اعتذرت غالبية الأحزاب والقوى السياسية عن المشاركة فيما سمى ب"مليونية تطهير القضاء".. ولم يبق فى المشهد إلا "الإخوان" وحسب! ولا أدرى ما إذا كانت سلسلة الاعتذارات، كانت "عفوية" نتيجة مراجعات جادة للموقف.. أم كانت تستهدف "توريط" الجماعة.. ورفع الغطاء عنها، وتقديمها "وحيدة" فى مواجهة "القضاء"؟! الأسئلة الحائرة الآن، تتعلق بالجهة الداعية إلى مليونية القضاء، وما إذا قرارًا "جماعيًا" أم كان "رغبة" من تنظيم سياسى معين؟! المشهد يوم أمس 19 إبريل 2013، أمام دار القضاء العالي، قدم الإجابة على السؤال وأنهى حيرة البعض.. إذ بدت المليونية "إخوانية" على النحو الذى يفضى إلى تأجيج مشاعر القلق مما يثار حول رغبة الجماعة فى الهيمنة على كامل مفاصل الدولة.. وخاصة أدواتها الرئيسية من قضاء وشرطة وجيش وإعلام وما يندرج تحت ما يسمى بأدوات الدولة الخشنة. بالتأكيد.. كانت المشاعر العامة داخل مليونية أمس، مشاعر نبيلة، ولكنها إما وظفت سياسيًا لأسباب تتعلق بأحلام وأشواق تنظيمية.. وإما تورطت "وحدها" فى مواجهة مع القضاء.. بعد أن كشفت كامل القوى السياسية الغطاء عنها، ووصفها البعض منها بأنها "إرهاب تنظيمي" لمؤسسة العدالة. مليونية يوم أمس لن تمر بسهولة.. فالإخوان حشدوا من جهة، ولا يمكن بحال أن يسكت القضاة.. فالمليونية تعتبر "مهينة" لهم.. إذ لم تفرق فى خطابها ومفرداتها التى رفعتها بين أحد.. إذ اعتبرت القضاة "سواء" فى "الفساد".. وهو اتهام من المتوقع أن لا تتسامح معه مؤسسة العدالة بكامل هيئاتها. الأزمة ربما تتفاقم وربما تتشكل جبهة جديدة داخل القضاة أنفسهم، تدعو إلى "تطهير" النيابة العامة مثلاً من "الأخونة".. خاصة أن الكلام عن أخونة أعلى سلطة بها النائب العام، رئيس المكتب الفنى بات "الخبز اليومي" للمعارضة المدنية والإسلامية كذلك. التطهير من "الأخونة" ربما يتكون من خلال تشكيل جبهات نشطة، وكذلك من خلال أحكام قضائية مثل الحكم الأخير الذى قضى بعدم شرعية النائب العام الحالى المستشار طلعت عبد الله. الجماعة ربما تملك أدواتها "الأنصار".. غير أن القضاة يملكون أدوات أقوى "المحاكم" و"الشارع" بشقيه "المدني" و"الإسلامي" الغاضب من الجماعة. من المتوقع خلال الشهور القليلة القادمة أن يصدر القضاء سلسلة من الأحكام، التى تربك الرئيس وجماعته.. ولن تكون أحكامًا "انتقامية" كرد فعل على "الإساءة"، وإنما مستندة إلى القانون وإلى الشرعية وإلى الدستور.. ولعل مجلس الشورى الحالى سيكون أول ضحايا المواجهة بين الإخوان والقضاء.. وقد يحل قريبًا وليلحق بالبرلمان السابق. مليونية يوم أمس.. كانت أسوأ قرار سياسي، وقد تسدد الجماعة فاتورته باهظًا.. غير أن الخاسر الأكبر سيكون الرئيس المرهق والمجتهد الدكتور المرسي.. وربما يكون هو "الجائزة" الكبرى التى سيقدمها القضاء لخصومه.. بعد أن أساء أنصاره فهم استحقاقات أكثر المراحل التاريخية دقة وحساسية. [email protected]