رحب عدد من الخبراء الاستراتيجيين بمطالبة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بإخضاع الأجهزة السيادية للدولة لاسيما جهاز المخابرات العامة، لكنهم شددوا على ضرورة وضع معايير وتشكيل لجان متخصصة من مجلس النواب لتولي تلك المهمة باعتبارها إحدى معطيات الأمن القومي ولا يجوز الإفصاح عن سرية بعض المعلومات إلا بتنظيم قانون تداول المعلومات. وقال الخبير الاستراتيجي اللواء عبد المنعم كاطو، إن مسألة الرقابة على الأجهزة السيادية لدولة مثل جهاز المخابرات العامة هو موازٍ للرقابة على مهام القوات المسلحة طبقًا لما يحدده الدستور الجديد للبلاد، مشددًا على أهمية تشكيل لجنة مصغرة من لجنة الأمن القومي بمجلس النواب القادم لتتولي المهام الرقابية على الأجهزة السيادية مع ضرورة أن تكون في إطار السرية والدقة في المحافظة عليها. كما شدد كاطو على ضرورة وضع معايير محددة لطبيعة المعلومات التي يمكن أن يتم الإفصاح عنها إعلاميًّا وفقا لقانون تداول المعلومات الذي من المقرر أن يناقشه وبصدره مجلس النواب القادم لتفعيل مواد الدستور في هذا الشأن، مؤكدًا أن معظم من يطالبون بالإفصاح عن معلومات حول تلك الأجهزة ليسوا على دراية بمعطيات الأمن القومي لأنها شديدة الحساسية والخصوصية ولا يجوز تداولها أو الإفصاح عنها بشكل كامل. ورحب اللواء قدري السعيد، رئيس وحدة الشئون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمضمون الرقابة المالية على أجهزة الدولة السيادية كالمخابرات والقوات المسلحة، مع ضرورة أن تحدد الدولة طبيعة الرقابة والأجهزة والمؤسسات التي تقوم بها. وأوضح السعيد أن مصر مقبلة على فترة جديدة بعد كتابة دستور جديد ينظم جميع مسائل الدولة وشئونها، واصفًا الرقابة على أجهزة الدولة بالمهمة، خاصة أن الفترة الماضية لم يكن بها رقابة وكانت تعد أحد الأسرار العسكرية للدولة ولا يجوز المكاشفة عنها حيث كان يعقد مجلس الشعب اجتماعًا كل عام لبحث الأمور دون أن يكون هناك أي جديد يذكر. وأشار إلى أن هذه الرقابة معمول بها في دول العالم المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الأوروبية، بما يسمح أيضًا بتداول المعلومات العسكرية شديدة الحساسية عبر مواقعها الإلكترونية وأجهزة الإعلام لديها، لكنه أشار إلى ضرورة أنَّّ تخضع تلك الآليات إلى قانون تداول المعلومات، الذي من المقرر إقراره في مجلس النواب القادم، مطالبًا بضرورة أن يتم وضع معايير محددة لتلك المعلومات التي لا يمكن الإفصاح عنها مثل تفاصيل موازنات الخطط العسكرية وتكلفتها باعتبارها مصدرًا معلوماتيًّا لبعض الأطراف، وأن يتم قياس مدى خطورة تلك المعلومات من عدمها وهو ما يجب أن تتم مناقشته من خلال المختصين. فيما قال الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، إن المطالبة بإخضاع «المخابرات العامة» والأجهزة السيادية لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات هو أمر طبيعى وذلك طبقا للدستور الجديد، مشيرًا إلى أنه لا يوجد ما يمنع أن يتم إخضاع جهاز المخابرات العامة للرقابة خاصة أنه من أهم الأجهزة فى البلد والتى يجب مراقبتها بشكل جيد. وأكد الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، أن فكرة المطالبة بإخضاع المخابرات العامة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات يحتاج إلى أن يتمتع الجهاز المركزى بالاستقلالية التامة والحيادية وحصانة أعضائه وألا يكونوا معرضين للعزل من مناصبهم. وأشار إلى أنه فى حالة ما إذا كان الجهاز المركزى للمحاسبات مازال تابعًا لرئيس الجمهورية طبقا للدستور، فبالتالى لا يحق له مراقبة جهاز المخابرات، مؤكدًا أننا نحتاج إلى تعديل فى القانون لكى يسمح باستقلالية الجهاز المركزى للمحاسبات عن رئيس الجمهورية حتى يقوم بأداء عمله بكل حيادية تامة تمكنه من مراقبة كل الأجهزة السيادية بما فيها المخابرات العامة.