ياقضاة مصر : * هل ياترى قد استقر فى وجدانكم وفى أعماق ضمائركم وفى سويداء قلوبكم أن شعب مصر قد قام بثورة عارمة ضد نظام فاشي ظالم مستبد..؟ وأن شعب مصر يحملكم دماء قد سالت فلا تهدروها... وحقوق قد اغتصبت فلا تضيعوها... وملفات قد زورت فلا تطمسوها... ومليارات قد نهبت وهربت فلا تخفوها... وحقوق قد ضاعت فلا تمحوها...! هل أنتم على مستوى هذه المسئوليات الجسام...؟ وهل تعلمون أن الله قد لعن أقواما ضاع الحق بينهم...؟ فالحق ... الحق ... ياقضاة مصر . ياقضاة مصر : * اعلموا علم اليقين أن الرب لايموت والجزاء لايفوت...! قولوا ماشئتم واحكموا كيف شئتم وافعلوا ماشئتم فكما تدين تدان. ومن سره منكم الفساد ... ساءه يوم المعاد. ودرهم من حلال ينفع ودينار من حرام يضر...!. ومن نصر منكم الحق لم يقهر ومن نصر منكم الباطل لم يظفر . و من عرف منكم الحق وتجنبه حرم التوفيق وضل الطريق. ومن أرضى منكم سلطانا جائرا أغضب ربا قادرا. و من استغنى منكم بالله عن الناس أمن عوارض الإفلاس..! وأي إفلاس واى عرى...؟ انه الإفلاس من الحق والعرى من ثوب الفضيلة...! ياقضاة مصر : * إذا أراد الله بعبده شرا حبب إليه المال وبسط له الآمال وشغله بدنياه ووكله إلى هواه فركب الفساد وظلم العباد . فإياكم وظلم العباد ومجاملة السلطان ولاسيما إن كان سلطانا جائرا باغيا افسد في الأرض وجعل أعزة أهلها أذلة . وجرف الأرض ولوث العرض وحرف الحق ونصر الباطل وكان كالخنجر المسموم فى ظهر الوطن المحزون المكلوم. * ياقضاة مصر: اعلموا أن رأس الشر الميل إلى الباطل ورأس الغنى التمسك بالحق. واعلموا أن الباطل كشبكة الصياد خيوطه ملتفة ومتشابكة ومتداخلة ولاتعرف كيف تخلصها من بعضها فلا تجعلوها تلتف حول رقابكم فتهلككم كما أهلكت الذين من قبلكم. وويل لقاضى الأرض من قاضى السماء...! فلايغرنكم أن رقاب الناس تحت أيديكم فغدا رقابكم بين يدى الله واعلموا أن اثنين منكم فى النار وواحد فى الجنة. فكونوا من أصحاب الجنة ولاتكونوا من أصحاب النار. وتذكروا قدرة الله عليكم يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم. * ياقضاة مصر : اعدلوا فى القضية واحكموا بالسوية واخلصوا النية ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا...! لاتهدروا ثورة شعب ثار ضد الظلم ودفع الثمن غاليا من دمه ووقته وماله ونفسه. قفوا مع الحق وشدوا من أزره وساندوه واجتنبوا الباطل وأهله وقفوا فى وجه ولا تخشوا فى الله لومة لائم. واعلموا أنه من أفرج عن مجرم وأخلى سبيله بعدما تبين له الحق فهو مشارك له فى الجريمة وكلتا يديه ملطختان بالدماء ولن يغسلهما مياه الأنهار...! * ياقضاة مصر : الحق أبلج والباطل لجلج...! والعدالة ليست فى نص القانون ولكن فى ضمير القاضى. فأيقظوا ضمائركم حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. واعلموا أن ملفات حقوق العباد المظلومين المقهورين لاتسقط بالتقادم مهما علاها أكوام الرماد ومهما طواها النسيان ويأس منها الإنسان لأنه لايضيع حق ووراءه مطالب . وكما استشعرتم الحرج فى النظر فى قضية حاكم ظالم فاسد , فاستشعروا يوم أن تقفوا بين يدي الله عرايا خزايا لامال ولا سلطة ولاجاه وبينكم وبين الله تعالى قوله عز وجل " وقفوهم إنهم مسئولون " فانتم مسئولون أولا وأخيرا عن رد الحقوق إلى أصحابها . * ياقضاة مصر : أذكركم بالحكمة القائلة " ليس من طلب الباطل فأدركه كمن طلب الحق فأخطأه...! " فقد يكون أصحاب الباطل ألحن فى حجتهم وابلغ فى عرض قضيتهم فلا تنخدعوا ولا تسلموا لهم بباطلهم لأنهم يملكون المال الذى يوكلون به من لاضمير لهم من المدافعين عنهم وهم أول من يعلم أنهم مجرمون افاكون كذابون لكن المال له سحره وتأثيره وسلطته على النفوس الضعيفة المريضة وما اكترها فى زمن الأقزام. * ياقضاة مصر : من طال عدوانه زال سلطانه ومن ساء عزمه رجع إليه سهمه . ومن كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه . ومن ظلم لغيره ظلم نفسه . ومن طال تعديه كثر أعاديه. وشر الناس من كفل الظلوم وخذل المظلوم . ومن مال إلى الحق مال إليه الخلق ومن جار فى حكمه أهلكه ظلمه . فإياكم ثم إياكم أن تظلموا أو تخذلوا المظلوم ولايغرنكم حلم الله عليكم فالله يمهل ولايهمل . * ياقضاة مصر : إياكم ودعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يقول لها رب العزة " لأنصرنك ولو بعد حين...! " تنام أيها القاضى قرير العين هادئ البال مستريح الضمير والمظلوم يدعو عليك وعين الله لم تنم...! فاستيقظ وكن من غضب الله حذرا واعلم أن غضب الله يشتد على من لايجد له نصيرا غير الله. فلا تركنوا ياقضاة مصر إلى الذين ظلموا فتمسكم النار. وانظروا عن أيمانكم وعن شمائلكم ومن فوقكم ومن أسفل منكم لتروا بأعينكم مساكن الذين ظلموا أنفسهم وشعوبهم ووطنهم خاوية على عروشها تنوح فيها الغربان وتسير فى دهاليزها الديدان ....! وهاهي ....لم تسكن من بعدهم ...! فماذا تنتظرون أيها الغافلون...؟ * ياقضاة مصر : هذه نصيحتي إليكم أعذرت إليكم فيها إلى الله. فاحفظوها ولا تضيعوها واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله . اللهم بلغت ... اللهم فاشهد . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]