ماذا سيفعل أصحاب النهضة فى سد النهضة؟ ولماذا اختار أهل إثيوبيا هذا التوقيت بالتحديد للإعلان عن تحويل النيل الأزرق كخطوة جادة لبناء السد؟ وكيف لهؤلاء الإثيوبيين أن يقفوا بتحدٍ فى وجه أكبر قوة فى القارة السمراء بل وصاحبة الفضل فى تحرر واستقلال العديد من دول العالم وأكبر قوة فى الوطن العربى؟ المدهش والملفت للنظر بل والاستغراب الذي يصل لحد الصدمة هو الموقف الرسمى للحكومة المصرية، فأحد الوزراء وهو المسئول عن هذا الجانب، يقول إن سد النهضة لا يؤثر سلباً على مصر!! حتى دون أن ينتظر لنتائج اللجنة المشكلة لدراسة الموقف. لعل هذا الموقف من هذا الوزير يجعلنى أسأله: أنت وزير تابع لمَن؟ وخاصة أن مصر الدولة الأكبر والأكثر اعتمادًا على مياه النيل، فالأمطار شبه معدومة، والمياه الجوفية غير متجددة، ومن هنا فإن مياه النيل تمثل حوالي 97% من موارد مصر المائية، وتبلغ حصة مصر 5،55 مليار متر مكعب والأرض المزروعة 3،6 مليون فدان، وهذا القدر من المياه لا يكفي لاحتياجات السكان؛ مما يضطر المصريون لإعادة استخدام المياه مرة ثانية، بالرغم من انخفاض نوعيتها، وتأثيرها السلبى المستمر على خصوبة الأرض الزراعية، وعلى معدلات الإنتاج. فبالرغم من ذلك نجد ممن يتكلم ويحسب على التيار الحاكم نجده يغالط فى الحقائق الجغرافية والتاريخية، بل إن أحد المعبرين عن هذا التيار والمسئول فى أحد الجرائد قال فى لقاء على الفضائيات يجب أن نضع أنفسنا مكان إثيوبيا ونضع إثيوبيا مكاننا؛ أيعقل هذا!! وكيف نرضى لأحد أن يقول لنا لا يجب أن تقوموا ببناء منشأة استثمارية على أرضكم؟! ألهذا الحد هانت علينا كرامتنا ومستقبل بلادنا وحياتنا وحياة أبنائنا ومستقبل وطننا؟ سيدى ألم يكن من الأفضل لو كان هناك قدر من التقدير والمهابة لدولتك أن تنتظر إثيوبيا لنتيجة أعمال اللجنة التى تم تشكيلها لدراسة الملف؟ سيدى.. ألم تقرأ فى التاريخ أن أجدادك فى عهد أسرة محمد على وصلوا لإثيوبيا ومنابع النيل، بل إن الخديوى إسماعيل كان يدفع قيمة أراضى فى إثيوبيا لتكون ملكًا لمصر، وعندما اعترض المجتمع الدولى تم الاتفاق على أن لمصر حق الانتفاع بهذه المناطق. هل نسى أو تناسى الإثيوبيون هذا التاريخ؟ فإذا كانوا قد نسوا فعلينا يا سادة أن نذكرهم به. كما يجب أن نذكرهم بكل الاتفاقيات التى تمت عبر التاريخ، والتى كانت بدايتها فى عام 1891م. إننا هنا نذكر من بيده الأمر أن مصر تعد الأكثر اعتمادًا على مياه النيل، وبالتالي كان طبيعيًا أن يمتد مفهوم الأمن المائي إلى المنابع الرئيسية في حوض النيل، ليعتبر أي عمل يجري في هذا الحوض يهدف للتأثير على حصة مصر المائية المقررة سنويًا وهي 55.5 مليار متر مكعب، عملاً يمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر، ومع التسليم بوجود اتفاقيات قانونية تنظم حصول مصر على حصتها المقررة سنويًا. وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تمت من خلال التطورات المتلاحقة التي شهدها العالم منذ نهاية الثمانينيات والتسعينيات، فإن مصر تواجه تحديًا حقيقيًا وهو دخول فاعلين جدد إلى منطقة حوض النيل، كإسرائيل والولايات المتحدة والبنك الدولي، وما أطلقه من مفاهيم جديدة منها (تسعير المياه وخصخصة المياه وبورصات المياه)، بما قد يعنيه من نشوء صراع بين تلك الدول خلال السنوات المقبلة، إذ يمكن أن تخرج القضية عن النطاق الإقليمي ويصبح للأطراف الخارجية دور تجاهها، ومن ثم يجب أن يكون رد الحكومة المصرية أصحاب مشروع النهضة واضحًا وصريحًا وحاسمًا يشعر الدانى والقاصى معه بهيبة مصر وقوتها. كما يجب أن تستثمر مصر قوتها الناعمة من رجال دين مسيحى، وخاصة تأثير الكنيسة على الإثيوبيون وكذلك المسلمين ورجال أعمال وعلماء وخبراء وفنيين، وذلك بالقدر الذى يشعر الإثيوبيين ودول حوض النيل بالمنفعة المتبادلة مع المصريين، كما يجب أن يسعى المصريون فى ظل تواجد دولى يشهد على الاعتراف بحقوق مصر والسودان في استخدامات مياه نهر النيل وفقًا للمعاهدات التاريخية المنظمة، كما يجب التأكيد على ضرورة الأخطار المسبقة لدول المصب بأي مشاريع تقام على مجرى النهر وفروعه وتؤثر على تدفق المياه وكميتها, ويتم ذلك بالتنسيق بين دول المصب ودول المنبع، كما نؤكد أنه يجب أن يكون هناك شعور لدى العالم بقوة مصر وعظمتها وعزة أبنائها.