في مؤشر على صعوبة موقفة مع استمرار تصاعد الضغوط عليه من جانب القضاة المطالبين بإلغاء إجراءات استكمال تعيين دفعتين من الإناث في مجلس الدولة، تراجع المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة عن موقفه الرافض لعقد الجمعية العمومية الطارئة التي دعا إليها أعضاء المكتب الخاص والجمعية العمومية من أجل مناقشة إلغاء القرار الذي أثار موجة جدل واسعة في أوساط القضاة بالمجلس المختص بفصل النزاعات الإدارية. وكان الحسيني عارض بشدة عقد الجمعية العمومية الطارئة في أعقاب قراره المثير للجدل مخالفا رأي أغلبية مستشاري مجلس الدولة، لكنه عاد وألغى قراره سامحا بعقدها تحسبا لاحتدام الصراع داخل المجلس، خاصة مع إصرار أعضاء المجلس الخاص مدعومين من المستشار يحيى الدكروري رئيس نادي مجلس الدولة على عقد الاجتماع الطارئ، والتلويح بإمكانية طرح سحب الثقة منه في سابقة بمجلس الدولة. ورغم تراجعه عن قراره بإلغاء عقد الجمعية العمومية، إلا أن "المصريون" علمت أن هذا الموقف لا علاقة له بتراجع الحسيني عن موقفه من قراره الذي يحظى باعتراض غالبية قضاة مجلس الدولة، حيث سيواصل التصدي للضغوط وإقرار تعيين الإناث في المجلس رغم تصاعد الأصوات المعارضة للقرار. وكشفت مصادر قضائية ل "المصريون" أن الحسيني تلقى اتصالات من جهات رفيعة المستوى تدعوه إلى عدم تصعيد المواجهة مع المعارضين الذين هددوا بإمكانية عقد الجمعية العمومية القادمة- بحسب مصادر مقربة من نادي مجلس الدولة- على سلالم المجلس، وهو ما حدا به للتراجع ولو مؤقتا وفتح قاعات المجلس لعقد الجمعية العمومية الطارئة حتى لا يتسبب هذا الأمر في تفجر الأوضاع داخل مجلس الدولة. إلى ذلك، أخفق الاجتماع الذين ضم المستشار محمد عبد الغني رئيس الجمعية العمومية ومجموعة الأربعة بالمجلس الخاص والرافضين لتعيين الإناث في التوصل لحل ينهي الأزمة حيث تمسكت المجموعة بموقفها الرافض، مطالبة بإلغاء القرار رغم الجهود التي بذلها المستشار يحيى عبد المجيد محافظ الشرقية والأمين العام السابق لمجلس الدولة بسبب تباعد المواقف بين الطرفين ورفضهما القبول بأي حلول وسط للأزمة. ونقلت مصادر مقربة من المستشار دكروري، إن هناك تصميما على إلغاء قرار الحسيني والعودة لطرح الأمر برمته مرة على الجمعية العمومية والمجلس الخاص والاحتكام إلى قرارهما، وهو ما يشير بشكل غير مباشر إلى إلغاء القرار وإن كان بصورة تحفظ ماء وجه رئيس المجلس أمام عموم أعضاء مجلس الدولة. من جهته، رفض المستشار معتز كامل مرسي الأمين العام لمجلس الدولة التعليق على تراجع المستشار الحسيني عن إلغاء الجمعية العمومية وموافقته على عقدها، مشيرا إلى أن انعقاد الجمعية لا يلغي إجراءات الاستمرار في تعيين إناث في دفعتي 2008/2009 في مجلس الدولة بحسب القرار الصادر من رئيس المجلس. وشدد في تصريح ل "المصريون" على أن مقر مجلس الدولة هو بيت لكل قضاة المجلس وأنه مفتوح أمامهم للاجتماع فيه ومناقشة أي قضايا تخصهم ما دام هذه المناقشات تضع الصالح العام في اعتبارها. في غضون ذلك، وجه عدد من عضوات مجلس الشعب أمس انتقادات حادة لاتجاه مجلس الدولة بعدم تعيين المرأة قاضية في المجلس واعتبرته مخالفا للدستور. وأكدت الدكتورة زينب رضوان وكيل المجلس أن هذا الاتجاه في حالة إلى تفسير، وقالت إن الدستور ينص على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرس في جميع المناصب مع الرجل، وأضافت أن المرآة المصرية هي أول من اعتلى كرسي الحكم في عهد الفراعنة، كما أن الإسلام أعطى المرأة مكانة لم تصل إليها في أعتى الديمقراطيات في العالم. وأشارت إلى أن المرأة أفتت في مسائل تسير عليها الأمة الإسلامية لكن مجلس الدولة جاء ليرفض تعينها كقاضية، وتساءلت: كيف نقبل أن تفصل المرأة في أمر يتعلق بالدين ونرفض أن تفصل في أمر يتعلق بالدنيا. واعتبرت النائبة سناء البنا التي أثارت القضية، أن قرار مجلس الدولة فيه إخلال كبير بمبدأ المساواة، وتساءلت كيف بعد أن وقعت مصر على الاتفاقيات الدولية التي تنهي كل أشكال التميز حتى المرآة ويأتي مجلس الدولة ويرفض تعينها كقاضية، واتهمت مجلس الدولة بأنه خالف مبدأ المساواة وتعسف في استخدام السلطة. وقالت النائبة جمالات رافع إن قرار مجلس الدولة يخالف نص الدستور وينكر حق المرأة في تولي المناصب وهي التي نجحت في كل منصب تولته، وناشدت المجلس أن يكون حاميا للدستور وليس منتهكا له ولا ينكر حق المرآة في التعيين كقاضية. وتساءلت النائبة هيام عامر: كيف يهدر مجلس الدولة حق المرأة وهي نصف المجتمع وأصبحت وزيرة وسفيرة ورئيسة جامعة وأثبتت ودودها في كل مكان، وطالبت مجلس الدولة بأن يتراجع عن قراره. وأوضح النائب المستقل حسين إبراهيم أن مسألة استقلال مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة بحكم الدستور ورفض تدخل مجلس الشعب في أعماله، وعقب الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس موضحا أن النائبات لم تتحدثن في صميم العمل القضائي وتحدثن عن ضرورة احترام حقوق الإنسان فهل نقول للمتضرر لا تبكي فماذا نفعل وهذا حقهن؟.