الحاج إبراهيم رويحل، 92 عامًا من مواليد 1920، فلاح بسيط قضى حياته في أرضه يعمل بجد لم يعرف معنى الرفاهية، لا يعرف معنى ثورة، ولا يعرف معنى احتجاج عاش طوال عمره في تراب أرضه لم يشارك في أي أحداث، ولا يتدخل فيما لا يعنيه, لا يفتي فيما لا يعلمه، وإنما يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أرضه فهو حقًا كما يقال نموذج للفلاح المصري الأصيل. في البداية قال: الحمد لله طوال سنوات عمري كلها صحتي كويسة، وأرفض الذهاب لأي طبيب أو لأي صيدلية، لافتًا إلى أن أيام زمان كانت كلها خير رغم أنها كانت أيام فقر وجوع إنما كانت كلها خير, أكتر من الأيام اللي عيشنها وشيفينها دلوقتي، كان زمان في فقر بس كان في صحة، ودلوقتي الناس اللي معاها فلوس مش مرتاحة وكمان معندهاش صحة وبرضه الناس اللي ممعهاش فلوس مريضة وبرضه مش لاقيه حتى ثمن العلاج. وتابع: كنا زمان بناكل اللحمة دي كل شهر مرة وكانت صحة الراجل أو الشاب فينا تعادل 10 من بتوع اليومين دول النهاردة الناس بتاكل كل يوم أو مرتين لحمة في الأسبوع بس للأسف مفيهاش فايدة، كنا بنشرب من مية الترعة دلوقتي بنشرب المية المفلترة والأمراض برضة مش سايبة الناس، كنت كل يوم بعد الفجر أذهب للأرض وأرجع العشاء كنت بشتغل بذراعي وفأسي، أما ولاد اليومين دول كل حاجة موجودة معاهم سهلة ماكينة المية تحت إيديه، جرار الزراعة بالتليفون اللي بيقول عليه المحمول كله بقى بالماكينة إنما زمان كل حاجة كانت بالذراع. لديه من البنين سبعة أولاد، أربعة ذكور وثلاث إناث، ولكنه لا يتذكر عدد أحفاده قائلًا: "هم كثير ربنا يخلي". لا تختلف حياته عن برنامج الفلاح المصري المعتاد يبدأ يومه بصلاة الفجر وتناول وجبة الإفطار ثم الذهاب إلى الحقل ليعود مع أذان المغرب ليتناول العشاء مع أسرته وتستمر عجلة الحياة في دورانها. قال: أيام زمان الناس كانت بتخاف على بعضها وكانوا بيودوا بعض وبيقفوا جنب بعض في كل حاجة، حتى في مواسم الزرع والحصاد كنا كلنا بنساعد بعض ولم يكن هناك بغضاء ولا شحناء بيننا، وكان اللي عنده أي شيء بيراضي اللي معندوش إنما دلوقتي كل واحد في حاله كله بيجري على لقمة عيشه الله يعين الناس على حالهم الحياة بقت صعبة. وأشار إلى أن قيراط الأرض الزراعية كان ب 15جنيهًا، والقيراط الغالي كان يصل ثمنه إلى 20 جنيهًا، وكانت الأرض عفية، دلوقتي بقى من 40 ألف جنيه وأنت طالع، كان زمان الواحد فينا بياكل أربعة أرغفة بلدي في الواجبة الواحدة دلوقتي الشاب بياكل ربع رغيف طابونة, لا كان فيه تليفزيون علشان نسهر ولا كان في كهربا كانت حياتنا كلها على اللمبة الجاز، وساعة ما الراديو طلع كان مزاج عندي سماع الست أم كلثوم. وأضاف أنه عاصر كل العصور الرئاسية وقبلها أيام الملك فاروق والملكية كانت أجمل أيام كان الخير كتير على الرغم من حركات الإنجليز القرعة إلا أنه كان فيه احترام للبني آدم وكانت الدنيا رخيصة. وأشار بغضب إلى عصري مبارك ومرسي الحالي منتقدًا سوء حالة المرافق في مصر وتدهور الأوضاع الاقتصادية، قائلًا: "مبارك وأيامنا الحلوة دي مرسي كويس قوي وعسل نحل دا حتى بلدنا وبيوتنا عايمة على مية المجاري المصاريف كتيرة والأمراض كتيرة، والحمد الله عايزين أكتر من كده إيه هو إحنا شوفنا إيه من مبارك ومرسي إلا كل خير يا عم ربنا يلطف بالناس كل يوم نسمع أخبار تنكد علينا والكل بيحارب بعضه علشان إيه ماعرفشي". قائلًا للشباب اليوم: ابعد يا بني عن الشر وامشي في حالك واجتهد في عملك تكن أغنى الناس.