-ايه ريحة البخور الجامدة دي اللي طالعة من مكتب سيادته يا ام بدوي ؟!! هكذا سألنا سكرتيرة الكوفتجي بيه رئيس فرع الطرمبات بمصلحة تعبئة الهوا في قزايز فقالت: -دا المخاوي يارجالة مع سيادته ...بيطلع له العفريت!!! -تاني العفريت؟!...مش هوه طلعهوله الاسبوع اللي فات؟!! -ح نعمل ايه؟!..الظاهر العفريت ركب سيادته تاني!!! فضحكنا بشدة استخفافا بما يحدث في المكتب المغلق،لكننا فوجئنا بعدها بترقية الكوفتجي بيه مساعدا ثان للشفخانجي بيه حامل حقيبة السيد مدير مكتب رئيس القطاع !! فذهبنا جميعا لتهنئة سيادته بهذه الثقة الغالية ونحن نحمل علبتين فوندان من ابو شلن وفي مقدمتنا المهياص والزومبجي والترباس والأونطجي وابوراسين والطربش ، فاستقبلنا سيادته وهو فاشخا بقه ع الآخر وقال: -متشكرين قوي يارجالة ؟!...وربنا يقدرني على رد جمايلكم بس استنوا عليا شوية لما أبقى مساعد اول حامل حقيبة السيد مدير مكتب رئيس القطاع!!! فقلنا ضاحكين: وليه بس التواضع ده ؟! ...انشاء الله المرة الجاية سيادتك تمسك الحقيبة نفسها !! فنظر حوله مرعوبا وقال: -الله يخرب بيوتكم ح تودوني في داهية!!...يا جماعة الحيطان ليها ودان!!! لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، فقد صدر قرار بتكليف الشنكوتي بيه بحمل الحقيبة بدلا من الشفخانجي بيه الذي ضبط متلبسا بمعاكسة سكرتيرة سعادة الباشا رئيس القطاع، فاختفى الكوفتجي بيه في ظروف غامضة! فسألنا ام بدوي : هوه الكوفتجي بيه مسافر والا اكلته القطة ؟!!! -ابدا ولا مسافر ولا متنيل بنيلة!!......سيادته زعلان ومقموص ومتأثر وقاعد في البيت !!! -اشمعنى؟! -عشان سيادته كان خلاص ح يخطب سكرتيرة سعادة الباشا رئيس القطاع!!! فقررنا الذهاب بربطة المعلم للاطمئنان على صحة سيادته في منزله بكفر المهابيل، وعندما اقتربنا من المنزل شممنا رائحة نفاذة تملأ الحارة والحواري المجاورة ، فأدركنا ان المخاوي سبقنا الى هناك!!! لم تمض اسابيع حتى غضب البهوات الكبار على الشنكوتي بيه لمحاولته فتح الحقيبة بطفاشة فطردوه شر طردة واختاروا بيضون بيه مكانه، فقرر الانعام على الكوفتجي بيه تقديرا لكفاءته بلقب مساعد أول حامل حقيبة السيد مدير مكتب رئيس القطاع !!! وفي ظل هذه التطورات كان من الطبيعي ان تتوطد العلاقة بين الكوفتجي بيه والمخاوي، حتى انه كان يستشيره في كل صغيرة وكبيرة، بما في ذلك مشكلاته العاطفية وخناقاته الزوجية، ويقال انه كان يستشيره قبل دخوله الى الحمام!! وذات يوم سمعنا ان الكوفتجي بيه قاعد يعيط في مكتبه ومش عايز يقابل حد، فذهبنا للاطمئنان عليه فقالت لنا ام بدوي: -فاكرين النجفة الكريستال الكبيرة اللي كانت في صالون سيادته! -طبعا فاكرينها!! ماهي دي اللي جاتله هدية في عيد ميلاده من الارناؤطي بتاع توكيل الطرمبات !! -مظبوط ...قال ايه !!! امبارح جاله ضيوف من البلد ، واول ماشافوا النجفة عينك ما تشوف الا النور!! -اوعي تقولي لنا انها انكسرت؟؟؟ -وحياتكم اتدشدشت مليون حتة!!! وسيادته قعد يعيط عليها زي العيال!! -طيب وبعدين ؟؟؟ -ابدا سيادته استدعى المخاوي!! وأهم عاملين جلسة تحضير أرواح جوه، عشان يعرفوا (عين) مين اللي كسرت النجفة ! وبعد اسبوعين اشتد الصراع في المصلحة على منصب حامل الحقيبة والذي خلا بوفاة بيضون بيه الذي مات بحسرته بعد ضياع الحقيبة منه في الزحمة !!! وكانت المنافسة حامية بين خنزؤور بيه وزعرور بيه، لكن الاثنين تم ضبطهما معا في قضية آداب مما جعل الاختيار ينحصر تقريبا في الكوفتجي بيه، لكن قرارا مفاجئا صدر بتعيين هشك بشك بيه الذي لم يكن مطروحا أصلا على الساحة، ويقال والعهدة على الرواي انه كان قريبا للهانم حرم الساعي الخصوصي بتاع سعادة مدير القطاع!!!! فسألنا المخاوي وهو يحتسي القرفة في كانتين المصلحة: -ما تفهمنا يا عم المخاوي ...همه البهوات الكبار ليه ما اختاروش الكوفتجي بيه؟!! -ح أقولكم ايه ؟!...حظ سيادته دكر والعفريت اللي راكبه جامد وعامله عكوسات!!! -طيب ما تشد حيلك معاه شوية يا عم المخاوي؟!!! -أديني باحاول مع العفريت ...وبعون الله ح اطلعه من جتته نهائي!!! وفي اليوم التالي كنا واقفين بالصدفة امام مكتب الكوفتجي بيه فشممنا رائحة بخور جامدة، بعدها سمعنا ان هشك بشك بيه طسته عربية نقل وهو جاي المصلحة فتم اختيار الكوفتجي بيه مكانه!! لكن المؤامرات اشتدت ضد الكوفتجي بيه بعد توليه مسئولية حمل حقيبة السيد مدير مكتب رئيس القطاع ، وكان واضحا ان السعران بيه مدير المشتريات وابو مطوة بيه مدير المبيعات مصممان على الاطاحة به بأي ثمن، لتصعيد ابن اختهما المعوق ذهنيا الحنطور بيه !!! وفي هذا الجو المكفهر وغير الطبيعي اختفى المخاوي تماما من المصلحة وسط شائعات قالت انه مقيم في منزل الكوفتجي بيه والبخور شغال ليل نهار فادركنا ان حدثا جللا سوف يقع ووضعنا ايدينا على قلوبنا!! وبالفعل اصيب السعران بيه وابو مطوة بيه بجلطة في المخ وشلل رباعي مما اثار رعب السيد رئيس القطاع فقرر ترقية الكوفتجي بيه مديرا لمكتبه حتة واحدة مع منحه كل الصلاحيات بما في ذلك حمل الحقيبة وفتحها كيفما يشاء!! وهكذا اقام سيادته حفلا كبيرا في الساحة الشعبية اللي ورا المصلحة ابتهاجا بهذه الترقية، وكان المخاوي هو نجم الحفلة الوحيد بلا منازع مما دفعنا جميعا للوقوف أمامه في طابور طويل على أمل أن يعطينا شوية بخور !!! ثم كانت المفاجأة الكبرى حين فوجئنا ذات يوم بالكوفتجي بيه يرأس الاجتماع اليومي بصفته رئيس القطاع المركزي للطرمبات بمصلحة تعبئة الهواء في قزايز، وحين ولى عائدا الى مكتبه وجدنا مكتوبا على ظهر جاكتة سيادته: "العين صابتني ورب العرش نجاني" !!