قيادات إخوانية كبيرة، عقبت يوم أمس على حكم "الدستورية العليا" بلغة عنيفة ومتوترة، وبخطاب استعلائى بلغ حد التهديد باستخدام "مجلس الشورى" لسن تشريع يعيد هيكلة "المحكمة" وتفصيلها على مقاس الجماعة. رد فعل الجماعة، كان صادمًا ومؤلمًا ومخيفًا أيضًا، وعزز من صدقية الآراء التى ترى فى "الشورى" الحالي، أخطر مؤسسة على المستقبل السياسى المصري، وأنه من الواجب الوطني، إضعافه وكف أذاه.. وهذه مسألة باتت تستقر تدريجيًا فى الضمير الوطنى العام. المحكمة الدستورية، راعت فى حكمها "المصلحة العامة"، إذ قضت ب"بطلانه"، ولكنها أبقت عليه لإنجاز بعض المهام فى أضيق الحدود، وأن المجتمع المصري، قد يقبل وجوده وهو "قرفان".. كأكل "المضطر" لحم "الميتة". غير أن الجماعات والأحزاب المستفيدة من وجوده فيما يبدو لم تفهم جيدًا، وكعادتها، مغزى الرسالة التى أبرقت إليها من "الدستورية".. بأن المجلس "باطل".. ومن الأزكى والأطهر لنوابه وأعضائه، أن يتقدموا باستقالاتهم منه.. إذ كيف تقبل استخدام هذا "الباطل" فى سن تشريعات وقوانين ماسة بحياة البلاد والعباد؟! قلت إن البعض لم يفهم الرسالة.. وتعاطى مع الحكم بصلف وغرور بالغ الاستفزاز.. فهو فى رأيه "تحصيل حاصل" و"مثير للفتنة" و"اعتداء على الشرعية".. وأن "ترزية" الشورى قادرون على رد الصاع صاعين ب"تفصيل" قانون "تأديبي" يحيل المحكمة إلى إدارة ملحقة بالسلطة التنفيذية المختطفة حاليًا. المحكمة فكرت فى "المصلحة العامة" وأبقت على المجلس.. والبعض "فزع" من الحكم، ورأى أن وجود الأخير فرصة لاستكمال تنفيذ المشروعات التوسعية والاستيلائية لبعض الجماعات السياسية. ويبدو أن الحكم سيجرى استخدامه على عكس مقاصده.. وسيستخدم لإضفاء الشرعية على عمليات سن القوانين ذات المهمات التنظيمية الخاصة، على النحو الذى يحقق للنظام الجديد البقاء فى السلطة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. لن تنجو مصر، إذا نجا مجلس الشورى الحالي، ويبدو أنه أى المجلس لا يفهم "رصانة" المحكمة ولا التعامل معه ب"القانون" و"الدستور".. ويبدو لى أنه يحتاج إلى حركة وطنية شعبية واسعة تتحرك فى اتجاه إلزامه على أن يقمع شهوته الشبقية نحو استسهال "كلفتة" القوانين والتشريعات. الوضع بالغ الخطورة، ويحتاج إلى إبداع حلول جديدة للتعاطى مع هذا المجلس الخطير.. ولم لا تستلهم القوى الوطنية، تجارب حركات سياسية شاركت بالتراكم فى إنهاء حكم عائلة مبارك.. مثل "كفاية" و"6 إبريل".. ولم لا تؤسس حركات مثل "تمرد" للتصدى لمجلس الشورى، ووضعه دائمًا تحت ضغط شعبى واع ويقظ.. وردعه وزجره وتخويفه من أية مغامرة تستهدف إدخال تغييرات جوهرية وكبيرة فى منظومة التشريعات المصرية، الخاصة بمؤسسات الدولة الكبيرة والحساسة. الشورى لن تردعه المحاكم.. وإنما الرقابة الشعبية.. واستعادة خبرة الميادين التى ظلت متوهجة 18 يومًا إلى أن خرج مبارك إلى منفاه فى شرم الشيخ. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.