انطلقت اليوم الثلاثاء، فعاليات مؤتمر التيار الشعبي المصري تحت عنوان "تجديد الاندماج الوطني وإدارة التعددية الدينية في مصر" بحضور عدد من قيادات التيار الشعبي وأعضاء مجلس الأمناء والشخصيات العامة. وبدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة حمدين صباحي، مؤسس التيار الشعبي، والتي أكد خلالها أن "عظمة مشهد حماية الأقباط للمسلمين أثناء الصلاة في ميدان التحرير، هو مشهد قاطع الدلالة بأن الشعب قادر أن يتوحد و يحقق الاندماج الوطني، ففي يناير كانت مصر المتعددة المتنوعة المتعددة المندمجة تعطي درسها لنفسها وللدنيا، مشيرًا إلى أنه في التحرير التقي التنوع الديني والطبقي والجهوي من الصعيد وبحري وسيناء والنوبة وتنوع اجتماعي من الرجال والنساء، والآن هذا المشهد العظيم يتعرض للتآكل، لأن الثورة لم تكتمل، بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها. وأضاف أن طريق الثورة يبدو عثرًا مليئًا بالتحديات، لأن السلطة التي حكمت بعد 25 يناير لم تكن على مستوى الشعب الذي أنجز الثورة، فلا ديمقراطية تحققت ولا عدالة اجتماعية تم التمهيد لها، وهو المطلب الأكثر إلحاحًا. وأكد صباحي أن طاقة الشعب التي مكنته من الإطاحة بالنظام هي نفس الإرادة التي نعتصم بها الآن، ولكن نري النقيض والتي كان آخرها حادث الخصوص، ورأينا مشيخة الأزهر والكاتدرائية يتعرضان لهجوم شديد كأن ما حدث في 25 يناير يجري تبديده عمدًا، مشددًا على أن الوحدة بين أبناء هذا الوطن شرط لاستكمال ثورتنا العظيمة، وأي تمييز بين المواطنين هو عدوان جائر وعقبة أمام استقلال الوطن. وأضاف "صباحي" أن التيار الشعبي بدأ التفكير لعقد مؤتمر عن "الاندماج الوطني وإدارة التعددية" لطرح مشكلاتها بطريقة عميقة وجادة و حوار يضمن لمصر أن تكون موحدة". وقال المفكر الاقتصادي سمير أمين: إن "الدين الإسلامي والمسيحي غير مهددين في مصر، والحقيقة أن الإسلام ليس هو المشكلة وليس الحل أيضا، ومن يتصور أنه الحل، فسيصبح هو المشكلة، وهذه القضية ليست في مصر فقط، بمعنى أن الثورات والانتفاضات التي حدثت في العالم العربي ليست ظواهر شاذة، بل بسبب تدهور المنظومة العالمية الرأسمالية، وهذا الانهيار يتخذ شكل انتفاضات وثورات شعبية خاصة في الدول التي عانت أكثر من غيرها من التدهور الاجتماعي وأيضا يتخذ شكل آخر مثل تفكك المنظومة الأوربية وأشكال أخرى مثل التناقض المتصاعد بين عدد من بلاد الجنوب. وأكد أمين أن هناك 3 مطالب للثورة، أولها العدالة الاجتماعية، والإخوان تختزل هذا المفهوم في الإحسان، عندما يتفاوت التوزيع في الدخل، وتفاوت توزيع الدخول ملازم لإفقار الأغلبية الشعبية، فالعدالة الاجتماعية عملية تتطلب إعادة النظر في مشروع التنمية الاقتصادية لإعطاء الأغلبية الشعبية نصيبها الوافر، ولا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية مع إملاءات وشروط صندوق النقد الدولي. وأضاف أمين المطلب الثاني للشعوب هو الديمقراطية، وهو لا يُختزل علي مجرد انتخابات والتعددية الحزبية، الديمقراطية عملية لا نهاية لها، في الممارسة والعلاقة بين المواطن والسلطة وبين الطبقات المختلفة في المجتمع من عمال وفلاحين وغيرها، وحق التنظيم والإضراب، لتحقيق حلول للاتجاه نحو التقدم، ليس هناك عدالة اجتماعية بدون ديمقراطية، والعكس، ولا يمكن الفصل بينهما، وبالتالي فلابد من ربط المطالب الديمقراطية بالمطالب الاجتماعية. وفي سياق حديثه عن المطلب الثالث وهو الكرامة، أكد سمير أمين أن الشعب المصري لم يجد بديلا إيجابيا ملموسا يحقق العدالة الاجتماعية والكرامة والاستقلال الوطني، بعد الانتفاضات الشعبية في مصر ودول العالم، التي واجهت نفس المشكلات التي تواجها مصر، ونحن بصدد تحدٍ وبحاجة لبناء جبهة تعترف بالتنوع الفكري في مجال مفاهيم العدالة الاجتماعية أو فيما يخص الديمقراطية أو الاستقلال الوطني، ولابد أن نصل لبرنامج بديل مرحلي يعطينا إجابات حقيقة ملموسة للعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني، وهذا النظام سيستمر في الحكم لو لم تقم هذه الجبهة. وقال الدكتور سمير مرقص، مستشار رئيس الجمهورية السابق، في الجلسة الثانية: إن "الاندماج الوطني هو الحضور الفاعل لمواطنين في إطار البنية المجتمعية والجماعة الوطنية التي يعيشون فيها، على أرضية المساواة، وما يجعلنا نثير هذه القضية أن 25 يناير فتحت الأفق لبناء مصر جديدة، وتجدد النخبة المصرية جيليا وطبقيا ونوعيا ودينيا وتحدث مؤسسات الدولة الوطنية.. إنه الأمل الذي وضع ملامحه الحراك الثوري في 25 يناير.. إنها الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية.. الأمل في بناء دولة المواطنة طالت ضربات قاسمة.. فالسلطة الحديثة أعادت إنتاج نفس مفاهيم السلطة القديمة.. وبدلا من التعاطي العلمي مع هذه الحوادث، هناك بعض التناول الإعلامي فقط، ونحاول هنا أن نعمل على مراجعة تلك المفاهيم، هذا ليس مؤتمرًا طائفيًا ينظمه الأقباط، ولا يتحرك من فكرة أن الأقباط أقلية وإنما من أن الأقباط مواطنون في المقام الأول. وقال الباحث السياسي جورج فهمي: إن "نظام مبارك ولكننا لم نبني بعده نظامًا جديدًا، وإذا كان مبارك اعتمد على الأجهزة الأمنية في معالجة الملف الطائفي، فبعد الثورة لا يوجد أمن و الأمر متروك للتفاعلات بين الناس وبعضها، مضيفًا أن من أسباب المشكلات الطائفية في مصر استمرار ضعف الكنيسة وصعود دور السلفيين لاحتواء الملف الطائفي في ظل غياب الدولة، بالإضافة إلى فشل خطاب المواطنة، لافتا إلى أن التميز في مصر لا يقتصر على الأقباط لكنة يمتد إلى النوبة وسيناء. وقال الباحث إبراهيم الهضيبي: إن بعد انسحاب دور الدولة وتقزمه، أصبح السوق هو ما يدير المجتمع وتفاعلاته، وليس كل قبطي مميز ضده، فالبعد الاقتصادي الاجتماعي مؤثر على وضع القبطي، ولو زالت هذه الأسباب سيختفي التمييز فورًا.