مشروع، والخيار الأفضل له هو خيار المقاومة الإيرانية ومع إيران ديمقراطية يصبح التغيير والسلام في المنطقة أمرًا ممكنًا.