وجه مثقفون ومفكرون مصريون اتهامات للجنة الحريات الدينية الأمريكية بتجاهل طوائف وجماعات قالوا إنها تعاني من الاضطهاد الديني في مصر، وعدم بحث أوضاعها خلال زيارة وفدها الحالية المؤلف من تسعة أعضاء في إطار جولة لإعداد تقرير عن أوضاع الحريات الدينية بدول المنطقة، فيما اعتبروه يعكس سياسة "الكيل بمكيالين" التي تطبع السياسة الأمريكية بشكل عام، مؤكدين أن ذلك يؤكد وجهة النظر التي تتهم اللجنة بالتركيز على قضية الأقباط في مصر كمحاولة للابتزاز والضغط على مصر في ملفات أخرى. واتهم المفكر والكاتب جمال أسعد، لجنة الحريات الدينية الأمريكية بأنه لا يعنيها حقوق الإنسان أو الحريات الدينية، وأنهم يلعبون بورقة الأقباط لتطبيق العقوبات الواردة في قانون الحماية الدينية الصادر عام 1998 علي مصر وهي 16 عقوبة، أو على أقل تقدير كي يصدر تصريح من الخارجية الأمريكية يصور فيه الأقباط بالأقلية وأنهم ليسوا كباقي المصريين والتأكيد على أن الحكومة وراء اضطهادهم بشكل منظم مما يخول للولايات المتحدة في شئون مصر بموجب القانون الأمريكي وفرض العقوبات عليها، وتابع: هذا هو كل ما يريدونه هم ومن يتعاملون معهم من أقباط الداخل والخارج. وتساءل أسعد: إذا كانوا يدعون حقوق الإنسان، فأين هم من حقوق المواطن المصري البسيط مثل الحق في الملبس والمسكن والحياة؟ وأين هم من الاضطهاد الديني والسياسي الرسمي الذي يعاني منه جماعات وطوائف دينية كثيرة في مصر مثل جماعة "الإخوان المسلمين"، وكنيسة الأنبا ماكسيموس التي تعاني الاضطهاد الديني الداخلي من الكنيسة الأم؟ ولماذا لم تشملهم مقابلة الوفد الأمريكي؟ وأين هم من الحقوق المسلوبة من الفلسطيني الذي يعاني من المذابح اليومية علي يد العدو الإسرائيلي؟. وخلص إلى القول: لجنة الحريات الدينية تهدف من زيارتها الحالية إلى مصر تحقيق هدف بعينه واتخاذ ورقة الأقباط والأقلية الدينية المسيحية في مصر ذريعة، عبر الزعم بأن سبب حالة الاحتقان في مصر هو الاضطهاد المنظم من جانب الحكومة للأقلية المسيحية، متهما الولاياتالمتحدة بأنها تستغل ورقة الحريات الدينية حتى تعيد تقسيم خريطة الشرق الأوسط كله عل أسس طائفية مثلما حدث بالعراق والسودان والصومال وغيرها. وتوقف الباحث والكاتب الدكتور رفيق حبيب عند الملاحظة ذاتها التي أبداها أسعد حول تجاهل كنيسة الأنبا ماكسيموس، موضحا أن لجنة الحريات الدينية عدما تتعامل مع الشأن المسيحي في مصر فهي تتعامل مع الكنيسة الأرثوذكسية، لأنها تدرك حساسية التعامل مع طائفة ناشئة مثل كنيسة الأنبا ماكسيموس وتراعي في النهاية علاقتها مع الكنيسة الأرثوذكسية، لذا فالمسالة ليست مسألة مبدأ عام لكنها خاضعة للحسابات والمصالح والعلاقات أيضا، كما يؤكد. واستبعد أن تقوم اللجنة بإدانة مصر أو الكنسية الأرثوذكسية بسبب موقفها من الطائفة الجديدة الذي يمثلها الأنبا ماكسيموس، فاللجنة ليست لها مبدأ مطلق، وبالتالي فهي تهتم بالقضية الجوهرية وهي أغلبية الأقباط ممثله في الكنيسة الأرثوذكسية. وأضاف أن هذا ينطبق أيضا على تجاهل اللجنة خلال زيارتها الجماعات الإسلامية المختلفة، ومنها جماعة "الإخوان المسلمين" الجماعة الأبرز علي الساحة والتي يصفها بأنها الأكثر تعرضا للاضطهاد في مصر، فهي تمنع من العمل الدعوى والعمل السياسي وأعضائها يملئون المعتقلات. أشار إلى أن هذه اللجان إذا كانت تهتم بالمبادئ الخاصة بحقوق الإنسان والانتقاص من الحريات الدينية في مصر أيًا كان الطرف الذي يعاني منه فستدين النظام، لكن عندما تتجه مثل هذا الاتجاه فهي تؤكد أن القضية قضية حسابات وقضية مصالح وأنها ليست محايدة وقانونية تنظر في الأمر بمبادئ قانونية عامة بل هي جهة لها أجندتها الخاصة. من جانبه، اتهم المحامي الإسلامي مختار نوح اللجنة بتجاهل بعض الجهات التي تتعرض لاضطهاد ديني أو سياسي في مصر، مرجعا ذلك لكونها لم تأت إلى مصر لدراسة موقف حالة الحريات الدينية، وبالتالي فلن تقابل كافة الأطراف المضطهدة، إلى جانب أنها لم تقابل وزارة الداخلية لتقف على مخالفات المسيحيين، كما أنها لم تتطلع على قضايا وحوادث قتل المسلمين بالأميرية منذ 7 أشهر، وأشار أنها ما جاءت إلا لتكوين ورقة ضغط علي النظام المصري ليبني بدل الجدار العازل أكثر من جدار. ووصف اللجنة بأنها كارثة أرجعها إلى ضعف النظام المصري وتساهله، وتساءل: ماذا لو انقلب الحال وشكلت مصر من أعضاء مجلس الشعب لجنة لدراسة حال الأقليات بأمريكا أو حتى في ألمانيا بعد منع المسلمين من ارتداء زيهم الديني؟ هل كان النظام الأمريكي ومجلس الوزراء والكونجرس الأمريكي سيقابلون هذه اللجنة أم أنهم سيضعونها في السجن بتهمة إهانة النظام الأمريكي؟. أما الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمين" فاعتبر تواجد اللجنة في مصر يمثل تدخلا سافرا ليس له غطاء دولي، مستنكرا ترحيب مصر بهذه اللجنة واستقبالها بالشكل الرسمي وإعطاء كافة المؤسسات الأخرى الحق في مقابلتها، وأشار أن هذا أمر يجب أن تراجعه الحكومة والنظام المصري لان أمر غير مقبول يتعارض مع السيادة المصرية.