يتوقع إريك تراجر، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد واشنطن، فوز جماعة "الإخوان المسلمين" في الانتخابات البرلمانية التي لم يُحدد موعدها بعد؛ إلا أنَّها لن تجري قبل سبتمبر المقبل؛ حتى وإن تخلتْ "جبهة الإنقاذ الوطني" – أكبر كتلة كعارضة – عن موقفها المقاطع لخوض الانتخابات، فمشاركتها المتأخرة من شأنها تعقيد جهودها للدخول في منافسة مع الإخوان الناجحة في استقطاب قاعدة شعبية واسعة والتي بدأت استعدادتها بالفعل منذ بداية العام الجاري. وقال إن هذا المزيج من نقص الاحتياطات والنفقات المتزايدة يهدد قدرة الحكومة على استيراد القمح والوقود ودعمهم من أجل المواطنين، كما أن لنقص الوقود والأسمدة تأثيراً سلبياً على الإنتاج المحلي؛ إذ أنه سيجعل من المستبعد تحقيق مصر هدفها بإنتاج 9.5 مليون طن الحد اللازم لخفض اعتماد البلاد على الواردات الأجنبية، وكان نقص الوقود أيضًا سببًا في الانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي. واستبعد الباحث الأمريكي في مقاله الذي نشره الموقع الإلكتروني "لإذاعة صوت أمريكا" تخلي "الإخوان" على احتكارهم للسلطة مستشهدًا بقيام الرئيس مرسي بزيادة عدد الوزراء التابعين للجماعة في التشكيل الوزاري الجديد، وتجاهله لمطالب المعارضة باستبعاد وزيري الإعلام والداخلية، فضلا ًعن أن المسؤولين الذين سيقودون المفاوضات مع وفد صندوق النقد الدولي جميعهم من الإخوان المسلمين. واعتبر أن هذا النوع من الاستقطاب السياسي من شأنه عرقلة عملية الانعاش الاقتصادي في المستقبل القريب؛ إذ أن إصرار مرسي على إحكام الجماعة قبضتها على السلطة يتعارض مع إصرار صندوق النقد على تبني الحكومة المصرية للديمقراطية التي يعتبرها الصندوق ضرورية لضمان تأييد سياسي واسع للحصول على أي قرض. وتابع أن استمرار التوترات السياسية يهدد الاستثمارات الأجنبية، وصناعة السياحة؛ مما سيدفع مصر للاعتماد على الأموال المقدمة لها من قبل الدول النفطية أمثال قطر وليبيا والتي من المستبعد استمرارها إلى أجل غير مسمي، علاوة على، أن الأزمة المالية ستعقد من جهود الحكومة الرامية لاستعادة الأمن. ورأي أنه لسوء الحظ، فمن المرجح استمرار حالة الاستقطاب السياسي المصري حتي بعد انقضاء فصل الصيف، فمن المحتمل إقصاء المعارضة عن المشهد السياسي وعدم تحديد موعد الانتخابات البرلمانية يجعل من تظاهرات الشوارع السبيل الوحيد أمامهم للتعبير عن مواقفهم. ويرى أن تلك المشاكل الناتجة عن نقص الوقود من المتوقع تزايدها لحاجة المواطنين لتشغيل أجهزة التكييف نظراً لارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، كما أن الوضع لم يكن مريحًا خلال شهر رمضان المقبل الذي يطول فيه النهار بينما 90 % من المصريين صائمون. ويقول ترايجر إنه من المستبعد نجاح حملة "تمرد" في تحقيق هدفها بجمع 15 مليون توقيع بحلول 30 يونيه الموافق للذكرى السنوية لتولي مرسي منصبه؛ إلا أن حقيقة أنها استطاعت جمع 2 مليون توقيع تشير إلى حالة الإحباط المتفشي بين المصريين وينبأ بأن يوم 30 يونيه سيشهد تظاهرات عظيمة. وأوضح الباحث الأمريكي أن رد فعل الإخوان على ما يواجهونه من تحديات سياسية إنما يزيد من تفاقم الأوضاع سوءًا وعلى ما يبدو يزيد من تعنت المعارضة، لكن الجماعة تبنت القمع ضد معارضيهم بدلا ًمن أن تسعى لاحتوائهم، مشيرًا إلى اعتقال أحمد ماهر – مؤسس حركة 6 إبريل – بعد عودته من رحلة إلى الولاياتالمتحدة، بتهمة التحريض على التظاهر أمام منزل وزير الداخلية، كما أن المدعي العام يقوم بالتحقيق مع اثنين من الإعلاميين هما: عمرو أديب ومحمد شردي لدعمهما حملة "تمرد". وحث الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، الإدارة الأمريكية على تشجيع القاهرة؛ لاتخاذ إصلاحات سياسية واقتصادية من شأنها تهدئة الوضع وتحسين نظام الحكم، فضلاً عن محاولة الرئيس أوباما التركيز على الحفاظ على المصالح الاستراتيجية الحيوية وسط حالة الاضطرابات المُتجددة. وكشف عن أن تفاقم الإحباطات الاقتصادية والسياسية في مصر، إلى جانب عجز الدولة عن استعادة النظام والأمن من شأنه زيادة الاضطرابات خلال هذا الصيف؛ بل وبعده أيضاً؛ ورأى أنه ينبغي على واشنطن نظرًا لذلك التركيز على تحقيق هدفين: الأول: ينبغى عليها تشجيع الجهات السياسية المصرية الفاعلة على تهدئة ذلك التوتر، مما يعنى حثها المعارضة على عدم التخلي عن السياسة؛ لأن المشاركة في النظام الحالي يمهد الطريق لتقاسم السلطة فيما بعد وذلك أفضل من وجه نظر الباحث من المطالبة "بالتمرد" ضد مرسي الذي سيؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار والتدهور الاقتصادي. وأضاف تراجر أما فيما يتعلق بجماعة "الإخوان المسلمين" فينبغي على المسئولين الأمريكيين الإشارة إلى أن مصر لن تستطع الاعتماد على أموال الدول النفطية مثل قطر وليبيا للحفاظ لتخطى انخفاض الاحتياطي الأجنبي، كما أن فشل الحكومة في تحقيق إصلاحات حيوية، سيؤدي في نهاية المطاف إلى اعتبار"فاعلي الخير" – قطر وليبيا – ما قاموا به استثمار "سيئ" – على حد وصف الكاتب. الثاني: هو أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تضع في اعتبارها احتمالية رفض الإخوان والمعارضة لتلك النصيحة ومن هنا تتوقع حالة عدم الاستقرار، وهنا ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تركز – بخاصة – على ثلاث مصالح استراتيجية لها باتت مهددة بالخطر، أولاً: الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر، والكيان الصهيوني لأنها من الممكن أن تخضع لضغوط لتفاقم أعمال العنف في سيناء أو تفاقم الموقف الشعبي الرافض لها. أما الأمر الثاني: فهو تعزيز أمن قناة السويس الذي هددته – بالفعل – الاضطرابات الأهلية التي اندلعت مؤخرًا، وأخيراً العمل على تضافر الجهود؛ لمكافحة الإرهاب؛ نظرًا لظهور الجهاديين السلفيين في مصر. ورأى في ختام مقاله أنه ينبغي على واشنطن التنسيق مع لواءات الجيش المصري؛ لكونه المسئول الأول عن تحقيق تلك الأمور لضمان الالتزام بخطط الطوارئ.