إذا أردت أن تنتقد قولا أو فعلا يخص المعارضة أو التيارات الليبرالية والعلمانية وتريد أن يستمع إليك أصحاب هذه التيارات قبل أن يتطوع بعضهم بسبك ولعنك أو السخرية منك بمجرد قراءة العنوان , فعليك أولا في بداية مقالك أن تقسم بالله العظيم أنك لا تتبع أي من التيارات الإسلامية أو جماعة الإخوان المسلمين ولا تنتمي لأي من أحزابهم , ولا تحمل غرضا أو تبغي مصلحة سوى مصلحة الوطن . وكذلك إذا أردت أن تنتقد قولا أو فعلا يخص ابناء التيارات الإسلامية أو جماعة الإخوان المسلمين وتريدهم أن يستمعوا إليك ولنقدك بدون أن يبادر بعضهم باتهامك بالعلمانية أو الجهل أو العمالة فعليك أولا أن تستوثق بأغلظ الأيمان أنك لا تتبع أي من التيارات الليبرالية أو العلمانية و أنك لا تنتمي لأي من أحزابهم ...وأنك محب للتيارات الإسلامية ولا تريد لهم سوى الخير . في زمن لا نصدق فيه سوى من كان يحمل أفكارنا وينتمي لنفس إتجاهنا و يقف في ذات المعسكر ...محتاجون أن نعيد حساباتنا , ونفكر بطريقة مختلفة حتى يصبح المنطق فقط هو ميزاننا الذي نقيس عليه ما نسمعه أو نقرأه أو نشاهده . فبالمنطق : حينما يظهر السيد محمد البرادعي وأعضاء جبهة الإنقاذ ( مع إحترامنا للجميع ) في مؤتمر صحفي يشترطوا فيه على الرئيس كي يخوضوا الإنتخابات المقبلة أن يقيل وزراء كل الوزارات السيادية في مصر ويحددوا بالاسم وزارات المالية والداخلية والخارجية والشباب ثم يؤكدوا بشكل منفرد على وزارة التموين , ...تلك الوزارة تحديدا التي شهدت في الفترة الماضية إنجازات غير مسبوقة لم ترها مصر طوال تاريخها على يد أمهر وأخلص وأنزه وزير أتى لمصر طوال عصرها الحديث , وهو الوزير ( باسم عودة ), والذي شهد كل من له عقل لذلك الوزير الشاب بكفاءة منقطعة النظير وعمل دؤوب ..جعلنا نراه بشكل يومي وهو يتنقل بين كل محافظات مصر يشرف على عمل رجال مباحث التموين , ويتابع بنفسه كل مشكلة تحدث لها علاقة بوزارته , حتى وجدناه يذهب ليلا لمدينة الطالبات الجامعية يتابع أزمة اللحمة الفاسدة ويحاسب المسئولين عنها ونراه في الصباح الباكر يذهب للفلاحين في حقول القمح يشرف بنفسه على حصاده ويعطي الفلاح أعلى سعر باع به إردب القمح طوال حياته , ويعمل جاهدا من أجل تحقيق مصر للإكتفاء الذاتي من محصول القمح , ويؤكد المحيطون بالوزير أنه يواصل الأيام والليالي في عمله ما بين وزارته وإشرافه بنفسه على كل كبيرة وصغيرة لها علاقة بالوزارة دون أن يعود لبيته ولو لبضع ساعات يسترح فيها من عناء العمل . فبالمنطق : إن رغبة جبهة الإنقاذ بإقالة أكفأ وزير مصري شهدته البلاد حتى الآن لن يكون إلا لغاية واحدة هي : طمس أي نجاح يمكن أن يحققه وزير ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين و يعود بالنفع على المواطن المصري , حتى لا يرفع من أسهم الجماعة لدى عموم الشعب , إذن فمحاربتهم للرئيس ولجماعته أهم لديهم من مصلحة المواطن المصري ..بل ومن الوطن ذاته . بالمنطق : حين يتشدق البعض من إعلاميي قنوات ( جوانتانامو لتعذيب الإخوان ) وفلول مبارك و معهم قيادات المعارضة وأعضاء جبهة الإنقاذ : بأن مليونية الجمعة السابقة لتطهير القضاء هي فقط من أجل سيطرة الإخوان على السلطة القضائية في مصر , وأن القضاء المصري قضاء شامخ ولا يحتاج لإصلاح أو تطهير وينسون أو يتناسون ما صدعوا به رؤوسنا عن الثورة التي ضاعت في مهرجان البراءة للجميع وضياع حقوق الشهداء ومصابي الثورة , وينسى السيد البرادعي تويتاته التي ارسلها لنا من فضاء كوكب تويتر وأتحفنا بها طوال العامين السابقين عن العدالة البطيئة والعدالة الغائبة ومهزلة محاكمات رموز النظام السابق و يخرج علينا يوم الجمعة الماضية ليتحدث عن الغوغائية في المطالبة بإصلاح القضاء , وهم الذين خرجوا في مظاهرات سلمية شهد الجميع بتحضرها ورقيها ...قبل أن يتم تشويهها بإرسال ميليشيات ( البلاك بلوك ) للإشتباك مع المتظاهرين , هذا المنطق المعكوس في تبني وجهة النظر ونقيضها ألا يدل على مرض عضال لا دواء له في نفوس هؤلاء ...وهو مرض كراهية الجماعة وكل ما أتت به حتى ولو كان الحق المبين . بالمنطق : حين تحكم المحكمة برد النائب العام السابق ( عبدالمجيد محمود ) لمبلغ أربعة وستون ألف جنيه لمؤسسة الأهرام والتي قد تحصل عليها كهدايا غير شرعية من المؤسسة وهو يعمل كموظف عام في الدولة اثناء توليه منصبه , ألا يعتبر ذلك فساد فاضح لرجل كان يتقلد أعلى المناصب في السلك القضائي ?? وبالمنطق أيضا : حينما يقف ( رمز شموخ القضاء ) المستشار ( أحمد الزند ) بكل جرأة ( ولن استخدم ألفاظ أخرى غير مهذبة ) في مؤتمر للقضاة يوم أمس الإثنين ( 22 أبريل ) يعلن للعالم كله أنه يطالب بتدخل الرئيس الأمريكي ( باراك أوباما ) لينقذ مصر من كابوس حكم الإخوان في نظره , ولا يوجد تفسير منطقي لتدخل أي دولة في شئون دولة أخرى لإسقاط نظامها الحاكم إلا من خلال وسيلة من اثنتين : إما إحتلالها أو توقيع عقوبات وضرب حصار على تلك الدولة , أليست تلك جريمة خيانة عظمى للوطن الذي يأوي ويحمي هذا المستشار ويجب أن يحاسبه القانون على ذلك , أليست تلك صورة من الصور الكثيرة والواضحة لفساد العديد من القضاة الذين رباهم المخلوع على عينه وقلدهم الكثير من المناصب ?? وحينما يقف نفس ذلك المستشار رئيس ( نادي القضاة ) في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم يهدد النظام الحاكم والمجلس التشريعي الوحيد المنتخب حاليا في مصر وهو مجلس الشورى , يهدد ويتوعد بالرد الحاسم إذا فكر ذلك المجلس في مناقشة قانون السلطة القضائية وهو يلمح للحكم الذي اتخذته من قبل ( المحكمة الدستورية العليا ) حينما حكمت بحل مجلس الشعب في ( 14 يونيو من عام 2012 م ) ( ذلك المجلس الذي جاء بإرادة اثنين وثلاثين مليون ناخب مصري ) وكان حكم المحكمة يمثل سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ المحاكم الدستورية في العالم ( فلم يحدث ابدا أن حلت محكمة بحكم قضائي مجلسا منتخبا من قبل الشعب , وحينما حدث ذلك مرة واحدة في ألمانيا تم إيقاف تنفيذ الحكم واستمر المجلس المنتخب في عمله حتى لا يتم مصادرة إرادة الناخبين الذين أتوا بهذا المجلس ) ألا يعتبر مجرد تهديد قاض بإصدار حكم لم يصدر بعد .. هو إستغلال بشع للقانون و تعسف في إستخدامه وهي صورة أخرى من صور الفساد التي يجب أن يحاسب عليها هذا القاضي ??? وحينما يعلن أيضا قبل ذلك ( المستشار أحمد الزند ) في مؤتمر للقضاة دعا إليه يوم 8 مارس في عام 2012 م , وقال فيه بالنص ( أنه لا تراجع عن تعيين ابناء المستشارين في الهيئات القضائية رغما عن الجميع ..شاء من شاء وأبى من أبى ) ( والكلام موثق في جميع الصحف لمن يريد العودة إليه ) ويقصد بذلك القانون الذي تم سنه أثناء حكم المخلوع ويعطي الأولوية لابناء المستشارين وحتى الحاصلين منهم على درجة مقبول بالتعيين في القضاء ويحرم في المقابل كل مستحق لذلك حتى ولو حصل على تقدير ( إمتياز ) وكان الأول على دفعته طالما أنه ليس لديه أب أو أم يعملان في سلك القضاء , ألا يعتبر ذلك القانون هو محاباة وتمييز عنصري لمن يعملون في الهيئات القضائية وإغتصاب لحقوق باقي فئات الشعب , و التمسك بذلك القانون المعيب والفاسد صورة أخرى من صور الفساد ??? هل هذا هو شموخ القضاء الذي يقصدونه ?? أعتقد أن الشعب المصري بأكمله مهما اختلفت اتجاهاته ومهما كان موقفه من مساندة أو معارضة النظام الحالي لابد أن يجتمع على مطلب منطقي واحد في الأيام القادمة ألا وهو : أيها القضاة نرجوكم ...كفاكم شموخ ... نريد عدالة وإصلاح . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]