بجلستها المعقودة بتاريخ 2 يونيه 2013 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوص مواد قانون مجلس الشورى الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1980 والمعدل بالمرسومين بقانونين رقمي 109، 120 لسنة 2011، وقد أكدت المحكمة فى هذا الحكم أن القضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها يستتبع بطلان المجلس الذي انتخب على أساسها منذ تكوينه، إلا أنه يوقف أثر هذا البطلان صدور الدستور الجديد في ديسمبر سنة 2012 والذي نص في المادة (230) منه على أن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة منذ تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وتنتقل إلى مجلس النواب فور انتخابه السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب، بما مفاده أن مجلس الشورى الحالي مستمر في ممارسته لسلطة التشريع على النحو المنصوص عليه في المادة (230) سالفة الذكر حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، واعتبارًا من تاريخ تحقق هذا الأمر – انعقاد مجلس النواب الجديد – يتعين ترتيب الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية المطعون فيها. ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد أكدت في هذا الحكم بعبارات صريحة وواضحة أن إرجاء تنفيذ بطلان تكوين مجلس الشورى حتى انعقاد مجلس النواب الجديد جاء تنفيذًا لنص المادة (230) من الدستور الجديد، غير أن بعض رجال القانون يرون أن إرجاء تنفيذ بطلان تكوين مجلس الشورى جاء مراعاة من المحكمة بعدم ترك فراغ تشريعي نظرًا لما تمر به البلاد في المرحلة الراهنة من أوقات عصيبة ومرحلة انتقالية حرجة. والبادي من هذا التحليل القانوني أن هذا الرأي قد خلط بين مسلك المحكمة الدستورية العليا في هذا الحكم وبين الرخصة المخولة لها بمقتضى نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمعدلة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 168 لسنة 1998 والتي تنص الفقرة الثالثة منها على أن يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد لذلك تاريخ آخر.. الخ. والحقيقة أن المشرع قد أراد بهذا النص – كما جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – تخويل المحكمة الدستورية العليا سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها على الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها. ونرى أنه من الأهمية بمكان أن نلقي الضوء سريعًا على مقومات هذه الرخصة –سالفة البيان- وما تسببت فيه من خلاف بين رجال القانون حتى تتضح معالمها للقارئ الكريم. فالواقع أن التعديل الذي أدخله المشرع على نص المادة 49/3 من قانون المحكمة قد تسبب في إثارة عاصفة شديدة من انتقادات رجال الفقه الدستوري، حيث انقسم في شأن تقرير ما جاء به من أحكام، بين مؤيد ومعارض له، وقد بلغت الاعتراضات على هذا التعديل مداها بالقول بأنه جاء مخالفًا للدستور في شكله وفى موضوعه. وقد أبدينا وجهة نظرنا فى هذا الخصوص فى رسالتنا للدكتوراه التي كانت متخصصة فى مجال رقابة دستورية القوانين بالقول بأن هذا التعديل يفضى إلى نتائج شاذة يأباها المنطق القانوني السليم بإعطائه الحق للمحكمة الدستورية العليا فى تقرير الأثر الرجعي لحكمها أو عدم تقريره، وبذلك يكون الحكم الصادر بعدم الدستورية أحيانًا كاشفًا أي يسرى بأثر رجعي، ويكون منشأ في أحيان أخرى أي يسرى بأثر مباشر، ولا شك أن ذلك يفضي إلى فتح مظنة التدخل السياسي في أحكام المحكمة الدستورية العليا، مما يفقد الثقة في أحكامها. وعلى هذا النحو أعطى نص المادة 49 /3 من قانون المحكمة الدستورية لهذه المحكمة الحق فى تقرير تاريخ آخر غير تاريخ صدور النص المقضي بعدم دستوريته، وذلك على ضوء الظروف الخاصة ببعض الدعاوى التي تنظرها وتقديرها لحجم الخطورة الناجمة عن تقرير الأثر الرجعي بصفة مطلقة. لذا حق القول بأن إرجاء المحكمة الدستورية العليا لإعمال أثر حكمها ببطلان تكوين مجلس الشورى إلى موعد انعقاد مجلس النواب الجديد قد جاء تنفيذًا حرفيًا – ودون أدنى سلطة تقديرية لها في ذلك – لنص المادة (230) من الدستور المصري الحالي الصادر عام 2012، ويعد مسلك المحكمة هذا سابقة فريدة من نوعها في أحكام المحكمة الدستورية العليا لم تحدث مسبقًا فى تاريخها، ولا شك أن هذا المسلك يختلف تمامًا عن الرخصة المخولة للمحكمة الدستورية العليا بمقتضى نص المادة 49/ 3 من قانونها – كما بينّا – والتي تعطي للمحكمة سلطة تحديد تاريخ آخر لسريان أثر الحكم الصادر عنها. "والله ولى التوفيق" حفظ الله مصر وشعبها العظيم
دكتور أشرف إسماعيل عزب((المحامى بالنقض)) ومحامى الاتحاد المصرى للتأمين دكتوراه فى القانون الدستورى dr . ashraFazab @ hotmail. Com