يعرف الرئيس محمد مرسى، ويعرف الإخوان المسلمون، ويعرف جميع المشتغلين بالشأن العام فى مصر أن مجلس الشورى الحالى باطل، وأنه غير دستورى فى مولده ونشأته، وأنه مجلس تلاعب بإرادة المصريين، وأن المحكمة الدستورية ستحكم ببطلانه وفساده وأنه والعدم سواء قولاً واحدًا، لأنها حكمت بذلك نصًا على مجلس الشعب المنحل، على أساس أن قانون الانتخابات الذى أجريت عليه انتخاباته قانون غير دستورى، وبالتالى أبطلت مجلس الشعب، ومجلس الشورى هو أيضًا أجريت انتخاباته على نفس القانون الباطل وغير الدستورى، وبالتالى فحكمه بالبديهة هو نفس حكم مجلس الشعب، غير دستورى، يعنى باطل، والمسألة كانت مسألة وقت وإجراءات فقط، ولذلك سارع الرئيس مرسى بإعلانه الدستورى الأخير لكى يحمى المجلس من الحل ويمنع المحكمة الدستورية من الحكم البديهى ببطلان مجلس الشورى، ثم أرسل مكتب الإرشاد حشودًا من أبناء الجماعة لمحاصرة المحكمة الدستورية لمنع القضاة من ممارسة عملهم والنظر فى قضية مجلس الشورى، فى واقعة غير مسبوقة فى تاريخ مصر، وبالتالى قررت المحكمة العليا تعليق أعمالها، وفى محاولته لتخفيف صدمة تلك الجريمة على الرأى العام قال الرئيس مرسى وقتها إنه اضطر إلى حماية مجلس الشورى لحاجتنا إليه بعد الدستور فى أمور محدودة للغاية واضطرارية مثل إعداد قانون الانتخابات، وبطبيعة الحال، الضرورات تبيح المحظورات، ولكن الضرورة أيضًا تقدر بقدرها، فالضرورة التى تبيح شرب الخمر وأكل الميتة، تكون فى أضيق نطاق وبالقدر الذى يحفظ للدولة حياتها، لحين بناء المؤسسات التشريعية الحقيقية والشفافة التى يناط بها إعادة صياغة هياكل الوطن السياسية والقانونية والاقتصادية وغيرها، لكن الذى حدث أنه بعد أن مرر الإخوان الدستور بخديعتنا جميعًا بتلك الضرورة والنطاق الضيق، إذا بهم يتوحشون فى استخدام هذا المجلس الباطل والتافه والمنعدم لكى يشرعوا حزمة قوانين تخدم مصالحهم ومشروعاتهم فى الاقتصاد والسياسة والقانون للاستيلاء على مؤسسات الدولة ووضع البلاد فى مسارات خطيرة تحكمها لسنوات طويلة مقبلة، مثلما هو الحال فى تفكيرهم الإجرامى فى صياغة قانون للسلطة القضائية يعتدون بموجبه على سلطة مستقلة لها حرمتها وحساسيتها، ولكى يزيحوا من طريق سيطرتهم ما يعتبرونه عقبة فى مسار هيمنتهم واستيلائهم على الدولة، فأعطوا أسوأ المثل على الانتهازية وسوء استخدام السلطة إذا أتيح لهم أى قدر من إمكاناتها ولو كان مرقعًا مثلما هو حال مجلس الشورى الباطل حاليًا. مجلس الشورى لم يذهب للانتخاب فيه سوى سبعة فى المائة من الناخبين، مما اعتبر وقتها أنه استفتاء شعبى على تفاهة هذا المجلس وأن الشعب يعتبره "كمالة عدد" لمؤسسات الدولة ولا بد من إزالته، وأن مقاطعة المصريين له حكم عليه بالإعدام، ثم إن هذا المجلس التافه والهامشى تأسس على قانون باطل دستوريًا، وبالتالى فهو مجلس باطل بالبديهة، ثم إن الرئيس مرسى قبل ليلة واحدة من الاستفتاء على الدستور الجديد أصدر قرارًا بتعيين ثلث أعضاء هذا المجلس (تسعين عضوًا) كما يعين مستشاريه ومساعديه، أى أننا أمام عملية ترقيع بشعة لمؤسسة يفترض أنها "تشريعية"، ثم إن عملية الترقيع والحماية القسرية لها من سيف العدالة، ثم تمريرها فى الدستور الجديد بالخداع والتضليل وإيهام الشعب بأن وضعها مؤقت ولن تعمل إلا فى نطاق ضيق واضطرارى فقط، يعنى أننا أمام "وكر" للدجل والشعوذة السياسية وليس للتشريع، أمام مجلس للنصب والاحتيال على الشعب المصرى وإرادته، وهذا المجلس المزور والمضلل والمرقع والفاسد هو الذى يقولون إنهم سيطهرون القضاء من خلاله، وكان أولى أن يطهروا تلك القبة من هذا العار والدجل والنصب السياسى، الذين عينوا فيه أعضاء بالمجاملات الفجة على طريقة توزيع أجزاء من الكعكة على الموالين، والخدم، والمحاسيب والأحزاب الأليفة والهامشية وبعض الفلول وبعض ناهبى المال العام ومساعدى المتهمين باغتصاب أراضى الدولة الذين أدانهم القضاء، ثم لا يستحون أن يعطونا درسًا عن المحاباة فى تعيينات القضاء، كان أولى لهؤلاء الدجالين أن يعتذروا للشعب المصرى عن استغلالهم طيبته وثقته فى كلامهم ووعودهم وتدينهم، ثم هم يغدرون به ويخدعونه بعد ذلك ويستخدمون إرادته المشروطة أسوأ وأبشع استغلال، .. لم تكن دار القضاء العالى هى التى تحتاج إلى الحصار والغضب، وإنما ذلك "الوكر" الفاسد والتافه المسمى "مجلس الشورى" والذى استخدمت أعمال البلطجة لتثبيته وتهريبه من سيف العدالة، كان أولى بالحشود الوطنية المخلصة أن تحاصر مجلس النصب والدجل هذا وتمنعه بالطريقة الوحيدة التى يفهمونها من مواصلة اغتصابه لإرادة المصريين، لأن ما يفعله هو اغتصاب حقيقى لإرادة الشعب واعتداء على الديمقراطية من خلال اعتدائه الوقح على سيادة واستقلال سلطة القضاء، دون انتظار لانتخابات حقيقية وجادة ومؤسسة على قانون عادل ودستورى، باتت على الأبواب، ستفرز نوابًا حقيقيين للشعب، وليس موظفين ومحاسيب فى قبة وهمية اختارهم تفضلاً منه مكتب إرشاد الإخوان، فمجلس الشعب المقبل الدستورى والنزيه والشفاف هو الوحيد المفوض من الأمة فى إجراء الإصلاحات الضرورية والتاريخية والمتجردة، فى مختلف شؤون الوطن.