ذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية أن تراجع تأييد المواطن الأوروبي لفكرة الإتحاد بين دول القارة العجوز خلال العام الماضي، وفقدان بعض شعوب القارة ثقتها في الأشخاص الذين اختاروهم لإدارة دولهم، ومنحوهم حق تمثيلهم أوروبيا، يجعل من الإتحاد الأوروبي "رجل أوروبا المريض" في الوقت الراهن. وقالت المجلة - في تقرير لها بثته في موقعها الألكتروني على شبكة الإنترنت - إن بوادر الإنقسام الأوروبي قد بدت بالفعل في الأفق، بين دول كثيرة تعاني من آثار الإتحاد على اقتصاداتها ، ودولة وحيدة، هي ألمانيا، لا يزال شعبها ينظر للاتحاد نظرة إيجابية. وأضافت المجلة أن الأزمة الإقتصادية الحالية التي تعصف بأوروبا والديون التي تثاقلت على كاهل الدول بسبب العملة الموحدة ساهمت بشكل رئيسي في تراجع ثقة الأوروبيين في مشروع الإتحاد الأوروبي، الأمر الذي تثبته استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخرا. وأشارت المجلة إلى الدراسة التي أجراها مركز"بيو ريسيرش" الأمريكي مؤخرا وظهرت نتائجه مساء الإثنين ، حيث أفادت نتائجها بأن نسبة الأوروبيين الذين ينظرون إيجابيا لمشروع الإتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة 15 \% خلال عام واحد، لتصبح 45 \% من إجمالي سكان أوروبا خلال العام الحالي مقارنة بنسبة 60 \% خلال عام 2012. وقالت ديرشبيجل في تحليلها إن هذه النتائج أوضحت بجلاء أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي لا يزال أغلب مواطنيها يؤيدون تعزيز موقف الإتحاد الأوروبي ، الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا له، بهدف تمكينه من مواجهة الأزمة الراهنة. ونوهت دير شبيجل إلى السطور الافتتاحية، التي قدمت لنتائج هذه الدراسة، والتي قالت إن الجهود التي بذلها الأوروبيون خلال نصف قرن من الزمان لخلق قارة أكثر اتحادا أصبحت الآن أولى ضحايا أزمة اليورو، وأضحى المشروع الأوروبي حاليا سيئ السمعة في جميع أنحاء القارة، ما جعل من الإتحاد الأوروبي رجل القارة العجوز لهذا الزمان. وقالت المجلة أن الأمور المثيرة للقلق في نتائج الدراسة الأمريكية أن يرى 91 \% من الفرنسيين أن الوضع الإقتصادي لبلادهم متراجع، وأن يعتقد 67 \% منهم أن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند غير قادر على مواجهة تحديات الأزمة الإقتصادية ، وهي نسبة أسوأ بنحو 24 \% عن نسبة رضاء الفرنسيين عن أداء الرئيس السابق نيكولا ساركوزي حيال الأزمة ذاتها، أضف إلى ما سبق أن 77 \% من الفرنسيين يعتقدون بأن التكامل الأوروبي ساهم في تدهور الوضع الإقتصادي لبلادهم. وأشارت مجلة دير شبيجل في تحليلها إلى أن من بين ثماني دول أجري عليها الإستطلاع، كشف اليونانيون والإيطاليون عن نظرة أكثر قتامة للتكامل الإقتصادي الأوروبي من تلك التي يحملها الفرنسيون، ولكن الوضع مختلف بالنسبة لفرنسا التي يمثل انطباعها السلبي عن التكامل الأوروبي عبئا كبيرا على تنفيذه، بوصفها أحد الفرسين اللذين يجران العربة الأوروبية إلى الأمام إلى جانب ألمانيا. وفيما يتعلق ببقية الدول الأوروبية، فإن شعوبها لم يكن لديها سوى ما هو سئ للحديث عن قادتها السياسيين، ففي إيطاليا مثلا أعرب 25 \% فقط من الإيطاليين عن رضاهم تجاه إدارة حكومة رئيس الوزراء ماريو مونتي للأزمة الإقتصادية، وهي النسبة التي انخفضت بنحو 23 \% عن العام السابق، وفي المقابل فإن 69 \% من الإيطاليين أعربوا عن عدم رضاهم عن التوجهات الإقتصادية لحكومتهم، وهي نسبة منخفضة نسبيا مقارنة بنسب 97 \% و94 \% اللتين تم تسجيلهما في اليونان وإسبانيا على التوالي. أما عن موقف الأوروبيين من أداء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مواجهة الأزمة الإقتصادية، فعلى الرغم من أن غالبية سكان الدول التي شملتها الدراسة يعتقدون بأن ميركل تقوم بجهد محمود في هذا الصدد؛ إلا أن نسبة هؤلاء قد تراجعت خلال العام الأخير بواقع 24 \% في إسبانيا و19 \% في إيطاليا و6 \% في ألمانيا ذاتها.