سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى بكرى يتحدث عن يوم الزحف العظيم لنصرة القضاة...وتفاصيل يوم هتك فيه الفأر عرض الفيل...ويوسف القعيد يقول ان الشائعات تهدد الحكومات المستبدة...والسلطة والاهمال والفساد يتحملون مسئولية تدمير البواخر السياحية
مازالت توابع زلزال انتفاضة القضاة تهز مصر المحروسة خاصة وان السلطة اصرت على ان تتصرف مع شعبها بدون عقل او تعقل ونبدأ جولتنا بمقال " بالعقل" لرئيس تحرير جريدة الاسبوع مصطفي بكري ليحكى ما شاهده يوم الزحف العظيم من فئات الشعب المصرى لنصرة سدنة العدالة حيث كتب بكرى فى مقاله الافتتاحى يقول " كانت الساعة قد بلغت التاسعة من صباح الخميس .. مضيت إلي مكتبي المجاور لدار القضاء العالي، حشود الامن المركزي تحاصر المكان، الوطن اختïصر في بقعة تبدأ حدودها من ميدان طلعت حرب جنوبا وحتي سنترال رمسيس شمالا ومن مبني نقابة المحامين غربا إلي مقهي الامريكين شرقا.. كان مبني دار القضاء العالي محاصرا من كل اتجاه، مئات الجنود يحاصرون المبني من كل اتجاه، ، رجال يرتدون الملابس الميري وآخرون يرتدون الملابس المدنية.. انه مشهد تعودنا عليه كثيرا.. اهبط من سيارتي، اتوجه إلي حيث الكاردونات، بعد حوار سريع وفقني الله وسïمح لي بالدخول، بعدها بقليل كان "الكاردون" الثاني بذلت جهدا لابأس به ثم سمح لي، وفي الكاردون الثالث تمكنت من المرور، كل ذلك جري في مسافة لايزيد طولها علي 50مترا. كان المشهد مهيبا، الحواجز، البشر، القضاة، الحركات الشعبية المناوئة، المحامون، الصحفيون، اعضاء البرلمان، كل يحاول أن يمضي إلي ساحة القضاء العالي، انهم يريدون ان يعربوا عن تضامنهم مع اثنين من أشرف قضاة مصر هما المستشاران محمود مكي وهشام البسطويسي، حاولوا كثيرا، لكن التعليمات كانت تختصر الموقف في كلمة واحدة: "ممنوع"!! كانت التعليمات صارمة، وكنت تري الحسرة علي وجوه الضباط والجنود، فهؤلاء ايضا مصريون، يشعرون بما نشعر، ويعانون نفس المعاناة، لكن ما حيلتهم وليس أمامهم سوي الانصياع للأوامر والتعليمات؟ ويضيف بكرى قائلا " مضيت إلي مكتبي المجاور، منذ قليل علمت انه جري القبض علي الزميل محمد عبد القدوس الناشط السياسي وعضو مجلس نقابة الصحفيين، في المساء كان محمد يحدثني، قال لي بلغته المعهودة "ياعمنا انا حاسس انهم حيقبضوا عليٌ غدا" حاولت أن اخفف من وطأة إحساسه، ولكن يبدو أنني كنت متفائلا أكثر من اللازم.. جاء محمد عبد القدوس إلي مبني نقابة الصحفيين مبكرا، حاولوا منعه وطلبوا منه الانصراف إلا إنه صمم وقال إنه سيمضي إلي مبني النقابة، ولم يجد رجال الشرطة في هذا الوقت سوي الدفع به إلي السيارة وإلقاء القبض عليه.. في العاشرة صباحا كانت الحشود قد بدأت تتدفق من كل اتجاه آلاف الناشطين السياسيين والمواطنين البسطاء زحفوا محاولين اختراق الحواجز، ارادوا أن يبلغوا القضاة رسالة واحدة.. "نحن معكم، لقد دافعتم عن حريتنا ورفضتم التزوير وجئنا لنقول لكم: لن نترككم وحدكم". كان المتظاهرون يدركون منذ البداية انه لن يسمح لهم باختراق الحواجز والوصول إلي دار القضاء العالي، فقسموا أنفسهم إلي ثلاث مجموعات أساسية: مجموعة انطلقت من عدلي وحاولت الالتحام بالقضاة فتمت مطاردتها في الشوارع، وأخري انطلقت من ميدان طلعت حرب، فلاقت ذات المصير، وهناك مجموعة زحفت من ميدان رمسيس، إلا أنها حوصرت ومنعت وجري القبض علي حوالي 300شخص اغلبهم من جماعة الاخوان المسلمين وناشطي حركة كفاية وبعض القوي السياسية الاخري. وفي جامعة القاهرة تجمع نحو 150استاذا جامعيا، ارتدوا الاوسمة الخضراء التي كتبوا عليها "اساتذة الجامعات" وظنوا أنهم بذلك يمكن ان يسمح لهم او يتركوا وشأنهم لكن قوات الامن كانت لهم بالمرصاد، فقد منعتهم وحذرتهم واغلقت الابواب عليهم، بل وحالت دون حقهم في التواصل داخل الجامعة ذاتها. ويستطرد بكرى معلقا " إن الأغرب من ذلك ان قوات الأمن منعت الطلاب والاساتذة من الدخول، وهو أمر اثار مشاعر استياء الكثيرين، وهو امر دفع استاذا جامعيا هو الدكتور مختار البربري الاستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة إلي أن يبدي غضبه الشديد ويوجه انتقاداته لكبار المسئولين ثم يذهب إلي رجال الأمن المحتشدين ويطلب منهم القبض عليه بتهمة سب النظام الناس محتقنة، الغضب بادي علي الوجوه، ماذا يفعل الناس أمام كل هذه الحشود التي تمنعهم حتي من مزاولة أعمالهم.. وتصر علي اشعارهم بالمهانة والعجز والدونية؟.. اما نصر القفاص فكتب فى جريدة المصرى اليوم يتحدث عن ملامح زمن قام فيه الفأر بهتك عرض الفيل مؤكدا ان ابشع من هذا يحدث حاليا فى مصر واستطرد الكاتب فى حديثه قائلا " كنت شاباً قبل ربع قرن.. انفعلت مع شعارات المرحلة.. أذكر منها مواجهة «النفاق الاجتماعي».. التدثر «بالطهارة».. كلنا وطنيون لا فرق بين مؤيد ومعارض إلا بالعمل.. ليس لدينا وقت للخلاف، ودعونا نعمل.. كان رئيس البلاد يدعو الساسة بألوان الطيف.. يناقش المعارض ويحاوره، بالاهتمام نفسه الذي يوليه للمؤيد.. لذا لم تظهر أزمات علي سطح المجتمع، لأن العمق كان سليماً معافي.. وعندما حدث «تمرد الجند» فيما عرف بأحداث الأمن المركزي، لم ينفرد صاحب القرار وربان السفينة برأيه.. بل إننا عندما بلغنا أزمة الصحافة مع القانون 93 لسنة 1995.. كان الرئيس حريصاً علي الاجتماع بأعضاء مجلس النقابة.. تفهم أسباب الأزمة، وسبق أطرافها إلي صياغة الحل. كل هذا كان يحدث.. قبل أن يصبح «النفاق الاجتماعي» أهم مؤهلات تقدم الصفوف.. قبل أن تتبخر «الطهارة» في هواء تحمله «السحابة السوداء»!! قبل أن يحتكر نفر منا الوطنية.. ويمتلك نفر آخر الحقيقة، وحده لا شريك له.. قبل أن يتخندق المؤيدون بالأغلبية، وأن يعتصم المعارضون خلف متاريس الرفض لك شيء.. ويعلنون العصيان في وجه من يحاول التماس الموضوعية!! كان المجتمع قادراً علي تقديم أفضل ما عنده، قبل إطلالة القرن الواحد والعشرين.. وبمجرد أن ولجنا القرن الجديد.. حدث في مصر ما لم يتخيله عقل.. انفرط عقد الحق.. امتطي الباطل صهوة جواده.. عشنا زمن أباطرة الفساد.. رأيناهم يستخفون بكلمة «السرقة» فهي عندهم «فلكولور»!! أعجبتهم كلمة «نهب».. فكانت التداعيات علي مسافات زمنية متباعدة بعض الشيء.. إلا أن العجلة ذاتها دارت بسرعة رهيبة.. فأصبحنا لا نملك القدرة علي متابعة ما يدور حولنا.. عاد الإرهاب ببشاعته.. غرقت عبارة كانت تحمل اسم السلام.. بعد ضبط محاولات إغراق مدينة الإنتاج الإعلامي.. وقبل محاولة إنقاذ المؤسسات الصحفية من الغرق - وليتها تنجح - اكتشفنا غرق هيئة المصل واللقاح.. ثم سمعنا عن غرق هيئة النقل العام.. ودعنا من عشرات إن لم تكن مئات البلاغات عن حوادث مماثلة، تحملها صفحات الجرائد القومية والمستقلة والمعارضة.. ولا داعي للتوقف أمام براعة وزارة الداخلية في إضافة فوضي إلي فوضي المرور.. لأن «الشعب المصري الشقيق» لم يعد يهم أحداً!! فالنواب تحت قبة البرلمان يبتادلون الصراخ والسباب.. الصحفيون اشتبكوا في معركة تخوين رهبية.. القضاة فرضت عليهم حالة تمزق غير حقيقية.. فالقول بأن أزمتهم داخلية، مجرد حق يراد به باطل!! لأن دار القضاء حوصرت لمنع محامي اثنين من كبار القضاة من دخولها... بينما اكتظت محكمة بمجانين مطرب مغمور متهم بالتزوير.. نقلت لنا الفضائيات في اليوم نفسه حصار القضاة، وصراخ عشاق المطرب المتهم بالتزوير هاتفين للعدل الذي أخذته شفقة بمستقبله.. وكتمنا صوت من ذهبوا دفاعاً عن تاريخ الأستاذين «مكي» و«بسطويسي»!! نعم.. الحكومة هي التي تكشف وقائع الفساد.. ولكن أين كانت طوال سنوات نسج هذا الفساد وتفصيله صحيح أن إخواننا أعضاء وقيادات «جماعة المطار السري» استثمروا «الفساد إللي للركب» وقدموا أنفسهم علي أنهم أطواق النجاة.. والصحيح - أيضا - أن أحزابنا السياسية، كانت قد سبقت الجميع في التنفس تحت الماء!! وظهر نجوم «الوقت الضائع» من غلمان الفساد.. أمسكوا العصي ليلهبوا ظهر كل من يحاول مناشدة عقلاء الأمة.. ويبعثروا الاتهمات يميناً ويساراً، بعد أن تأكدوا من أننا نعيش «زمن يهتك فيه الفأر عرض الفيل»!! وننتقل الى ما كتبه يوسف القعيد فى جريدة الاسبوع عن مشروع قانون تم تقديمه لمجلس الشعب يغلظ العقوبة بصورة مبالغ فيه على من يروج الشائعات ويعلق القعيد على ذلك مطالبا بالشفافية واتاحة حصول الصحفيين على المعلومات قبل اللجوء الى مثل هذه القوانين السيئة ومؤكدا فى الوقت ذاته ان الحكومات المستبدة هى التى تخاف وتقلق من الشائعات ويضيف القعيد " أعد النائب المستقل هشام مصطفي خليل اقتراحا بمشروع قانون بإنشاء جهاز لمكافحة الشائعات، نشرت مجلة الأهرام الاقتصادي نص المشروع، ومن المعروف أن الحكومات المستبدة تقلق من الشائعات عندما تكون ضدها .. مع ان الحكومات كثيرا ما تنزل شائعات للناس تتصور انها تسهل لها حكم البلاد .. وتنسي أن شائعات الناس قابلة للتصديق، وشائعات الحكومة مرفوضة. في مشروع القانون عقوبات تفرض علي من يروج لشائعة بالحبس سنة والغرامة 50000 جنيه، ومن لا يتعاون مع الجهاز الجديد فعقوبته سنة سجنا وغرامة مائة ألف جنيه، تصور؟! .. المشروع يقفز علي سؤال جوهري، وهو: من أين تنبت الشائعة؟ وكيف تجد رغبة في تصديقها من قبل الجماهير؟ مع رفض تقبل الكثير مما تقوله الحكومة، حتي وان كانت صادقة أحيانا، وذلك قبل فرض عقوبة علي من يطلق شائعة، حيث أعتقد أن تنفيذها سيكون له ضحايا كثيرون، لأن من يستطيع اثبات ما تقوله الشائعة بالأدلة الموثقة والبراهين القاطعة التي لا وجود لها، كما ينص علي ذلك المشروع، كان لابد من البدء من المربع رقم "1" ألا وهو حق المواطن في أن يعرف، ويمثله الصحفي الذي لا يستطيع معرفة أي معلومة حقيقية من أي جهاز من أجهزة الدولة، إن الجهاز المقترح سيسكن خانة ردود الأفعال، أي ينتظر حتي تنطلق الشائعة وتجد من يصدقها وتنتشر في المجتمع، ثم يبدأ الجهاز في الرد عليها من ناحية والقبض علي مطلقها من ناحية أخري، كان لابد من البدء بتعيين ناطق رسمي لكل وزارة أو هيئة، يكون من حق الصحفي الذي يسأله أن يسمع منه إجابة محددة مهما كان الموضوع الذي يسأل عنه، ثم إن هذا الجهاز المقترح إنشاؤه له طابع أمني وعقابي، دون النص علي ان من حق أي مواطن عادي أن يسأل عن أي موضوع، ويتقبل الرد. الذي يقتنع به علي سؤاله، ويكون من حق المواطن ألا يقتنع بالرد، نسي صاحب المشروع أن انتشار الشائعة دليل علي فجوة بين الحاكم والمحكوم، وانعدام ثقة المواطن بالحكومة، وأيضا غياب المنهج العقلي في تحليل الظواهر التي يمر بها المجتمع، والركون إلي مجموعة من الغيبيات، تفسر الظواهر بطريقة بالغة الغرابة، إن العالمين ببواطن الأمور وما أكثرهم علي المقاهي وفي الأسواق وفي وسائل النقل العام، يكثرون في البلاد التي تسعي في الظلام ولا تحترم سؤال المواطن العادي فيها، علينا مواجهة المناخ الذي تزدهر فيه الشائعة بدلا من مكافحتها بعد أن تحتل عقول الملايين من المواطنين، ثم ان هذا المشروع تم إعداده من أجل راحة الحكومة، لا لمواجهة قلق الجماهير ونذهب الى جريدة الاهرام حيث يؤكد مكرم محمد أحمد ان السلطة والاهمال والفساد يتحملون مسئولية تدمير وحرق البواخر السياحية اثناء وقوفها فى مراسيها بالاقصر وكتب مكرم يقول " لا أعرف, لماذا تأتي المصائب تباعا, ولماذا تتكرر جرائم الإهمال الجسيم التي تسفر عن خسائر ضخمة في الأرواح أو الأموال وغالبا في الاثنين بهذه المعدلات العالية, وجميعها يعود, مع الأسف, لأسباب مدركة واضحة غير خفية, لكننا لا نتعلم من أي درس مستفاد!, ولا أعرف, لماذا تعمي الأعين عن أن تري الخطر واضحا يتجسد في مشاهد وأفعال نعايشها كل يوم, تنبيء بحدث خطير سوف يقع لا محالة, لكن روح التراخي تسيطر علي الجميع, تفتت إراداتهم وتفكك أوصالهم, فيكتفون بتحذيرات عابرة غامضة فإذا وقع المحظور! تخرج من أضابير الأدراج, تقارير وأوراق قديمة تبرئ ساحة الجميع, رغم أن الجميع متهمون وضالعون, لأنه كان في وسع بعضهم منع ما حدث, لكنهم لم يفعلوا! إنني أتحدث عن حادث حريق الأقصر الذي دمر أربع بواخر سياحية في مرساها دفعة واحدة, رغم أن الجميع كانوا يعرفون أن اصطفاف البواخر جنبا إلي جنب في مرسي ضيق يخلو من أية امكانات لإطفاء الحريق خطر يمكن أن يؤدي إلي كارثة ضخمة, وأن إشتعال الحريق في أي باخرة يكفي للقضاء علي البواخر الأربع, التي كثيرا ما يتزايد عددها إلي ثمانية بواخر تقف واحدة وراء الأخري.., ماذا لو أن هذه البواخر أو إحداها لا قدر الله, كانت تحمل سائحين أجانب أو مصريين, وأي عذر كان يمكن أن نقدمه للضحايا! الأمن يقول, أنه حذر في تقارير رسمية من خطورة هذا الوضع!, ورئيس مجلس المدينة يؤكد, أنه كتب إلي السياحة أكثر من تقرير!, والصحف لم تقصر, لأنها نشرت عشرات التقارير والتحقيقات التي تحذر من وقوع كارثة بسبب تكدس البواخر وتلاصقها في المكان!, والأخطر من ذلك, تلك الرواية التي تقول إن رئيس الوزراء حذر من الوضع, وطلب إلغاء المراسي أو تطويرها, لكن وزير السياحة لم يتجاوب مع القرار!, وأخطر الروايات تلك التي تقول إن الجميع بمن في ذلك أصحاب البواخر عجزوا عن تدبير عشرة ملايين جنيه لتجهيز المرساة وإصلاحها, رغم أن تكاليف الحريق تصل إلي مئات الملايين من الجنيهات! ويضيف مكرم " أعرف ويعرف الجميع أننا سوف نشهد بعد الحادث حراكا إداريا ضخما. لجان وتقارير وتحقيقات ومعاينات, لكن هذه الحراك المتحمس سوف يخمد بعد حين, لأنه حراك بيروقراطي يخلو من عزم الإرادة, هدفه التبرير والتهويش وقطع الوقت إلي أن تموت القصة أو يقع حادث جديد, وسوف يستمر الوضع علي هذا المنوال إلي أن تدرك الدولة, أن خطر الإهمال يعادل خطر الفساد إن لم يكن أكثر, وأن المسئولية تبدأ من أعلي السلم حيث السلطة, وليس أسفل السلم حيث تتكاثر كباش الفداء.