إن عظمة ثورة 25 يناير 2011 لا تكمن فقط فى خلع رئيس مستبد جثم على صدر مصر ثلاثين عامًا، وإنما فى ترسيخ الحرية السياسية التى حرمت منها البلاد ستين عامًا، هذه الحرية التى صادرها قادة الانقلابات العسكرية التى شهدتها المنطقة العربية خلال القرن الماضي، ولم تكن هذه الحرية التى هى من ثمار ونتائج الثورة المجيدة، شعارًا أجوف، وكلمات رنانة لا نصيب لها فى الواقع المعيش، كلا بل كللت بانتخابات رئاسية وبرلمانية تجلت فيها النزاهة والشفافية والمصداقية والحيادية وبمشاركة شعبية غير مسبوقة لم تألفها البلاد، وودعت مصر الانتخابات المزورة بنتائج 999.99٪!!! وما دمنا نتحدث عن الحرية، هذه القيمة الإنسانية والحضارية يجدر بنا أن نقف على حقيقتها وطبيعتها، وهل هويتها قائمة على الفعل أو القول على وجه الإطلاق الشامل والعام، دون حدود أو قيود أو خطوط حمراء، كلا وألف مرة كلا، وإلا لم تكن هذه حرية، بل هى فوضى وهمجية ووحشية. إن الحرية الإنسانية محكومة بضوابط أخلاقية وإنسانية وحضارية، بهذه القواعد والشروط من حق الشعوب أن تحاسب حكامها ورؤساءها وتسائلها إذا قصروا أو أهملوا واجباتهم الدستورية، ولكن عن طريق القنوات والمؤسسات الدستورية والشرعية والإعلامية، وهذا ما تصنعه الشعوب الديمقراطية، والحرية بهذا المفهوم والضوابط كفيلة بخلق التقدم والازدهار فى شتى مجالات الحياة. ونحن بعد أن منّ الله تعالى علينا بهذه الثورة المباركة كنا خليقين بجنى أطايب تلك الثورة، ولكن ابتلينا من يعوق المسيرة إلى المعالى العظيمة، بشراذم محسوبين لهذا الوطن العظيم، ونقول شراذم، أما الغالبية العظمى من هذا الشعب الأبى فهم ضحايا المنفلتين أخلاقيًا الذين نزعوا برقع الحياء والعفة، مستمرئين الشتم والسب والقذف، ظانين بل متوهمين تلك حرية وانطلاقًا وشجاعة ورجولة وشهامة، وأنا بدورى أسألهم: أين كانت هذه الشجاعة والرجولة والشهامة، عندما كان سلاح السجن والاعتقال والتعذيب وهتك الأعراض والحرمات مشرعًا، وقت كان زوار الفجر ينتزعون النائم من فراشه إلى أقبية أمن الدولة، دون محاكمة أو تحقيق، أين كانت شجاعتكم حين كانت نتائج الانتخابات 999.99٪ ، أنتم - بلا شك - لقد فهمتهم - جهلاً - أن الحرية لا تعنى قبل السباب والشتائم والسخرية والتعرض - بالاستهزاء - لكل القيم والقامات والمقامات وبعدها - إلا حرق وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وقطع خطوط المواصلات وإغلاق الميادين، وتعطيل المرور باختصار تعطيل مصالح الناس العامة والخاصة. أو ليس ذلك مفهوم الحرية لديكم؟ إن من يتصور مفهوم الحرية بهذا الشكل الفوضوى المخرب هو - بلا شك - لم يبلغ سن الرشد السياسى والديمقراطى، وعليه إعادة ومراجعة نفسه تهذيبًا وتثقيفًا. ونقترح لإعادة الأمن والأمان إلى الشارع المصرى:- 1- إعادة هيبة وزارة الداخلية بتفعيل الشرطة وتسليحها للدفاع عن نفسها وتنفيذ سياسة الأمن الوقائي. 2- حل المشكلات الملحة وأهمها مشكلة البطالة. 3- مراقبة الفضائيات ومحاسبة المخطئين قانونًا، كذلك كل من يحرض على الفوضى والتظاهر التخريبى. 4- على الرئاسة أن تتبع سياسة محاورة السياسيين المعتدلين ذوى النيات الوطنية البناءة. حسن ياسين عبدالقادر