"يا رب بابا يقبض عشرة وعشرين جنيه" ! كان ذلك دعائى دائما فى مرحلة الطفولة ، أدعو به الله عز وجل بمنتهى الاخلاص قبل نهاية كل شهر دون يأس أو ملل أو كلل ، أملا أن يمن سبحانه وتعالى على والدى بزيادة جنيهات مرتبه من وظيفته الحكومية الفخيمة للرقم "عشرة وعشرين" !!! الذى هو بكل تأكيد يلى الرقم "تسعة وعشرين" الذى كان يمثل "أكبر حاجة" ومنتهى حدود عالم الأرقام كما كان يصور لى عبط الطفولة ! وبالتالى فلن تكون له حجة للهروب من الحاحى ومطالبته بشراء مجلة "ميكى" ، مجلتى المفضلة وقتها ، والى الآن أيضا ! ، كمنحة منه خارج نطاق مصروفى اليومى ، دعما منه لميولى الثقافية ، دون أن يعدنى أنه سيفعل "لما يزيد المرتب" متذرعا بأن المجلة ثمنها "ثلاثة قروش" بينما "الأهراااام" ثمنها "قرش ونصف" ! ، لذلك كان اقتراحه الدائم فى أى مفاوضات أن استبدل "ميكى" العزيزة الأثيرة ومغامرات بطوط وعم دهب ، وأشترك معه فى قراءة الأهرام وكتابات هيكل ونجيب محفوظ ويوسف ادريس ولويس عوض وعبد الرحمن الشرقاوى ، "قال يعنى" من باب تعلم السياسة والثقافة بينما الأمر كله من باب التوفير ليس الا ! تذكرت ذلك ، عندما فجر النائب المحترم د جمال زهران قنبلته الجديدة مناديا ببطلان تعيين د. عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق وعضو مجلس الشورى رئيسا لأحد البنوك المملوك بعضه للدولة ، ومطالبته برد المبالغ التى تقاضها من أموال البنك فى صورة مرتبات ، على غرار سعيه المحمود الذى أثمر عن فتوى مجلس الدولة الخاصة ببطلان تعيين الدكتور ابراهيم سليمان وزير الاسكان السابق والتلميذ النجيب للدكتور عبيد فى وظيفة مشابهة . تابعت بشغف قنبلة زهران ، خاصة فى الجزء الذى يطالب برد الأموال التى بلغت المائة مليون جنيه بالتمام والكمال بما يقترب من الثلاثة ملايين جنيه شهريا بواقع خمسمائة ألف دولار عدا ونقدا يتقاضاها رجل واحد فى بلد يكمل أغلبه عشاء "العيال" نوما ! رغم أن خبرته الأكيدة ، وربما الوحيدة ، لم تكن فى تنمية الأرباح وصناعة المشاريع التى يحرص عليها أى بنك ، ولكنها كانت فى بيع "عفش البيت" و"الأصول" ، وخرج من منصبه ، بفضل الله تعالى ، قبل أن يبدأ خطته الطموح لبيع السكان ! هذا الموضوع ، قيمة المرتب ، تناولته ، فى تحقيق أكثر من رائع ، مجلة روز اليوسف عدد 3 أكتوبر 2009 ، ذكرت فيه معلومات مثيرة حول مرتبات رجال البنوك فى مصر ، سواء الذين وصلوا الى مناصبهم بكفائتهم الشخصية أو أولئك الذين يصلون دائما من قبيل الترضية !!! ، مؤكدة بالنص ( أن أول من ابتكر فكرة زيادة أجور ومرتبات رؤساء البنوك فى مصر هو الدكتور عاطف عبيد عندما كان رئيسا للوزراء ) ، وقد خرج الرجل بعدها من الوزارة ليحصل على الحصانة ونصف المليون دولار شهريا !!!!. والأمر لا يقتصر على عمنا عبيد فقط ! بل سبق للنائب رجب هلال حميدة عضو المجلس الموقر أن فجر تحت "القبة" منذ شهور قنبلة مرتب رئبس مصلحة الضرائب الذى يبلغ ، على عهدة النائب ، مليون جنيه شهريا !!! وكتبت وقتها أن هذا المليون يتم تحصيله من حوالى خمسة عشرألفا من صغار الممولين سنويا .. نعم سنويا !!! أى أنه بدلا من أن تعودالضرائب التى ندفعها الينا كخدمات كما صدعنا الاعلان المشهور ، نجدها لا تكفى مرتب رئيس المصلحة وحده ! اذا فكم يبلغ دخل"التحصلدار" الكبير ؟ وماذا عن بقية دخول الحاشية المباركة رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين ؟ ولاحظ عزيزى القارىء أننى أسأل عن الدخل لا المرتب ! لأن مرتب رئيس الجمهورية يبلغ نحو "5100 جنيها" شاملا الأساسى والحوافز والبدلات وعشرة جنيهات منحة عيد العمال وعشرة جنيهات علاوة اجتماعية ، ومرتب رئيس الوزراء يبلغ نحو 2563 جنيها ، والوزراء نحو 2054 جنيها ، ونواب الوزراء نحو 1174 جنيها شهريا ، وهكذا مع العلاوة على الانصاف ، كما أورد تقرير الأستاذ "عبد الفتاح الجبالى "رئيس وحدة البحوث الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية بالاهرام !!! يعنى كلهم من محدودى الدخل ، خاصة الاخوة أصحاب ال 1174 جنيها شهريا !!! ، "حد عايز يقول حاجة ؟!!!!!!" وأصارحكم القول بأننى أخذتها "من قصيرها" وتكفلت بشراء مجلة "ميكى" لنجلى المحترم بمعرفتى ، حتى لا يعيد التاريخ نفسه ويطالبنى بزيادة البند الثقافى من مصروفه كما فعلت أنا مع والدى فى طفولتى ، منذ حوالى الثمانية عشر عاما فقط ! وخليها فى سرك ! ضمير مستتر: عزّي يغر السائلين فيحسبوا ، والفقر خاف ، أن كيسي ممتلِ كم خاب بي ظن امرئ متسول ، ولكم خجلت لخجلة المتسول (احمد الصافى النجفى) [email protected]