دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    غداً.. مصر للطيران تنهي جسرها الجوي لنقل حجاج بيت الله الحرام    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    آخر تحديث.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-6-2024 في محلات الصاغة    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    بدء عمل لجنة حصر أملاك وزارة التضامن الاجتماعي في الدقهلية    سفير فلسطين لدى موسكو يعلن عقد اجتماع بين حماس وفتح    رئيسة البرلمان الأوروبي: العمل سيبدأ فورا    أمر ملكى سعودي باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة    يمينية خالصة.. قراءة في استقالة "جانتس" من حكومة الحرب الإسرائيلية    شقيقة كيم تتوعد برد جديد على نشر سيول للدعاية بمكبرات الصوت    أحمد دياب يكشف موعد انطلاق الموسم المقبل من الدوري المصري    ميدو: مباراة بوركينا فاسو نقطة تحول في مسيرة حسام حسن مع المنتخب    الزمالك يستهدف التعاقد مع نجم الاسماعيلي    ليفربول يعلن إصابة قائده السابق ألان هانسن بمرض خطير    بالأسماء.. إصابة 14 شخصاً في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز في المنيا    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    مواعيد امتحانات الدور الثاني لطلاب المرحلة الإعدادية بالإسكندرية    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    53 محامٍ بالأقصر يتقدمون ببلاغ للنائب العام ضد عمرو دياب.. ما القصة؟| مستند    لميس الحديدي: عمرو أديب كان بيطفش العرسان مني وبيقنعني أرفضهم قبل زواجنا    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    أحمد عز يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3 قبل عرضه في عيد الأضحى    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    أدعية مأثورة لحجاج بيت الله من السفر إلى الوقوف بعرفة    دعاء رابع ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللهم اهدني فيمن هديت»    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    سقوط 150 شهيدا.. برلمانيون ينددون بمجزرة النصيرات    صافرات الإنذار تدوى فى عكا وبلدات عدة شمالى إسرائيل    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يحمي مصر من قضائها الفاسد؟!
نشر في المصريون يوم 21 - 04 - 2013

في سنة 1431ه وقفت فتاة في سن الشباب ، كان عمرها تسعة عشر عاماً واسمها (جان دارك) أمام محكمة من محاكم التفتيش، التي يرأسها (كوشون) القاضي الفرنسي الذي استطاعت انجلترا أن تشتريه وترشوه بالمال ليحكم على (جان دارك) بالإعدام حرقاً بالنار حتى الموت.
ما قصة هذه الفتاة الشابة التي حرقها قضاء السوء
لقد قادت جيوش فرنسا ضد الإنجليز في حملات متتابعة، واستطاعت بما تملك من سمات القيادة، أن تبث في جنودها الثقة في قضيتهم والإيمان بوطنهم ، حتى حققت النصر على الإنجليز الذين هاجموا فرنسا واحتلوها..
(جان دارك) هي أبرز وجوه مقاومة الاحتلال الإنجليزي أثناء حرب المائة عام، بين بريطانيا وفرنسا (1337-1453)، لقد نجحت في رفع حصار قوات الاحتلال الإنجليزية عن مدينة "أورليانز" الفرنسية عام 1429؛و استطاعت لقاء ملك فرنسا "شارل السابع" بمدينة "شينون"، وأقنعته بخطتها في تخليص( أورليانز) من قبضة الإنجليز..تقدمت جان حينما كانت تبلغ وقتها 13 عاماً على رأس جيش صغير وتمكنت من الانتصار في معركة "باتاي" وطرد الإنجليز من أورليانز.
ولكن الإنجليز لم تستفزهم الهزيمة، بقدر ما استفزهم أن تهزمهم فتاة، لبست زي الرجال .. ظلت جان تقاوم المستعمر لكنها أخفقت في كوبييني قبل أن تصل إلى باريس، وسقطت في 23 مايو 1430 في أيدي "البورجينيين" (نسبة إلى جنود دوق بورجوني المعارض لمقاطعة آرمانياك)، وتم بيعها إلى الإنجليز بعد أن ألصقوا بها تهمة السحر والشعوذة، وقدمت جان إلى محكمة كنسية ترأسها الأسقف "بيير كوشون"،وقام الإنجليز بشراء رجال الدين الفاسدين المنحطين، الذين كان طموحهم في المال وحده ولو على حساب النزاهة والإنصاف..كانوا مصممين على الإنتقام من جان دارك ووجهت لها اتهامت زائفة منها الإلحاد والإدعاء بأنها تسمع أصوتاً للقديسين تتحدث إليها، كما كانت تهمتها الأخيرة أنها تلبس ملابس الرجال، وصدر الحكم بالإعدام، واعتُبرت بموجب قرار المحكمة، ملحدة ومرتدة وهو ما ترتب عليه حرقها حية في 30 مايو 1431 م
يقول الأستاذ رجاء النقاش وهو يعرض لحادثة جان دارك في كتابه (تحت المصباح): (كان القضاة مرتشين مغرضين ذوي نية سيئة وكانوا مصرين على إعدامها وإحراقها لأنهم أصحاب نفوس صغيرة ومصالح مالية وشخصية أصغر.)
إن كل شيء في الدنيا قد تقبله النفس وتستطيع أن تجاريه، أو تعطيه بعض العذر، وتتحمل ما فيه من تجاوز.
كل فساد في الدنيا تستطيع الصبر عليه وتقوم معه رغم ما يصيبك من ضرر .
تستطيع الأمم أن تعيش وتواصل الحياة في كدح وكبد ، والفاسدون الأفاقون في جنباتها ومصيرها ينهبون ويعبثون ويطيشون.
كل شيء يمكن تحمله .. كل بلاء يمكن الصبر عليه ..كل تجاوز يمكن التغاضي عنه.!
لكن فساد القضاء وانحراف القضاة دونه الحياة ..هو البلاء الذي لا تطيقه الأمم وإن قبلته.. فقد حكمت على نفسها بالهلاك والدمار.
إننا في العصر الحديث لا نعرف أمة أنهكها الفساد واستشرى في جسدها كما أنهك مصر ..فقد ضرب فيها بجذوره، ونفذ في جسدها أنيابه حتى أصابها العدم..افتقرت ..عدمت ..ذلت ....ما عادت مصر في بهائها وعزها وفخرها وزعامتها.
أينما سرت تراه في كل مكان ، في الشارع في العمل، في المصالح الحكومية ، في الشرطة في الجيش ، يريك نفسه في كل مكان ولا يستحي ..ويخيل إليك أن الحياة في مصر لا تستطيع السير بدون الفساد ..رشوة ومحسوبية ووساطة ودس ووقيعة وغدر وافتراء وإفك وإقصاء للكفاءات، وإعلاء للمجاملات.
ولا أعرف كيف يستقيم ضمير هؤلاء الذين يحاولون أن يوهموا الدنيا أن القضاء المصري منزه عن الخطأ، وأن قضاته قديسون مطهرون معصومون.!
إن مبارك لم يدع باباً إلا ورشه ببذور الفساد، التي كانت تنبت في أرضه بصورة جنونية سريعة حتى تشب عن الطوق ولا يستطيع أحد أن يتداركها ..وكان باب القضاء من أكثر ما طرقه مبارك ليبذر فيه منابت الفساد من رجاله الأفاقين للخونة، الذين انهارت على أيديهم موازين العدالة وتشوهت منصة القضاء وصاروا يبرؤن المجرمين القتالين السفاحين، والسراق واللصوص والخونة العملاء ..ومصاصي ثروات الشعب وآكلي حقوقه.
وكلما نددنا بهذه الطغمة الفاسدة الضالة سمعنا من يخرج علينا يعيرنا بماضينا ويقول بمليء شدقيه: أليس هذا هو القضاء الذي كان يبرئكم من التهم التي كانت تلقى عليكم..! أهو الآن فاسد وغير عادل؟!! إنكم جائرون ظالمون.
أليس هو الذي كان يمنحكم الحرية ويصرف عنكم ظلم الأمن وجور أفراده وينصفكم؟! إنكم غير عادلون.
وهذا الهراء الذي يذكروننا به ينبع من تخريف عقول لا تفهم شيئاً ، ولا تدري ما كان يحدث ويدور، وما كان يريده الأمن من سياسته التي كان يتعامل بها مع الإسلاميين ..كان الواحد منا تُحكم له بالبراءة بعد أن يأخذ في السجن عام أو عامين، فياله من حكم منصف بالعدالة.. كان القضاء حقاً يمنحنا حقوقنا في التعيين والترقية بعد سنوات وسنوات، يكون الفرد منا قد أيس من نفسه ومستقبله ، وأخذ يبحث له عن طريق آخر..وليعلم هؤلاء وأمثالهم أن الأمن في دولة مبارك، ما كان يمنعه شيء لينفذ ما يريد..!
ما كان لقضاء الدنيا كلها أن يمنعه من إيذاء من يريد إيذاءه، أو إخفاء من يريد إخفاءه ..لأنه لم يكن يتبع غير سياسة البهدلة والتزهيق والإحباط والمضايقة حتى ننزوي عن غايتنا ونؤثر السلامة .. كانت هذه سياسته وطريقته السافلة الساقطة في مضايقة الدعاة وحصارهم حتى يكره الواحد منا نفسه..ولو أنه أراد أن ينفذ ما يريده من إجراءات تعسفيه لأشار لأشار لزبانية القضاء لينفذوا أوامره
لكن السفهاء لم يدركوا نفسيه أصحاب الغايات وحملة الرسالات والأهداف النبيلة التي نذروا أنفسهم من أجلها..وإني لأتعجب ممن يدافعون اليوم عن القضاء بأنه نزيه ..فأقول : كيف لدولة ضرب الفساد كل مفاصلها ومؤسساتها وكل أركانها ثم ينجو القضاء ؟! الذي هو من أخطر وأهم ما يستهدفه الحكام الطغاة كما استهدفه ناصر من قبل فيما عرف بمذبحة القضاء..
هل للقضاء إذاً عصمة من السماء أو جيوش تحميه من استهداف الفاسدين والحكام الباطشين ، أم أنه سلطة في دولة لا يخضع لنظامها الذي أدمن الفساد.. إن النزهاء من القضاة أنفسهم لن يستطيعوا أن ينجوا من إرادة الجبارين ورغباتهم في إفساد الأحكام وتزويرها وإلا تعرضوا لما لا يحمد عقباه..ندرك أن هناك شرفاء ولكن الصورة الغالبة أعتمت صفحة القضاء حتى أنك تستطيع أن تعد شرفاءهم على أصابع اليد.. لا زلت أذكر ولا زال الشعب كله يتذكرمعي حينما خرجت علينا جريدة الأهرام عام 2012 م بهذا النعي من المستشار الآثم (عبد المجيد محمود) وهو يتقدم بالعزاء مع أعضاء النيابة أبناء المستشار الفقيد (فايز السيد جاد اللمساوي) الخمسة في وفاة والدهم..النعي فضح لنا نموذجاً من نماذج الوساطة والمحسوبية التي عج بها القضاء المصري ، فالفقيد المحترم.. عين أبناءه الخمسة في القضاء.. ويبدو أن عائلة اللمساوي موهوبة بالفطرة ، وأنها أُشربت القضاء كابراً عن كابر ..وأن دماء العبقرية القضائية تجري في عروق أنسالهم..كتب البعض أن الصورة لا تحتاج إلى تعليق.. وحقاً هي لا تحتاج إلى تعليق ،وهذا مما علم، وما خفي كان أعظم..!! وأرى أن صورة اللمساوي ستظل عبر الأزمان شاهد عيان على فساد هذه الحقبة من تاريخ مصر، وقدر لهذه اللوحة أن تُنسب للقضاء لا لمؤسسة غيره.
المعركة اليوم ليست مع الشرطة أو الجيش أو الفلول ورموز الثورة المضادة ..إنما المعركة الحقيقية مع قضاء مبارك وعناصره الفاسدة التي تنفذ أحكامه وتفرض إرادته..المعركة مع هذا القضاء الذي منح البراءة لكل شيء..حتى صار سخرية الساخرين..بل قال:
بعضهم لو أن مصر رفعت قضية على وانجلترا وإسرائيل لتدينهم على الإحتلال والإستعمار لخرج القضاء المصري يبرئهما مما فعلا.! هكذا قال الساخرون المستهزئون ..ولكني أؤكد لهم أن هذا لو حدث فعلاً لحكم القضاء المصري بما سخروا منه..لأن رموزه النتنة ألفت خيانة الوطن وخيانة العدالة وخيانة والقانون ، وصارت لا تستحي من العار أن يلحق بها ..ومالهم يخشون العار وقد وجدوا من إعلام الثورة المضادة، والأبواق الضالة الآثمة ، من يصفق لهم كلما خانوا وغدروا بل يجعلون منهم أبطالاً ووطنيين.
وهكذا بعد مئات السنين ..يوجد بمصر قضاة أفاقون أبشع من هؤلاء الذين حكموا ظلماً وعدوانا على (جان دارك)
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.