حسن نصرالله زعيم ميليشيا حزب الله هو النجم الذي هوى. كان نصر الله قد ارتقى مكانًا عاليًا، لكنه هبط إلى الحضيض ليعود إلى منبعه ومنبته. كان يحلق في سماء العرب ليس باعتباره قائدًا لحزب شيعي، إنما لكونه مقاومًا عابرًا للطوائف والمذاهب والأديان والأيديولوجيات والأوطان. هكذا ظهر، وهكذا كان يتحدث بلسان جامع. كان السنة قبل الشيعة يرون فيه مناضلًا يتحدى إسرائيل ويواجهها بشجاعة وشرف. كان صوته في خطبه النارية يثير حماسة العرب. وكانت صوره ترفع في المظاهرات، وتعلق في البيوت. كان يوحي أنه يحمل بذرة تآلف سني شيعي تصلح لتكون بداية لطي صفحات تاريخ طويل من الثارات المفتعلة لبناء مستقبل من التفاهم والمحبة والتسامح لأبناء الدين الواحد الذين فرقهم تسييس الدين، وتوظيفه لأغراض مذهبية ضيقة. لكن للأسف الشديد سقط نصر الله من عليائه، وهبط إلى الحضيض، وخلع قناعه المزيف الذي ظل يخفي وجهه الطائفي لسنوات، وثبت أنه كان يخادع، وبذلك تتأكد مرة أخرى مقولة "إنك لو استطعت خداع الناس بعض الوقت، فلن تستطيع خداعهم كل الوقت". وهذا ما يحصل اليوم عندما يعود نصرالله إلى كونه مجرد شيعي لبناني ينحاز إلى واحد من بني مذهبه اسمه بشار الأسد يسفك دماء شعبه الذي يصبو إلى الحرية. يصطف زعيم الميليشيا إلى جانب القاتل لأنهما من نفس الطينة المذهبية والاستبدادية والطغيانية ووراءهما إرث من الخرافات والأساطير، لذلك ينطفئ بريقه ويأفل نجمه. والوجه الحقيقي لنصر الله لم ينكشف اليوم فقط، بل بدأ ذلك تدريجيًا قبل 6 سنوات عندما غزا حزبه المناطق السنية في بيروت لإرهاب حكومة فؤاد السنيورة ومعها الطوائف والأحزاب التي تطالبه بأن يكون جزءًا من الدولة، وليس مهيمنًا عليها، وقد تحقق له ما أراد، ووضع لبنان كله تحت حراب سلاحه، حيث يسقط حكومات، ويتآمر على سعد الحريري وتيار المستقبل الممثل الحقيقي للطائفة السنية لإقصائه عن رئاسة الحكومة ليأتي بالتابعين له ولسوريا على رأسها لتكون في خدمة مصالحه ومن يحركونه في طهران ودمشق. لا ننسى أن تحقيقات المحكمة الدولية وجهت الاتهام لعناصر في ميليشيا نصرالله باغتيال الشهيد رفيق الحريري وكوكبة من عقول وساسة ومفكري لبنان، ورصاص الغدر وصل للشهيد وسام الحسن ضابط فرع أمن المعلومات الذي كشف مؤامرة الوزير اللبناني الأسبق ميشيل سماحة مع نظام الأسد للقيام باغتيالات جديدة لساسة لبنانيين لإرباك الساحة الداخلية وإشعال الفتنة في هذا البلد. وأي زعم جديد من هذا الميليشياوي الإيراني بوجه لبناني عن رفع راية المقاومة، والدفاع عن فلسطين، هي تجارة كاسدة، ومواصلة لحديث الإفك الانتهازي الذي لم يعد يلقى قبولًا أو تصديقًا إلا ممن ينتمون إليه، ومن بقايا مخلفات أيديولوجيات وتيارات سياسية خرجت من التاريخ. لو كان نصر الله يريد أن يحافظ على مكانته، ويؤكد مصداقيته، لكان أيد صراحة حق السوريين في الحرية، ولكان طالب بوقف سفك الدم، ولكان ضغط مع سيدته إيران على الأسد في بواكير الثورة لدفعه للإصلاح الجاد، وهذا كان مطلب الثورة، ولم يكن أحد يطلب منه آنذاك الرحيل، ولو كانت هناك انتخابات حرة ونزيهة وفاز الأسد لكان ذلك مقبولًا، لكنه لم يفعل، وانحاز منذ اليوم الأول للمجرم، فلا تعنيه قضية الحرية، فهو جزء من تحالف مناهض للحرية، ومؤيد لتكميم الأفواه، وتحويل الشعوب إلى قطيع، وقياداتهم إلى ثقافة الموت، وليس الحياة. يتأكد كل يوم أن "حماس" حركة مقاومة وطنية شريفة لأنها ورغم علاقاتها الوثيقة بدمشق، واستضافتها لقاداتها - الأسد فعل ذلك ليواصل التجارة بالقضية الفلسطينية وليس لخدمتها- إلا أنها انحازت للشعب السوري، ولو لم تفعل ذلك لكانت قد خانت مبادئها ونضالها، أما حزب الله فهو لم يخن مبادئه المزعومة فقط، إنما فضح حقيقته المذهبية المتعصبة، لذلك يشارك "هولاكو" العصر في قتل السوريين، لكن معركته على أرض سوريا لن تكون سهلة، لأنه إذا كان قد حارب الجيش النظامي الإسرائيلي على أرضه، وبمنطق حرب العصابات، فإنه ذهب إلى أرض ليست أرضه، وإلى مواجهة مقاتلين تمرسوا خلال عامين على حرب العصابات، لذلك يخسر العشرات من مقاتليه، ونعوشهم تتوالى إلى معقله في الضاحية الجنوبية ببيروت. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.