طبقًا لتقارير المركز المصري لمكافحة الألغام، فقد تسببت الألغام المنتشرة بالصحراء الغربية منذ معركة العلمين في قتل وإصابة آلاف المصريين. وطبقًا للإحصائيات الرسمية فقد سجلت 681 مصابًا من ضحايا الألغام خلال الفترة من 2000 حتى 2010، منهم 94% من الذكور والباقي من الإناث، و97% تتجاوز أعمارهم أكثر من 18 عامًا والباقي أقل من 18 عامًا، مبينة أن الإصابات معظمها في الأطراف العلوية من جسد المصابين والباقي في الأطراف السفلية وإصابات أخرى في الجسم. والحقيقة أن كارثة الألغام في مصر التي خلفتها معركة العلمين في الذكرى ال 70 على مرورها لا تقتصر على الضحايا من البشر فقط، ولكنها تعدت إلى حدود جعلتها تدمر أهم موارد مصر الاقتصادية، فهل يعقل وجود 868 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية ممنوع زراعتها في مصر، بالإضافة إلى ما يقرب من 5 ملايين فدان قابلة للزراعة، وهل يعقل أن مئات الفصائل من النباتات والحيوانات تندثر ولم نتحرك لإنقاذها خوفا من الألغام، وحتى المستثمرون الأجانب والوطنيون يخشون الاقتراب من الصحراء الغربية، لأنهم يعلمون أن الموت أو الإعاقة جزاء من يقترب من سلة غذاء الإمبراطورية الرومانية. وفي محاولة جديدة لإزالة الألغام يدرس بنك الأفكار بمجلس الوزراء أول خطة قومية لنزع أكثر من 22 مليون لغم بمصر يمثلون 14% من حجم الألغام في العالم، بينهم 17 مليون لغم بالصحراء الغربية فقط منذ الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى نحو 5 ملايين لغم في أماكن متفرقة من شبه جزيرة سيناء وسواحل البحر الأحمر وبعض مناطق قناة السويس والتي كانت مسرحًا للعمليات الحربية مع إسرائيل أو أماكن لتمركز قوات الطرفين. ورغم أن السجلات الرسمية المصرية تذكر أن عدد ضحايا الألغام بها حتى الآن نحو 8400 شخص ما بين قتيل ومصاب غالبيتهم من الأطفال والمدنيين إلا أنه من المعتقد أن العدد الحقيقي للضحايا يفوق ذلك كثيرًا، حيث إن الرصد الفعلي لم يبدأ إلا منذ عشرين عامًا، بالإضافة إلى أن البدو لا يهتمون بالإبلاغ عن وقوع الضحايا خاصة إذا كانوا من الأطفال. المشروع الذي يدرسة مجلس الوزراء سحمل اسم "مشروع نقاء" للتخلص من الغام وزراعة المنطقة الواقعة ما بين مدينة العلمين والضبعة كمرحلة أولى بمساحة 50 كيلومترًا مربعًا وزراعة 270 ألف فدان وتساهم في تشغيل حوالي 100 ألف عاطل. المشروع الذي رسم خريطته فريق علمي برئاسة المهندس أحمد شوقي الذي أوضح أن الحكومة المصرية لن تنفق جنيهًا واحدًا على المشروع، وأن القطاع الخاص متمثلًا في بعض الشركات سيتولى تسويقه محليًا وعالميًا لاستقطاب المساعدات والاستثمارات للبدء في تنفيذه فورا، مبينًا أنه بمجرد انتهاء الدراسات سيتم البدء فيه بنهاية شهر نوفمبر الجاري. وأوضح شوقي في ورقته البحثية التي تقدم بها لبنك الأفكار بمجلس الوزراء أن مشروعه ستتولى شركته "أريجسا" التعامل مع جميع مشاكل إزالة الألغام غير المنفجرة والري ومياه الشرب وكل ما يخص المشروع، مشيرًا إلي أنه سيتم استخدام التعامل عن بعد مع مشكلة الألغام باستخدام الطائرات بدون طيار والعربات الآلية بالتعاون مع الشركات العالمية التي تعمل في هذا المجال، بالإضافة إلى التعاون مع أرفع من القوات المسلحة. وقال إن جميع وسائل استصلاح وزراعة أراضي الصحراء الغربية لن تخرج عن استغلال الطبيعة ومياه البحر المتوسط في زراعتها اعتمادًا على أبحاث الدكتور أحمد مستجير، بالإضافة إلى تحلية مياه البحر المالحة بواسطة الطاقة التي سيتم توليدها من أشعة الشمس والرياح والماء ومن أي مصدر يحفظ للبيئة هذا النقاء. ومن أجل تنفيذ أول خطة قومية لإزالة 17 مليون لغم وزراعة مئات الآلاف من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة طالب المهندس أحمد شوقي ضرورة توفير 10 متطلبات لتنفيذ المشروع أولها، السماح بحق الانتفاع بأرض المشروع ولمدة 50 سنة، كما فعلت الدول التي عمرت أجزاءً كبيرة من أراضيها، وثانيها تخصيص المساحة المقابلة لأرض المشروع من البحر لخدمته، واستصدار قانون يمنح الشركات العالمية حق امتلاك 10% من أرض المشروع، بالإضافة إلى الحق في 20% من أي ثروات معدنية أو بترولية تكتشف في باطن الأرض، وإعفاءً جمركيًا كاملًا على جميع المعدات الخاصة بالمشروع، وإعفاءً من الضرائب، على أن تلتزم وزارة الزراعة بإمداد المشروع بالبذور المنتخبة المختارة بعناية، بالإضافة إلى الأسمدة. وأوضح أن أهم المتطلبات التزام الدولة بشراء المحصول الذي اختارت بنفسها زراعته في النسبة المخصصة لها وهي 75% من مساحة الأرض المنزرعة، وإصدار قرار ينص على السماح للشركات بالعمل مع وضع كافة التفاصيل قبل بدء العمل. وعن الموقع المستهدفة لنزع الألغام أوضح شوقي أن خريطة لصحراء الغربية بها 8 مواقع بها ألغام يجب نزعها فورًا، الأولى وهي المنطقة الساحلية لطريق "الإسكندرية – مطروح"، والثانية تبدأ من الكيلو (10) في طريق "أبو ديس" في مساحة تقدر ب 150 ألف فدان، والثالثة تضم مناطق "النودير والرويسات والمرير"، والرابعة تضم منطقتي "المناصب ودير القطعاني" وتشتمل 200 ألف فدان، والخامسة تضم منطقة "أم الخوابير ودير الراحل والأسبق" وقد زرعت هذه المنطقة بألغام من نوع "الشرانيل" الألمانية، والسادسة في باب القطارة في الكيلو (30) من طريق "العلمين - الحميمات"، وقد تم تطهيرها بواسطة فرق مصرية وخبراء شركات التنقيب عن البترول، والسابعة تضم "أبو ديس وحلق الضبع وظهر الحماد والحميمات"، والثامنة وتضم منطقة "برج رقبة الدالة" والتي تعتبر بمثابة عنق الزجاجة الموصل إلى منخفض القطارة، وهي منطقة مليئة بالطوربيدات غير المتفجرة لمحركات فرنسية وبريطانية.