في محاولة جديدة لإعادة سلة الغلال المصرية في الصحراء الغربية إلى سابق عهدها، يدرس مجلس الوزراء أكبر مشروع علمي لزراعة 7.5 مليون فدان في منطقة منخفض القطارة الذي سيتحول إلى بحيرة ضخمة في قلب الصحراء عن طريق تحويل المياة المهدرة من النيل اليها بواسطة أنابيب بلاستيكية تسير أسفل قاع البحر المتوسط. الفكرة التي تقدم بها فريق علمي إلى بنك الأفكار بمجلس الوزراء كانت السبب الرئيسي لتوقف مشروع "ممر التنمية" الذي تقدم به الدكتور فاروق الباز، وفكرته ببساطة تقوم على نظرية الأواني المستطرقة، فكما يقول الدكتور حمدي الراوي الخطيب، المشرف علي مشروع، "تحويل ماء النيل المهدرة لمنخفض القطارة بدون ميكنة لأنه يعتمد على أن منخفض القطارة ينخفض عن سطح الماء في البحر المتوسط حوالي 134 مترًا، مشيرًا إلى أن نهر النيل ينحدر عن منخفض القطارة 120 مترًا، موضحًا أن المشروع سيهدف في المقام الأول الاستفادة من المياه المهدرة التي يبتلعها البحر المتوسط يوميًا، والتي يبلغ حجمها 500 ألف متر مكعب". وأكد أن الخطوة الأولى من المشروع ستعتمد على إقامة سد ضخم على فرع دمياط، وبشكل هندسي لا يؤثر على الجزء الشرقي والتوسعات الاقتصادية بها، مبينًا أن السد سيقوم بحجز المياه وتحويلها إلى فرع رشيد، ثم يتم نقلها من رشيد إلى مدينة العالمين بواسطة أنابيب على مستوى قاع البحر على عمق 14 مترًا بمحاذاة النيل لمسافة 205 كيلو متر بنظرية الأواني المستطرقة، ثم تنتقل لمسافة 75 كيلومترًا من العلمين إلى منخفض القطارة بنظرية الضغط والخرفلة، بدون ميكنة، مبينًا أن هذه الطريقة ستكون أقل التكاليف التي يمكن أن تتحملها الدولة من أجل تعمير الصحراء الغربية وزراعتها بالقمح". وقال إن الأهمية الكبرى لمشروع تحويل مياه النيل إلى منخفض القطارة سيتمثل في توليد الكهرباء بطاقات مرتفعة، من خلال وضع توربينات على مسافات معقولة من سطح المنخفض بعدما يساوي مستوى المياه في النيل مستوى المياه في المنخفض، موضحًا أن مساحة منخفض القطارة يصل إلى حوالي 26 ألف كيلو متر مربع، وما حولها يصل إلى حوالي 7.5 مليون فدان يمكن زراعتها بالقمح والذرة والأرز. وأوضح أنه قام بإعداد نموذج مصغر بنفس الأبعاد الحقيقية على الطبيعة لمجرى نهر النيل والبحر المتوسط ومنطقة العلمين ومنخفض القطارة، مبينًا أنه نجح في ملء نموذج لنهر النيل بالماء العزب ونموذج البحر المتوسط بالماء المالح، وأنه بمجرد إمداد خط أنابيب من البلاستيك من نهر النيل إلى العلمين، تحركت المياه العزبة بنفس طريقة الأواني المستطرقة حتى وصلت إلى منخفض القطارة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن المشروع لن يحتاج سوى 15 أنبوبة فقط لنقل كميات هائلة من المياه بدون أي ماكينة. أما عن الأنابيب المستخدمة في نقل مياه النيل أكد الدكتور حمدي الراوي أن الأنابيب المستخدمة ستكون مصنعة من البلاستيك المثقل بقطر 36 بوصة حتى لا يتم انسدادها أثناء نقل المياه ولا تتعرض للتآكل نتيجة مرورها بالماء المالح بقاع البحر، مشيرًا إلى أن مستوى ضغط المياه الحلوة داخل الأنابيب تعادل مستوى الضغط المياه المالحة خارجها، مما يعني أن الأنابيب لن تتعرض للانفجار نتيجة الضغط، خاصة أن كثافة المياه المالحة أعلى من كثافة المياه الحلوة الأمر الذي يجعل الأنابيب في حالة ثبات مستمر على مستوى قاع البحر أثناء رحلة المياه الحلوة من رشيد إلى العلمين. وقال إن التربينات التي سيتم تركيبها لتوليد كهرباء سيتم توزيعها كل 10 أمتار انحدار بإجمالي 150 تربين توليد كهرباء على مستوى إجمالي الانحدار (15 أنبوبة ×10 متر انحدار = 150 تربينة) لإنتاج الكهرباء)، موضحًا أن هذا المشروع يمكن تنفيذه كاملًا بأيدٍ مصرية وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة أي مشاريع أخرى مطروحة، مبينًا أن أكبر عمق للمياه في أي ميناء واقعة على ساحل البحر المتوسط داخل الأراضي المصرية لم يتجاوز 12 مترًا وأن أي غاطس لأي باخرة تدخل هذه الموانئ لا يتجاوز 10 أمتار وبالتالي لن يحدث أي احتكاك لجسم أي باخرة بأنابيب نقل المياه. وأوضح الدكتور الراوي أن مصر أجرت الكثير من الأبحاث والأفكار لتنمية منطقة الصحراء الغربية ومدها بالمياه من خلال منخفض القطارة، ومن هذه الدراسات دراسة مشروع إنشاء قناة صناعية تمتد من العلمين شمالًا إلى منخفض القطارة جنوبًا بطول 75 كيلومترًا تقريبًا لتحويل مياه البحر المتوسط إلى منخفض القطارة، مبينًا أن هذه الفكرة ليست ذات جدوى اقتصادية لعدة اعتبارات أولها استراتيجي أمني، لأنها ستفصل الصحراء الغربية إلى جزأين، وثانيها اقتصادي خاصة أن دراسات الجدوي اكدت علي ان قناة الصحراء الغربية سيكلف الاقتصاد المصري 14 مليار دولار بحسابات 2009، بالإضافة إلى رفض بعض شركات البترول التي قدمت توصيات بعدم الاقتراب من تلك المنطقة لجدواها، مشيرًا إلى أن تنفيذ قناة الصحراء الغربية كان يحتاج إلى قنابل نووية صغيرة المدى تستخدم في الأغراض السلمية، وقد طلبت مصر الحصول على هذا النوع من القنابل لتنفيذ هذا المشروع ولكن الأممالمتحدة رفضت تواجد هذا النوع من القنابل على الأراضي المصرية. وأكد الدكتور حمدي الراوي أن مشروع تحويل مياه نهر النيل إلى منخفض القطارة لن يتعارض مع الاتفاقيات المبرمة بين دول حوض النيل، لأن مصر لن تستخدم سوى المياه المهدرة سنويًا في البحر المتوسط، مطالبًا بتنفيذ هذا المشروع على مراحل لتجنب الضغوط المادية التي تعانيها مصر حاليًا، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في عمل البنية التحتية لمنطقة الصحراء الغربية قبل تعمير هذه المنطقة الشاسعة. أما عن الاختلافات التي يتميز بها مشروع نقل ماء النيل المهدرة إلى منخفض القطارة بدون ميكنة عن مشروع ممر التنمية، فأوضح الدكتور الراوي أن المشروع ممكن أن يكون مكملًا لمشروع فاروق الباز، ولكنه لن يكون بديلًا عنه، مبينًا أن مشروع فاروق الباز عبارة عن أنبوبة لنقل مياه الشرب فقط من خلال عدة محاور سلمية متوازية مع نهر النيل، بعكس مشروع نقل المياه إلى منخفض القطارة، ولا يحتاج إلى محطات رفع، كما أنه سيحول القطارة إلى بحر داخل الصحراء الغربية من المياه العذبة قادرة على زراعة 7.5 مليون فدان من المحاصيل الاستراتيجية.