كقبس من ضياء حق في زمان تكاثفت فيه ظلمات الباطل أصدر فضيلة وزير الأوقاف قرارًا سويًّا سديدًا، وكان مضمونه ألا تتم فعاليات أو لقاءات أو حوارات أو زيارات (بروتوكولية) من قبل علماء الدين الإسلامي التابعين لوزارة الأوقاف، وبين رجال الدين المسيحي؛ إلا بتنسيق مع وزارة الأوقاف وبتوجيه منها وتحت رعايتها وإشرافها. ولفاعلية تفعيل هذا القرار، وضمانة لتحصيله غايته التي يرمي إليها أثق بأن تنفيذه سوف يتم بضوابط؛ لعل أهمها ما أرى أنه يتمثل في: 1- الحرص على أن يكون من يتم ترشيحهم لهذه الفعاليات من علماء الدين الإسلامي من المشهود لهم بالنزاهة والكياسة واللباقة ومتانة المعتقد والحرص على المظهر الإسلامي القويم مظهرًا ومخبرًا. 2- انتقاء المشاركين ممن يعرف فيهم الانشغال بقضايا الإسلام الجوهرية لوجه الله ودينه، لا ابتغاء مظهرية أو منفعة مادية. 3- انتقاء من يكون مترسخًا لديهم الفارق الجوهري بين مفهوم رسالة التواصل الإسلامية وما فيها من تسامح وعموم البر والإقساط لمن لا يحارب الدين، وبين النزهة السياحية وما قد يقع فيها من مباذل لا تليق بمقام علماء الدين، من قبيل خلع العباءة و(التمشي) حفاةً على رمال البحر الناعمة بلباس البحر أو أكثر احتشامًا بقليل. ومكمن وموضع وبؤرة الحكمة التي أراها في قرار فضيلة وزير الأوقاف يتجسد جليًّا في التصدي لتسلل وتسرب الكنائس وعلى رأسها الكنيسة الإنجيلية إلى ممارسات تنصيرية مشبوهة محبوكة، يجري فيها استغلال من يسمون برموز ثقافية وفنية ورياضية، واتجهوا أخيرًا إلى استغلال علماء الدين الإسلامي من مرضى حب الظهور بمظهر الوسطيين المتسامحين المتحاورين مع الآخر الديني. ومن بعض محاور هذا المخطط التنصيري الذي يمثل رأس الحربة فيه القس سامح موريس، والذي صرخت الأوراق تحت يدي في مقالات سابقة تفضح ممارساته الشيطانية.. بعض هذه المحاور والركائز تتمثل في: 1- انتقاء شخصيات – وخصوصًا ممن يمثلون الدين الإسلامي – ممن يتسمون بالضعف الفكري وضحالة المضمون الديني، بحيث يقصرون عن إيصال رسالة صحيحة وصورة نقية عن الإسلام.. وفي مقابل ذلك انتقاء قساوسة بعناية فائقة ممن يتسمون بالمهارة اللغوية واللياقة الذهنية، وممن خضعوا طويلًا لعمليات إعداد وتدريب لدى جمعيات ومنظمات تنصيرية متمرسة إقليميًّا وعالميًّا. 2- تعمد زعزعة مظهر الوقار الذي يجب أن يتسم به عالم الدين الإسلامي، وذلك بدعوة أصحاب الزي الأزهري الرصين والعمامة الأزهرية التي تبدو على رءوس أصحابها تاجًا إسلاميًّا، وتعمد أن تكون الدعوة إلى أماكن لا تليق بهذا المظهر مثل (شواطئ استيلادي ماري، العين السخنة، وفندق هيلتون الإسكندرية) بالإضافة إلى الإنفاق عليهم ببذخ مبالغ فيه الذي قد يصل إلى ملايين الدولارات، وتكون وجوه الإنفاق في توافه الأمور و(عفونة البطن).. ثم – وفي غمرة انهماك هؤلاء (المشايخ الأدعياء) فيما لا يليق بالزي الأزهري ولا بالعمامة الأزهرية يقومون بتصويرهم في أوضاع ومظاهر تمس هذه الهيبة الأزهرية، لاستغلال ذلك بما يمس الإسلام ورموزه وأركان عقيدته. 3- الاستثمار الشيطاني لتردي الحالة المادية لبعض هؤلاء المشايخ وأئمة المساجد، فيمنحونهم (الأظرف المغلقة) وبداخلها ما بداخلها، كل حسب ما يمثله للكنيسة من مغنم إذا ما كان تأثيره في صورة الإسلام سلبيًّا... وذلك في مقابل غير معلن يؤدي فيه المشايخ ما هو مفروض عليهم بمقتضاه وهو غض الطرف عما يتم تمريره في تلك المؤتمرات واللقاءات والمنتديات من أفكار تتصادم مع حقائق الإسلام وثوابته ورموزه.. وإذا شئنا أن نضرب مثلًا حيًّا على ذلك الكلام فإنني يحضرني محمود عاشور، ومن شاء كشفًا للمثل فليسأله ماذا كان يفعل في (استيلادي ماري). والمثل الأحدث الذي ندلل به في هذا السياق هو (مظهر شيخ قصر دوبارة عمر مكرم) حيث غرق حتى أذنيه وانساق (عالمًا أو جاهلًا مغيبًا) في مخططهم المشبوه لتنصير مصر، فصار يحضر لقاءات أسبوعية لمرتدين عن الإسلام ويسكت عن أباطيل تذكر في هذه اللقاءات وتمس جوهر الإسلام لا مظاهره.. وأتساءل: ماذا وجد مظهر من نقص في قيم وتعاليم الإسلام وأزهره العريق فأراد استكماله من عند شيخه سامح موريس؟؟!! إن قرار فضيلة وزير الأوقاف بمنع هذا الدعي المتلاعب بالأحكام الشرعية من الخطابة ووقفه عن العمل كان فيه شيء من الانتصاف لمقام وهيبة الأزهر الشريف، بعد أن أساء إليه ما أساء هذا الخطيب العيي الذي أراد – ذرًّا للرماد في الأعين – رسم صورة لنفسه لدى جموع الناس ممن لا يعرفون عنه هذه المخازي، فقام – في حمى إنشاء اللجان والائتلافات والجبهات – بإنشاء ما يسمى بجبهة حماية الأزهر، ونتساءل: حماية الأزهر ممن؟!.. أممن كان الأزهر منارة علمهم وحصن إسلامهم، أم أن الواجب الشرعي أن يحمى الأزهر من أصدقائك في كنيسة قصر الدوبارة؟!! إن هذه الحيلة التي يحتال بها مظهر شاهين على البسطاء من الناس قد ساعده فيها إعلام التفاهات، إعلام (الكستور والدبلان والدمور والبراغيث).. أما أزهر مصر العريق والأزهريون النجباء، وعلى رأسهم الشيخ الأجل، فإنهم جميعًا يبرءون منك ومن أفاعيلك، لأنهم أصحاب الأيدي الطاهرة والأنفس الزاكية الزكية، التي لا تهفو ولا يسيل لعابها لأجل مسبحة ذهبية أو قلم ذهبي أو دولارات أو يورو ولا حتى الجنيه المصري الغلبان!!